لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح
للخطيب التبريزي (ت: ٧٤١ هـ)
تأليف العلامة المحدث عبد الحق الدهلوي
عبد الحق بن سيف الدين بن سعد اللَّه البخاري الدهلوي الحنفي
المولود بدهلي في الهند سنة (٩٥٨ هـ) والمتوفى بها سنة (١٠٥٢ هـ) رحمه اللَّه تعالى
تحقيق وتعليق الأستاذ الدكتور تقي الدين الندوي
طبع على نفقة سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان
ممثل صاحب السمو رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة
المجلد الأول
دار النوادر
1 / 1
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 2
لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح (١)
1 / 3
دار النوادر
المؤسس والمالك نور الدين طالب
مؤسسة ثقافية علمية تُعنى بالتراث العربي والإسلامي والدراسات الأكاديمية والجامعية المتخصصة بالعلوم الشرعية واللغوية والإنسانية تأسست في دمشق سنة ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠٢ م، وأُشهرت سنة ١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٦ م.
سوريا - دمشق - الحلبوني:
ص. ب: ٣٤٣٠٦
جميع الحقوق محفوظة للمحقق
يمنع طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه بكافة طرق الطبع والتصوير والنقل والترجمة والتسجيل المرئي أو المسموع أو استخدامه حاسوبيًا بكافة أنواع الاستخدام وغير ذلك من الحقوق الفكرية والمادية إلا بإذن خطي من المؤسسة.
الطبعة الأولى
١٤٢٥ هـ - ٢٠١٤ م
E-mail: [email protected]
Website: www.daralnawader.com
شركات شقيقة
دار النوادر اللبنانية - لبنان - بيروت - ص. ب: ١٤/ ٤٤٦٢ - هاتف: ٦٥٢٥٢٨ - فاكس: ٦٥٢٥٢٩ (٠٠٩٦١١)
دار النوادر الكويتية - الكويت - ص. ب: ١٠٠٨ - هاتف: ٢٢٤٥٣٢٣٢ - فاكس: ٢٢٤٥٣٣٢٣ (٠٠٩٦٥)
دار النوادر التونسية - تونس - ص. ب: ١٠٦ (أريانة) - هاتف: ٧٠٧٢٥٥٤٦ - فاكس: ٧٠٧٢٥٥٤٧ (٠٠٢١٦)
مركز الشيخ أبي الحسن الندوي للبحوث والدراسات الإسلامية
مظفرفور - أعظم جراه - يوبي - الهند
الهاتف: ٥٤٦٢٢٧٠١٠٤ - ٠٠٩١
الفاكس: ٥٤٦٢٢٧٠٧٨٦ - ٠٠٩١
متحرك: ٩٤٥٠٨٧٦٤٦٥ - ٠٠٩١
البريد الإلكتروني: [email protected]
1 / 4
المقدمات
* تقديم الأستاذ الدكتور عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي (الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي).
* تقديم الشيخ محمد الرابع الحسني الندوي (رئيس دار العلوم لندوة العلماء لكناؤ الهند).
* تقديم الأستاذ الدكتور موفق بن عبد اللَّه بن عبد القادر (جامعة أم القرى - مكة المكرمة).
* تقديم المحدث الفقيه الشيخ محمد تقي العثماني (شيخ الحديث بجامعة دار العلوم كراتشي في باكستان).
* مقدمة المحقق:
- ترجمة الإمام المحدث عبد الحق البخاري الدهلوي.
- ترجمة صاحب المشكاة.
- صور المخطوطات.
* مقدمة اللمعات.
* مقدمة في بيان بعض مصطلحات علم الحديث.
* مقدمة المشكاة.
1 / 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تقديم بقلم: أ. د. عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ التُّرْكِيِّ (الأمِيْنِ العَامِّ لِرَابِطَةِ العَالَمِ الإسْلَامِيِّ)
الحمد للَّه رب العالمين، وصلى اللَّه وسلم وبارك على نبينا المصطفى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فإن الصلة بين الأقطار الإسلامية المتباعدة، لم تكن في الأزمنة الغابرة بشيء من الأسباب أشدَّ قوة، ولا أمتنَ، منها بحبل العلم وأهله؛ فقد كانت الأبصار ترصد في المسالك إلى الأمصار، ورثة الأنبياء يتجشمون وعثاء الأسفار، مستعذبيها في سبيل ما يطلبون من فنون علوم الشريعة الشريفة، وما يرجون من مُشامّة الشيوخ ولُقي الأكابر للأخذ عنهم، ووصل إسناد العلم بهم:
تَهُونُ علينا فِي المَعَالِي نُفُوسُنا ... ومَن خَطَبَ الحَسْنَاءَ لَمْ يُغْلها المَهْرُ
وبعضهم رحل بعد ما تضلع مما في بلده وتشيخ، فكانت رحلته للاطلاع والاستزادة وإفادة غيره بما عنده، كما حصل بين القاضي أبي الوليد الباجي والخطيب البغدادي في بغداد، إذ تدبجا برواية كل منهما عن صاحبه ما ليس عنده.
