حكي أن ملكا من ملوك الروم اليونانيين غزا (بلاد) افريقية ، فعبر البحر إليهم فخاصر مدينة لهم زمانا طويلا ، فحاربوه على أبواب المدينة . وكان فى أصحاب ملك الروم رجل يقال له أرسلاوس لم يدرك مثله في النجدة ، وكان فد عتب على الملك في بعض أموره فاعتزل الحرب . وكان في أهل مدينة افريقية جل يقال له أقطر فى غابة النجدة ، وكان لايخرج إليه رجل من الروم إلآ قتله . فبلغ ذلك ملك الروم فاحتال على أرسلاوس بأن قال لأخ له : لو ركبت فرس أرسلاوس وخرجت إلى أقطر ، رجونا أن تقتله فتريحنا منه ، فاختدعوه . فلبس أخوه سلاحه وشهرة(1) كان أرسلاوس يعرف بها ، ثم خرج إلى أقطر فقتله . فقالت الروم لأرسلاوس : إن أقطر قتل أخاك . فغضب ودعا بسلاحه وفرسه ، م خرج إلى أقطر فبارزه فقتله أرسلاوس . ففت ذلك فى عضد أهل افريقية . تقال أرسلاوس للملك :إنى لا يقنعنى من القوم بعد قتل أخى إلا الاستباحة فقلدنى الرأى ، فقلده الملك ذلك . فأمر الصناع فعملوا مثال فرس عظيم أجوف، مم نقشوه بالذهب وفصصوه بألوان الحجارة ، وجعلوا مقدار ما يسع جوفه مائة رجل، وجعل له عحلا نحرد عليها وبابا بدخل منه الرجال خفيا . ثم قال رسلاوس للملك : ارسل إلى أهل المدينة بقول يطمئنون إليه ولا يوجب عليك عذرا ، ثم انكشف عنهم وأوهمهم أنك راجع إلى بلدك ، و تنح تمرا كبك حتى تغيب عنهم في البحر ، فإذا جن الليل فارجع في نفر من أشد أصحابك في أسرع. سير حتى توافى القوم فى السحر . وخلف هذا الفرس فإنى أرجو أن أدخله في مائة رجل من ثقاتك .
فراسل الملك أهل المدينة ، فأحبو((2) الصلح فأطمعهم فيه ، وقبل منهم شيئا أهدوه له ، وقال لهم : إنى كنت معتزما على أن لا أبرح حتى أخرب
Page 27