Postmodernisme : Une très brève introduction
ما بعد الحداثة: مقدمة قصيرة جدا
Genres
شكل 4-13: «قصتها»، (1984) لإليزابيث موري. (هل في وسع موضوعات ما بعد الحداثة الرئيسية، التي تتمحور حول الهوية، التصالح مع أنماط التعبير الحداثية؟)
تعرض التعبيريون الجدد - والرسامون التجريديون الذين دافعت عنهم الناقدة باربرا روز - للهجوم من قبل مجموعة «أكتوبر» ما بعد الحداثية التي أعلنت «نهاية الرسم» في مقال كتبه دوجلاس كريمب (عام 1981). رأى كريمب أن إعجاب روز باتجاه (حداثي) متواصل يتسم ب «الرجعية»؛ فهو:
يقع على طرف النقيض من الأعمال الفنية التي أنتجت في الستينيات والسبعينيات ... والتي سعت إلى تحدي أساطير الفن الراقي وإعلان أن الفن - مثله مثل كل أشكال الاجتهادات الأخرى - مرهون بالعالم التاريخي الحقيقي.
شكل 4-14: «الجدة والرجل الفرنسي» («أزمة هوية»)، (1990) لروبرت كولسكوت. (ألا يتطلب التعبير عن الهوية الشخصية سردا وأسلوبا واقعيا؟)
علاوة على ذلك، هاجم كريمب في هذا السياق «أسطورة الإنسان وأيديولوجية الإنسانية التي تدعمه»؛ لأنهما «مفاهيم تساند الثقافة البرجوازية المهيمنة. وتمثل في حد ذاتها علامات على الأيديولوجية البرجوازية.» ومن ثم، هوجم الرسم التعبيري الجديد على موقفه المتحفظ من الناحية السياسية؛ لأن الفنانين يجب ألا يشيدوا عوالم بديلة ممتعة في الأعمال الفنية، بل عليهم طرح تساؤلات حول الطريقة التي شكلهم بها العالم وخطاباته، ويفضل أن يتوصلوا إلى استنتاج يفيد بأنه شكلهم في صورة ضحايا. حظي نقاد ما بعد الحداثة بأهمية تفوق أهمية الفن أو الفنانين؛ حيث إنهم انشغلوا بما بدا لهم مقبولا على المستوى السياسي أو المؤسسي، مع أن أي شخص لديه إدراك ينبغي أن يرى بوضوح ما تتسم به الأساليب الأكاديمية الأولية التي كانوا يستخدمونها من بساطة شديدة في الواقع، وسهولة التوصل إليها إذا ما تمتع المرء بتعليم جيد وبمستوى معين من الإقناع البلاغي. وهي متطلبات تقل بمراحل عن مستوى الموهبة الذي كان مطلوبا لإنتاج أي نوع من الأعمال الفنية في الحقبة السابقة، لكن هدفها الرئيسي هو تأسيس معارضة نقدية، تدعمها النظرية الحالية. يمكن اعتبار قدر كبير من نقد ما بعد الحداثة انتقاما سياسيا توجهه الأكاديمية نحو أساليب الفن الرئيسية ووسائل إمتاعه؛ ومن ثم، يمكن اعتباره أيضا - كما سأزعم فيما بعد - دفاعا عن أسلوب محدود للغاية داخل الفنون الأدبية والموسيقية والمرئية المتنوعة تنوعا استثنائيا في هذه الفترة، وسأتناول هذا السياق الأشمل في الفصل التالي.
الفصل الخامس
«حالة ما بعد الحداثة»
الثقة في الحقيقة
يمكن تلخيص أحد الأفكار الرئيسية في جميع ما سبق تحت مسمى «ضياع الواقعية»، الذي صحبه ضياع إدراك يعول عليه للتاريخ الماضي. وقد أشار فريدريك جيمسون بالفعل إلى طابع يميز ما بعد الحداثة؛ ألا وهو «اختفاء الوعي بالتاريخ» في الثقافة، وتوغل اللاعمق، وسيادة «حاضر أبدي» حيث تلاشت ذكرى التراث. يؤمن العديد من أتباع ما بعد الحداثة بأن ثمة مكونا ما في حالة المجتمع ذاتها هو ما أدى إلى ذلك.
كما شهدنا من قبل، يهاجم جزء كبير من تحليل ما بعد الحداثة السلطة والمصداقية في الفلسفة والسرد وعلاقة الفنون بالحقيقة. ويرتبط كل هذا النشاط التشكيكي بعلاقة معقدة، لا مع مواقف الأكاديميين والفنانين فحسب، بل كذلك مع ما اعتبر أنه فقدان أوسع نطاقا للثقة داخل الثقافة الديمقراطية الغربية، نتج عن العداء اليساري للألاعيب الخفية التي تمارسها «الرأسمالية المتأخرة»، والاعتقاد العام تقريبا - السائد حتى بين أشد الليبراليين تفاؤلا - بأن الأخبار الحقيقية هي في أغلب الأحيان خاضعة لتلاعب الصور، وأن بث المعلومات الأساسية دائما ما يحرف وتشوه حقائقه بفعل الشركات التجارية التي تحمي مصالحها، وحتى الأحداث الجارية المروعة - التي تتسبب في معاناة لا يمكن تصورها للأفراد مثل حرب فيتنام وحرب الخليج - قد أصبحت بطريقة ما مجرد «أحداث ممسرحة لوسائل الإعلام تدور على شاشة التليفزيون» في مشاهد تجمعها الكاميرات لأهداف سياسية، مثل مشهد القناص الذي يحمل الكاميرا على كتفه، بينما يأمل ملقو الخطب في حديقة البيت الأبيض أن تتحسن الأحوال ... إلى آخره. يسود شعور قوي - في أعمال نقاد مثل بارت وفي روايات ميلان كونديرا ورشدي - بأن الحدث التاريخي والسياسي دائما ما يصلنا في صيغة متخيلة أو في صورة سرد يتلاعب به ما قد نطلق عليه اليد الخفية للمصالح الاقتصادية أو السياسية.
Page inconnue