وكانت الكتب ترحل من بلدان مصنفيها إلى أقطار بعيدة في مدد زمنية قصيرة، مما يدل على شدة الحرص عليها، والتلهف لاقتنائها، وما أكثر ما نجد في تراجم
1 / 7
الأعلام، أن فلانًا أول من أدخل كتاب فلان إلى البلد الفلاني. وإن الحرمين الشريفين بما خصهما اللَّه تعالى به من عبادة الحج والعمرة، وتضاعف الصلاة وفضل السكنى والمجاورة، صارا مجمعًا للعلم تجبى إليه الكتب والمصنفات من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، ويلتقي فيه وعاة العلم ورواته من كل مشرق ومغرب، فيحصل بذلك من النفع والفوائد العلمية ما يتجافى عن الحصر، مما صورته كتب أثبات الأسانيد العلمية، والرحلات، والتواريخ، وتراجم أعلام الحرمين الشريفين من أهلهما والطارئين عليهما.
وبهذا الحبل المكي والمدني، الواصل بين أعلام العالم الإسلامي، اتصل بعض علماء شبه القارة الهندية، فاستفادوا من علماء الحرمين الشريفين ثم عادوا إلى بلادهم فأفادوا. ومن أبرزهم نجمان ساطعان دهلويان، بزغ أحدهما في القرن الحادي عشر، وهو عبد الحق بن سيف الدين بن سعد اللَّه البخاري الدهلوي (ت: ١٠٥٢ هـ)، وبزغ الآخر في القرن الذي بعده، وهو أحمد بن عبد الرحيم العمري الدهلوي، المشهور بشاه ولي اللَّه (ت: ١١٧٦ هـ).
وقد كان لهذين الرجلين رحمهما اللَّه فضل كبير على أهل الهند، في تجديد علوم الشريعة ولا سيما في علوم الحديث التي كان الناس قد عزفوا عن الاشتغال بها، دهرًا طويلًا، وأولعوا بالعلوم العقلية والوضعية.
ولئن كان للشيخ عبد الحق فضل السبق بحكم التقدم الزمني، حيث كان أول من نشر علم الحديث بأرض الهند تصنيفًا وتدريسًا، كما وصفه صاحب نزهة الخواطر في ترجمته، فإن للعلامة شاه ولي اللَّه شهرة لا تدانيها شهرة أحد من أهل تلك الديار، قبله ولا بعده إلى عهدنا هذا، تقررت له من جهة سعة علمه وتبحره في الكثير من الفنون، وتميزه بإعمال آلة الاجتهاد التي أظهرت إبداعًا واضحًا في مصنفاته، وفي آثاره التي تمثلت في كثرة كتبه ونجابة تلاميذه؛ فإن عددًا كبيرًا من أعلام الهند من
1 / 8
بعده من رجال العلم والدعوة والإصلاح، يرتبطون بولي اللَّه وأسرته التي كانت منارة علم وصلاح إلى عهد قريب.
والذي يلفت النظر في السيرة العلمية لهذين العالمين، ذلك الجزء الذي يتصل منها برحلتهما إلى الحرمين الشريفين، لأداء الحج والمجاورة حينًا من الدهر في طلب العلم. فقد كان لتلك الرحلة وذلك التتلمذ أثر بارز في صقل الموهبة العلمية لديهما، والتضلع من العلوم النقلية الأثرية، وفي مقدمتها علوم السنة والحديث التي كان الاهتمام بها بين أهل الهند، ضئيلًا إلى ذلك العهد، فقد كاد الناس يقتصرون منها على الكتاب الجامع للسنن في الترغيب والترهيب والأحكام، الذي انتخبه من دواوين السنة المشهورة، محيي السنة الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: ٥١٠ هـ) وسماه (مصابيح السنن) ثم جاء ولي الدين أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه، الشهير بالخطيب التبريزي (ت: ٧٤١ هـ) فأتم ما أغفله البغوي من عزو كل حديث لمخرجه وتسمية الصحابي الذي رواه، وسمى كتابه (مشكاة المصابيح).
