اما الأقطع فدخل على عبد الملك فقال : أصلح الله الأمير ، أرجو أن كون قد ظفرت بالحصن ، قال : وكيف ذاك ؟ قال : إذا كان في ليلة كذا ، فوجه ألف فارس ليكونوا بقرب الحصن ، فإنى أرجو أن أفتحه لهم . قال عبد الملك : وكيف ذاك ؟ قال الأقطع : إن خبرتك الخبر ففشا لم آمن بطلانه . قال عبد الملك : فأنت وما تدبر .
فلما كان في اليوم الذى وعد فيه صاحب الحصن للصيد ، حمل بازه وخرج الهوعد ، فوافاه الرومى لموعده . فتصيدا ويحادثا نهارهما ، ثم سأله الرومى أن نصرف معه إلى منزله ليبيت عنده ، فأجايه إلى ذلك . فمضيا حتى دخلا الحصن ممسيين . فقال الاقطع للرومى : إن العرب بقربك فينبغى أن تكون على حدر، وأن تكون مفاتيح الحصن عندك . قال : هى عند بواب الحصن وهو ثقة ، قال له : فاخرج بنا حتى نطيف بالحرس (11) ويغلق الأبواب يحضرتنا . ففعل الرومى ذلك . فجعل الأقطع يقول للبواب بالرومية : احذر مكرالعرب ، ويشتمهم ويننقصهم . وعرف موضع البواب ومبيته ثم انصرفا . فلما باتا ، انسل الاقطع في آخر الليل إلى بواب الحصن فخحر رأسه وأخذ المفاتيح ففتح الأبواب ، وتسمع ، فسمع حيل عبد الملك ، فخرج إليهم فأدخلهم الحصن ، فلم يعلم أهله إلا بالمسلمين معهم السيوف ، فأخذ الحصن واستبيح مافيه .
Page 23