Qu'est-ce que le cinéma ?
ما هي السينما!: من منظور أندريه بازان
Genres
واعتقد بازان أنها كانت في القمة لأن «علم جماليات» آيزنشتاين عمل على نحو مبتكر في سياقات مأهولة بجموع مجهولة. ماذا عن السينما الروسية اليوم؟ أو أي سينما؟ لنتتبع خطة بازان «للنظر عن قرب إلى موضع السينما اليوم»، آخذين في الاعتبار أن هذا التوتر بين ما هو خام وما هو معد، وهو التوتر الذي من خلاله «يمكننا تحديد تصنيفات، إن لم يكن تراتبيات، لأسلوب السينما.»
5
يعد تحريك الصور صنفا متفوقا يضعه بعض النقاد على قمة تراتب الأساليب الفيلمية اليوم. وكما وضح لي منذ فترة قصيرة فإن «التحريك هو السينما في أنقى أشكالها»؛
6
ويرجع هذا إلى أن الصور المتحركة الحرة تتجاوز اللقطات المنتجة فوتوغرافيا التي يحد من حريتها قيد المكان والزمان الاعتياديين. وطبقا لهذا النظام الجديد، فإن كل الأفلام، وليست الأفلام المتحركة فقط، يجب مشاهدتها وتقييمها بوصفها جهودا للاستجابة للخيال، متحررة من القيود الطبيعية . فكرة بازان مضادة لفكرة «السينما في أنقى أشكالها». فنظريته عن «السينما المشوبة» تتوسط بين الإنسان والطبيعة، بين التخيلي والواقعي.
أسلاف بازان
كما سنرى، هذا التوجه مفعم بالحيوية اليوم؛ لكن قبل النظر في أمثلة من القرن الواحد والعشرين، دعونا نرجع إلى الألفاظ التي ورثها بازان، والأفلام التي أبقاها نصب عينيه أثناء رسم نمط التفكير الذي نتتبعه. أصبح بازان المولود في عام 1918، مشاهدا نهما في الوقت الذي جعل فيه ظهور السينما الناطقة الجميع حديثي الانتباه للتوتر بين الطبيعة الخام للتسجيل وشطحات الفن. كان روجيه لينارت وأندريه مالرو كلاهما، كما اعترف بازان بصراحة؛ هما الصوتان الوحيدان اللذان يستحقان الاستماع إليهما فيما يخص السينما الناطقة؛ لأن كليهما ظهرا على الساحة بعد عام 1930. كان بازان طالبا في المرحلة الثانوية حينما فاز مالرو بجائزة جونكور عن روايته «قدر الإنسان»، وكان في الجامعة حينما نشرت رواية «أمل الإنسان»، وعرض الفيلم المقتبس منها في السينما (قبل حظره). وإذ أبهره تماما هذا الفنان والبطل الثوري، انضم بازان لمجموعة دراسية أسسها مالرو عام 1942 في «دار الثقافة»؛ حيث كان يدير ناديه السينمائي. لهذا السبب يمكننا التأكد من أنه التهم مقال مالرو «مخطط لسيكولوجية السينما» وقت صدوره في عام 1940، وهو مقال أوفاه بازان حقه من الذكر في حاشية مقاله عن «الأنطولوجيا». لكن بينما اعتمد بازان إجمالا على تطوير مالرو للأشكال الفنية، خاصة نظرته إلى أزمة فن الباروك، فإنه لم يكن ليقبل في النهاية الطريقة التي عامل بها مالرو السينما بالتصنيفات الفنية التقليدية.
لا بد أن بازان كان يأمل أن يكون مالرو مجددا، لكن، حتى بعد أن صنع مالرو فيلمه الثوري، لم يعزز «مخططه» إلا النظرة السائدة إلى جماليات السينما الصامتة، وحدث «ميلاد السينما بوصفها وسيلة للتعبير (لا للنسخ)» في زمن جريفيث، «حينما أصبح المصور والمخرج مستقلين عن المشهد»؛ وبذلك استطاعا معالجته بطريقة إبداعية. استهجن مالرو اختراع لوميير (الكاميرا) الذي شبهه بالفونوغراف؛ لأنه ببساطة كان يقدم على الشاشة ما سبق أن صوره على فيلم (عرض استعراضات، أو مناظر جغرافية، أو مشاهد تاريخية منشأة مجددا، أو مسرحيات، أو مباريات ملاكمة). لم تظهر «السينما» بشكل مناسب إلا بعد عام 1910، حينما بدأت بشكل منتظم في «تمثيل» مواقف، وأحداث، وقصص، من خلال الدمج بين وجهات نظر متعددة. في حالة «السينماتوغراف» (كاميرا الصور المتحركة)، يقف المشاهد في مكان مشغل الجهاز، أما في السينما، فهو يكتسب منظور المخرج الذي يرتب سلسلة من لقطات الكاميرا. يصرح مالرو بأن السينما اكتسبت شهرتها حينما خرج الإطار المقيد المبني على مسرح الحدث في النهاية إلى مجال واسع حيث يكون الحدث الحقيقي هو حدث الفنان (المصور/المخرج) الذي يتحرك هنا وهناك، ويختار ما ينظر إليه. يرتب المخرج اللقطات طبقا لرؤية تتجاوزها، سواء أكانت قصة، أم نقاشا، أم إحساسا؛ وباختصار، تقدم السينما وجهة نظر وليس مجرد منظر. ويمكن أن يحدث هذا فقط حينما يصبح المشاهد، مثل محب السينما، منفصلا بقدر كاف عن المشهد المعروض أمامه من خلال عمل الكاميرا التي تتحرك بشكل مستقل عن المشهد الذي تصوره، أو من خلال عملية تغيير اللقطة التي تعوق أي رؤية واحدة.
كتب مالرو «مخططه» وهو واقع بشدة تحت تأثير سيرجي آيزنشتاين، حيث كان فيلمه «بوتمكين» أقوى فيلم شاهده مالرو، وسبق له أن قابل مخرجه للتخطيط لفيلم مقتبس من رواية «قدر الإنسان». لكن عند النظر لفكرة «المونتاج»، لم يكن في ذهن مالرو ما يقوم به آيزنشتاين من تجميع (أو تصادم) لعناصر مختلفة، ولكن تتابع ذروات درامية مختارة من «مادة خام» ممتدة (كما يسميها). وعكس السينما الصامتة التي تقطع أحداثها فواصل داخلية معنونة، محركة المشاهد، وسامحة بالانتقال السلس إلى تسلسلات الأحلام، أو المشاهد المستعادة من الماضي، ومساعدة على تنزيل النص بطريقة ملائمة إلى المشاهد والفصول كما يحدث على خشبة المسرح، فإن الفيلم الناطق لا تناسبه الفجوات؛ فهو يؤكد، بطبيعته، الاستمرارية المتصلة للقصة عبر مسار الصورة. هذه «الاستمرارية» المفترضة تمثل أكثر المشكلات تعقيدا فيما يخص «القواطع» (الديكوبور)، وهو المصطلح الفرنسي الذي سيستنكره بازان، ويجعل (هذا المصطلح) السينما أقرب إلى الرواية منها إلى المسرح.
7
Page inconnue