وقد اتخذ الناس المشكاة إمامًا في الحديث، يحفظه الطلاب، ويقرر عليهم في المدارس، ويشرح للناس في حلق الدروس.
ولما كانت كتب السنة بحاجة إلى شروح تستخرج كنوزها، وتفسر غريب ألفاظها، وتجلي إشكالاتها المختلفة، وتكشف عن وجه دلالتها على السنن والأحكام التي استنبطها منها الفقهاء، فقد انتدب لشرح هذا الكتاب الجليل جماعة من الأفذاذ، فشرحوه شروحًا تنوعت بين الإيجاز والإسهاب، بعضها باللغة العربية وبعضها بالفارسية التي كانت سائدة في بعض الأقطار الهندية وما يتاخمها، على عهد الدولة المغولية.
ومن أشهر تلك الشروح، الشرح الذي ألفه شرف الدين الحسين بن محمد الطِّيبي (ت: ٧٤٣ هـ) شيخ التبريزي صاحب المشكاة، فقد بلغ من الأهمية بحيث اعتمد
1 / 9
عليه كثير من شراح كتب السنن الذين جاءوا من بعده، سواء في شرح هذا الكتاب كالشيخ ملا علي القاري الهروي ثم المكي (ت: ١٠١٤ هـ) أو غيره من دواوين السنة، كصاحب (عون المعبود)، وصاحب (تحفة الأحوذي)، بل أفاد منه الحافظ ابن حجر في شرح البخاري، وهو الذي وصف مؤلفه في ترجمته من الدرر الكامنة، بأنه كان آية في استخراج الدقائق من القرآن والسنة، كريمًا متواضعًا حسن المعتقد شديد الرد على الفلاسفة والمبتدعة، مظهرًا فضائحهم مع استيلائهم في بلاد المسلمين حينئذ.
ومن شروح المشكاة هذا الذي بين أيدينا، للشيخ عبد الحق الدهلوي السالف الذكر، سماه لمعات التنقيح، وكان قبل ذلك في أثناء اشتغاله بكتاب المشكاة وضع عليه تعاليق باللغة الفارسية، حتى تم له منها شرح كامل في أربعة أسفار سماه (أشعة اللمعات)، انتخب منه الشيخ محمد قلي الدهلوي (ت: ١٠٧٣ هـ) زبدة فوائده ونوادره، وأودعها في كتابه (سراج المشكاة)، ولخصه الشيخ أمين الدين بن غياث الدين محمود العمري الحنفي الجونبوري، في كتابه (المقتنيات).
ثم سنحت له سانحة أن يصنع صنيعًا شبيهًا بسالفه، يكون بالعربية، فبلغه اللَّه مأموله، وفتح له فيه من التحقيقات والتدقيقات العلمية، فوق ما فتح له في صنوه الفارسي، وهو أكبر كتبه وأحظاها عنده؛ قال عنه في دفتر مصنفاته المسمى (تأليف القلب الأليف بكتابة فهرست التواليف): وقد جاء -بتوفيق اللَّه وتأييده- كتابًا حافلًا شاملًا مفيدًا نافعًا، في شرح الأحاديث النبوية، على مُصدِرها الصلاةُ والتحية، مشتملة على تحقيقات مفيدة، وتدقيقات بديعة، وفوائد شريفة، ونِكات لطيفة.
وقد اعتنى أهل الهند بالشرح الفارسي أيما اعتناء، لكونه أخصر وأسهل عبارة وأقرب تناولًا، ولما ظهرت الطباعة طبعوه مرارًا. وأما الشرح العربي فلم يبلغ في الانتشار مبلغ صنوه، بل بقي تداوله مقتصرًا على ذوي الهمم في البحث والولوع باقتناء
1 / 10
الكتب، ولهذا السبب ظل بعيدًا عن القراء العرب، إذ لم يجد يدًا تمتد إلى طباعته في العالم العربي ونشره بينهم، حتى تنبه لذلك رئيس ندوة العلماء الحالي، سماحة الشيخ محمد الرابع الندوي -حفظه اللَّه- فأشار على أخينا الفاضل العالم المحقق الدكتور تقي الدين الندوي، أن يضطلع بهذه المهمة، فأجابه -وهو ابنُ بَجْدَتِها وأبو عُذرَتِها- وعكف على خدمة الكتاب بضع سنين، حتى أخرجه في عشرة أسفار، مضبوطًا في نصه، موشى في حواشيه بتوثيقات وتعليقات رافدة، كدأبه فيما سلف له من الكتب التي خدمها، وقدم له بمقدمة حافلة عن المؤلف وأصل الكتاب وشرحه، وختمه بفهارس متنوعة تكون مفاتيح لما انطوى عليه من معلومات. فالتحق هذا الكتاب بسوالفه المطبوعة قديمًا كشرح القاري المسمى (مرقاة المفاتيح)، أو حديثًا كشرح الطيبي المسمى (الكاشف عن حقائق السنن)، وشرح أبي الحسن المباركفوري (ت: ١٤١٤ هـ) المسمى (مرعاة المفاتيح).
رحم اللَّه البغوي في تأليف كتابه (المصابيح)، والتبريزي في تكميله، والشيخ عبد الحق الدهلوي في شرحه، وغيره من شراحه، وبارك في عمر الدكتور الندوي وأجزل له المثوبة فيما بذل من جهد في إخراج هذا الكتاب بهذه الصورة المتقنة. والحمد للَّه رب العالمين.
أ. د. عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي
الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي
مكة المكرمة في ٢٧/ ٠٩/ ١٤٣٥ هـ
* * *
1 / 11
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَقْدِيْمٌ بِقَلَمِ: سَمَاحَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الرَّابِعِ الحَسَنِيِّ النَّدْوِيِّ رَئِيْسِ نَدْوَةِ العُلَمَاءِ بِالهِنْدِ
الحمد للَّه رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فلا شك أن منارة الحديث الشريف ارتفعت بجهود الإمام ولي اللَّه الدهلوي وأولاده وتلاميذه في العالم الإسلامي، ونفقت سوقه في بلاد الهند أيضًا، وقد صدرت بأقلام علماء الهند مؤلفات وشروح في كتب الحديث لا نجد لها نظيرًا في المكتبة الإسلامية العالمية، ولكن غرس الإمام المحدث عبد الحق الدهلوي جذور الحديث الشريف قبله في القرن العاشر الهجري، وهو الذي تصدى للدرس والإفادة في دار الملك دهلي وقصر همته على ذلك، وصنّف وخرّج ونشر هذا العلم الشريف على ساق الجد، فنفع اللَّه به وبعلومه كثيرًا من عباده المؤمنين، ثم إن إخلاص الشيخ المحدث عبد الحق الدهلوي وصدقه وجهوده المباركة صرفته إلى العناية بالحديث الشريف، فأثار رغبة قوية وحركة جديدة إلى مطالعته ودراسته وتدريسه وشرحه وتحشيته. واختار لمؤلفاته اللغة الفارسية السائدة في ذلك الزمان وقد جاءت تفاصيله في تقديم هذا الكتاب الذي كتبه أخونا الأستاذ الدكتور تقي الدين الندوي.
ومن جملة مؤلفاته في شرح الحديث (لمعات التنقيح شرح مشكاة المصابيح).
1 / 12
ذكر الشيخ المحدث سبب تأليفه في تقديمه على شرحه (أشعة اللمعات): لما اشتغلت بتأليف هذا الشرح ألقى اللَّه في رُوعي معاني وأسرارًا أكبر وأعظم من أن يستوعبها الشرح الفارسي، فاللَّه ﷾ وفقنا لشرحها باللغة العربية باسم (لمعات التنقيح شرح مشكاة المصابيح)، أما شرح المشكاة بالفارسية فطبع مرارًا عديدة، وصار مرجعًا للمدرسين والباحثين في شبه القارة الهندية، وأما شرح المشكاة باللغة العربية فكان بحاجة إلى تحقيق وتعليق وضبط نصوصه مع الفهارس ليقدم إلى العالم العربي والإسلامي، وكان من أعظم أماني كثير من المحدثين والعلماء أن ينشر هذا الكتاب ويطبع. وقد طلبت من أخي الأستاذ الدكتور تقي الدين الندوي أداء هذا الواجب وتحقيق هذا الأمل، فأدى هذه الرسالة على خير الوجوه. وقد صدرت بتحقيقه عدة كتب في الحديث الشريف وعلومه، كما حقق عدة شروح قيمة لأمهات كتب السنة النبوية مثل تعليقات الإمام المحدث أحمد علي السهارنفوري (ت: ١٢٩٧ هـ) على (الجامع الصحيح) للبخاري، و(بذل المجهود شرح سنن أبي داود) للشيخ المحدث خليل أحمد السهارنفوري (ت: ١٣٤٦ هـ) و(أوجز المسالك شرح موطأ مالك) للشيخ المحدث محمد زكريا بن محمد يحيى الكاندهلوي (ت: ١٤٠٢ هـ).
إن فضيلة الدكتور حفظه اللَّه تعالى خدم هذا الشرح الجليل بالتحشية والإيضاح فجاء عملًا مباركًا ذا قيمة عالية، يستحق التقدير والثناء، فإن خدمة الحديث الشريف تعدّ توفيقًا من اللَّه تعالى، وتكريمًا للذي يشتغل به، تحقيقًا لوعده تعالى بحفظ الكتاب وبيانه المبين وهو السنة النبوية المطهرة، فالذي يوفقه اللَّه تعالى لحفظ القرآن والحديث فكأنه يجعله أداة لتحقيق وعده. وهو شرف جليل جدًّا، يستحق القائم به التقدير والثناء والتهنئة، وإني أَعُدّ عمل الشيخ الدكتور تقي الدين الندوي هذا مبعث كرامة له من اللَّه تعالى، تقبله اللَّه تعالى منه وجزاه جزاءً كبيرًا.
1 / 13
أدعو اللَّه تعالى أن يجعل هذا العمل مباركًا له وينفع به سائر الطالبين.
كَتَبَهُ محمد الرابع الحسني الندوي
رئيس ندوة العلماء، لكناؤ (الهند)
١٩/ ٦/ ١٤٣٥ هـ = ٢٠/ ٤/ ٢٠١٤ م
يوم الأحد
* * *
1 / 14
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَقدِيْمٌ بِقَلَمِ: أ. د. موَفَّقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ مَكَّةُ المُكَرَّمَةُ - جَامِعَةُ أُمِّ القُرَى
الحمد للَّه ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على سَيّدِ الأولين والآخرين نبيِّنا مُحَمَّدٍ وعلى آلهِ وصحبه أجمعين.
أمّا بعد:
لقد اعتنى المُحَدِّثون عناية فائقة بشرح السُّنَّة النَّبويَّة المطهرةِ، واتبعوا في ذلكَ مناهج متنوعة تدل على عُلُوِّ الفِكْرِ، واتساع الأفقِ، فمنهم مَن صَنَّفَ في غريب الحديثِ، ومنهم مَن أَلَّفَ في النَّاسِخِ والمنسوخِ، ومنهم مَن ألَّفَ في مُشكل الآثار، ومنهم مَن ألَّف في السُّنَّةِ، ويريد بها خلاف البدْعَةِ، ومنهم مَن ألَّف في جزءٍ من الأجزاء الحديثية، والتي يُريد بها جَمع الأحاديث التي تشتمل على مُعيَّنٍ مِنَ المطالبِ، ومنهم مَن صَنَّفَ في الجوامع والمُصَنَّفات، وهي مرتبة على الأبواب الفقهية، مشتملة على السنن وما هو في حيزها، أو له تعلق بها، بعضها يُسَمَّى مُصَنَّفًا، وبعضها جامِعًا، ومنهم مَن صَنَّفَ كتبًا تعرف بـ (السنن)، وهي في اصطلاحهم: الكتب المرتبة على الأبواب الفقهية، من الإيمان، والطهارة، والصلاة، والزكاة، إلى آخرها، وليس فيها شيء من الموقوف، لأن الموقوف لا يسمى في اصطلاحهم سُنَّة، ويسمى حديثًا. . . وغير ذلِكَ مِنَ المؤلَّفات التي يطول ذِكْرها. . .
وكثير مِنَ المُصَنَّفات اتبعت عناوينَ الكُتُبِ، والأبواب، أو الفصول، التي تدلُّ
1 / 15
على المرادِ مِن الشَّرحِ والبيانِ. . .
وصنَّفَ الإمامُ الحسين بن مسعود الفرَّاء البغويّ (ت: ٥١٦ هـ) كتاب (مصابيح السُّنَّة) (١)، جمع فيها أحاديث النَّبيّ ﷺ تحت أبواب الفقه والعقيدة والأخلاق دُون ذكر الصَّحابي ولا المسند ولا الكتاب الذي خرّج الحديث. . .
ولم يذكر الإمامُ البَغَويُّ في مقدمة كتابه اسمًا صَريحًا للكتاب، بل قال: ". . . هُنَّ مصابيح الدُّجَى"، ولذا فقد اختلفت الأقوال في تسميته، فمنهم من سَمَّاه (المصابيح)، ومنهم مَن سَمَّاهُ (المصابيح في الصِّحاح والحسان)، ومنهم من أطلق عليه (المصابيح المقتبسة)، و(مصابيح السُّنَّة)، وكل هذه المسميات تدور حول المضمون العلمي للكتاب.
وقد شرح (مصابيح السُّنَّةِ) كثير من الشُّرَّاح، ذكر حاجي خليفة وبروكلمان أكثر من اثنين وأربعين شرحًا ومختصرًا وتخريجًا لهذا الكتاب (٢).
وجاء الإمام وليّ الدين أبو عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه الخطيب العُمري التبريزي، المتوفى سنة (٧٤١ هـ)، فتمم كتابه بأن ذكر اسم الصحابي والكتاب الذي خرّجه وأضاف عليه بعض الأحاديث وسماها (مشكاة المصابيح) (٣).
_________
(١) "سير أعلام النبلاء" (١٩/ ٤٤٠)، و"المعجم المفهرس" لابن حجر، برقم (١٧٢٧)، وطبع بتحقيق يوسف المرعشلي، ومحمد سليم سمارة، وجمال الذهبي، دار المعرفة، بيروت، (٤ مج)، (٢٢٣٢ ص)، وحققه أيضًا ضحى الخطيب، دار الكتب العلمية، ١٤١٩ هـ، (٢ مج).
(٢) انظر: "كشف الظنون" (ص: ١٦٩٨)، و"تاريخ الأدب العربي" (٦/ ٢٤٥).
(٣) "مشكاة المصابيح" لمحمّد بن عبد اللَّه الخَطيب التبريزي، طبع بتَحْقِيق الشيخ مُحَمَّد نَاصِر الدِّين الألباني، الطبعة الأولى (١٣٨٠ هـ - ١٩٦١ م)، المكتب الإسلامي، بيروت. وقد بلغ عدد أحاديث مشكاة المصابيح (٦٢٨٥) حديثًا.
1 / 16
واعتنى بشأن (مشكاة المصابيح) العلماء فقاموا بشرحه والتعليق عليه. . .
ولقد لقي كتاب (مشكاة المصابيح) كلّ عناية وإكرام مِن قِبَلِ عُلماء القارة الهنديَّة، فقاموا بشرحه في أكثر من شرح رائق عذبٍ متلألئ، جمعوا فيه فِكر المتقدمينَ، ومحاسِنَ المتأخرين. . .
إنَّ عُلماء هذه القارة احتفوا بالسُّنَّة النَّبويَّة أيَّما حفاية، فنالت منهم صدق الرِّعاية، فقاموا بخدمتها عبر السنين الطوال، ولا عجب في ذلك، فروح الكرم فيهم نزاعة، وروح المبرة فيهم مستمرة، وحبهم للسُّنَّة مُخيم لا ينقطع، وهذا من تمام الدِّين. . .
ومن هؤلاء الشُّرَّاح الشَّيخ عبد الحقّ بن سيف الدِّين الدَّهْلوي (٩٥٨ - ١٠٥٢ هـ)، رحمه اللَّهُ تعالى مؤلِّف كتاب (لمعات التَّنقيح في شرح مشكاة المصابيح) كانَ مُحَدِّثَ الهند في عصره، جاور في الحرمين الشَّريفين أربع سنوات، فنال جزيل الأجرِ، وأخذ عن علمائها، فقصدهُ النَّاسُ وائتموا به، كانَ واسع النَّفَس، ذو باعٍ طويلٍ، كتبَ بالعربية، والفارسيَّةِ، وقيلَ: بلغت مُصنَّفاته مئة مُجلَّدٍ، كان بارعا بالحديثِ وعلومهِ، عارفًا بالمسائل واختلاف العلماء والفتاوى، قدمهُ عُلماء بلدهِ، وزارهُ الأمراءُ والأشرافُ، وأثنَى عليه غيرهم من عُلماء الدِّيار الإسلاميَّة. . .
بلغ التّسعينَ من عُمُرهِ، وكان يتمتعُ بالصِّحَّةِ وروح الشَّبابِ، وللَّهِ في خلْقِهِ أسرار. . .
وكتابهُ (لمعات التَّنقيح في شرح مشكاة المصابيح)، هو واحد من الشروح التي أثنى عليها عدد من أهل العلمِ. . . شرحٌ عذبٌ لباغي الحديثِ وطالبِ السُّنَّة، تشرق منه الفوائد، وتغيبُ فيه الغوامض، وتُرْتَشفُ من ثناياه الدُّرر، فيكرع طلاب العلم من زلاله العذبِ، فتخصب العقول، ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ
1 / 17
أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [فاطر: ١٢]. . . .
إنَّ هذا الشَّرح كنزٌ مِن كنوز الدَّهرِ، ثقيلةٌ مؤنتهُ، خفيفةٌ حمولتهُ، وسطٌ بينَ الشُّروح، و"البَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطّعَامِ، فكُلُوا مِنْ حَافتَيْهِ". . .
وأمَّا مُحقق الكتابِ، فهو الشَّيخُ الأستاذ الدكتور، تَقيُّ الدِّين النَّدويّ، سَمعتُ به وعرفتهُ من خلالِ كُتُبهِ النَّافعةِ، قَدِمَ لمكة المُكَرَّمَةِ مُعتمرًا في شَهْرِ رَمَضَان المبارك، فاتصل بني رَاغبًا مُخاطبًا. . . فطرتُ كأني قانص طيرٍ، فلمَّا رأيتُه وقع في قلبي "طُوبَى لِمَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ". . . واستضفتُهُ في دَارِنا فجلسنا وتحدثنا، فرأيتُ رجلًا مُتقدِّمًا بالسِّنِّ والفضلِ، وصِناعَةِ الحديثِ، عَيْنًا من عيون الهندِ، تاريخهُ تاريخ العلماء ورواةِ الآثار. . . فقلتُ: النَّاس سابق أو مسبوقٌ، وأنا أرتقب الفرصة لألج بابَها، فطلبتُ منه الإجازة في الحديث عن شيوخه، فلم يبخل بجوابهِ، ومدَّ يدهُ الكريمة فأخذَ القَلمَ وجَمع الكَلم، وما جف المداد حتَّى نلتُ المراد البعيد. . .
نَعم سُررت، فقد أجازني بمروياته قبلهُ شيخنا العلامة أبو الحسن النَّدويّ رحمه اللَّه تعالى، فكان العهد المعقودُ بالإجازة والسَّماعِ للأسانيد الهنديَّةِ، نسأل اللَّه تعالى أن نكون ممن نستحق أن يُسند إلينا باللِّقاءِ والإجازة. . .
إنَّ تحقيق ونشر كُتُب التُّراث على مشقته قد غَلبَ على قلبِ الشَّيخ النَّدويّ، وزيَّنَ عقلهُ، فهو يتقلُبُ فيه، ويمشي مَعهُ، ولا عجب في ذلكَ فقد نشأ الشَّيخ وترعرع وهو يكتب الحديثَ ويسعى فيه ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: ١٨]. . .
لقد اعتنى الشَّيخُ يحفظه اللَّه تعالى في تحقيق كتاب (لمعات التَّنقيح في شرح
1 / 18
مشكاة المصابيح)، فَوَفَّر الأصول الخطية لهُ، وسارَ على نهج النَّص المُختار، وعارض بينَ النُّسخِ المتعددة، وأعادَ النَّظر أكثر مِن مَرَّةٍ، لتجنبِ الخطأ والخلافات والتَّفاوتِ التي تقع أحيانًا بينَ النُّسَخِ. . . واستعان بفريق يعينهُ، وَمَنَحَ طبعته هذهِ مميزات: من تعليقٍ نافعٍ، وتخريجٍ موجزٍ، وتعريفٍ للأعلامِ، مقرونة بمقدمة ماتعةٍ عن الكتابِ ومؤلِّفهِ. . .
فجزى اللَّه الشَّيخ تقي الدِّين خير الجزاء، وبارك في أعماله وجهده. . .
والشُّكر موصول لِمَن أعانَ الشَّيخ وسَعَى في طباعة الكتابِ ونشره، وقد قال عُرْوَةُ بنُ الزُّبير: "الشُّكر وإنْ قل، ثمنٌ لكل نوال وإنْ جَل". . .
وأختم هذه المقدمة بحديث عَائِشَة ﵂: أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا رَأَى الْغَيْثَ قَالَ: "اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا" (١).
واللَّه تعالى الموفق والهادي إلى سواء السَّبيل. . .
كَتَبَهُ أ. د. موفق بن عبد اللَّه بن عبد القادر
مكة المكرمة - جامعة أم القرى - قسم الكتاب والسنة
حرر في: ٩/ ٨/ ١٤٣٥ هـ
* * *
_________
(١) أخرجه أبو داود (٥٠٩٩)، وابن ماجه (٣٨٩٠).
1 / 19
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَقْدِيمٌ بِقَلَمِ: فَضِيلَةِ الأُسْتَاذِ المُحَدِّثِ الفَقِيْهِ الشَّيْخِ مُحَمَّد تَقِي العُثْمَانِيِّ شَيْخِ الحَدِيثِ بِجَامِعَةِ دَارِ العُلُومِ كراتشي في باكستان
الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى كل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمّا بعد:
فإن علماء شبه القارة الهندية لهم خدمات جليلة في جميع العلوم الإسلاميّة والعربيّة، دراسة وتدريسًا وتأليفًا. واهتمامهم بعلوم القرآن والسنة أنشأ من المؤلفات في علم التفسير والحديث ما يملأ المكتبات، ولكنّ معظم هذه المؤلفات لم تزل مقتصرة على البلاد الهندية، ومختفية عن أنظار أهل العلم خارجها، ولم يبلغ إليهم إلا عدد قليل. وذلك أوّلًا لقلّة وسائل الاتصال في الماضي، وثانيًا لأن مستوى الطباعة والنشر في بلاد شبه القارة كان ضعيفًا -ولا يزال- بالنسبة إلى البلاد العربيّة.
وجزى اللَّه ﷾ فضيلة العلامة الشيخ تقي الدين الندوي حفظه اللَّه تعالى أنّه أولى اهتمامه البالغ لإخراج هذه الكنوز المخبوءة إلى حيّز النشر مراعيًا في ذلك المذاق المعاصر لإخراجها في حُلّة قشيبة من الطّباعة بعد تحقيق واف لضبط نصوصها. فقد وفّقه اللَّه تعالى لنشر (بذل المجهود) و(أوجز المسالك) و(إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء) وعدّة كتب أخرى.
وهو الآن في سبيل كتاب قيّم آخر من تراثنا الثّمين، ألا وهو (لمعات التنقيح،
1 / 20
شرح مشكاة المصابيح) للعلاّمة المحدّث الكبير الشّيخ عبد الحقّ المحدث الدهلويّ رحمه اللَّه تعالى من علماء القرن العاشر والمتوفّى في بداية القرن الحادي عشر. وهو الّذي حصل على علم الحديث من مشايخه في مكة المكرمة، ثمّ جاء به إلى الهند، واشتهر بأنّه أول من أتى بعلم الحديث إلى هذه البلاد. والحقّ أن علم الحديث كان متداولًا في الهند بفضل علماء المسند والكَجرات منذ قديم، ولكن الشيخ رحمه اللَّه تعالى جاء به في المناطق الشمالية من الهند، وفى عاصمتها دلهي، فالظّاهر أنه أول من شرع بتدريس الحديث فيها، بعد ما كان النّاس فيها مُكبّين على العلوم العقلية فقط، ولم تكن لهم بضاعة في علم الحديث. فوفق اللَّه تعالى الشيخ رحمه اللَّه تعالى لملء هذه الدّيار بالسنّة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام.
وإنّ كتاب (مشكاة المصابيح) للخطيب التبريزي رحمه اللَّه تعالى كما يعرفه أهل العلم من أحسن مجموعات الحديث فإنّ دراسته تُمِدّ طلبة العلم بمعرفة مضمون معظم الأحاديث النبوية التي تتعلق بحياة الإنسان العملية. ولذاك تصدى جمع كبير من العلماء لشرحه، ومنهم معاصر مؤلف المشكاة العلاّمة الطّيبيّ، والعلامة الشيخ المنلا علي القاري وغيرهما.
وإنّ (مشكاة المصابيح) لم تزل من المقررات الدراسية في المدارس الدينية في شبه القارة الهندية.
وإن الشيخ عبد الحق المحدث الدهلويّ رحمه اللَّه تعالى ألّف شرحه أولًا باللغة الفارسية باسم (أشعة اللمعات) ثم ألّف شرحًا عربيًا باسم (لمعات التنقيح) وذكر بنفسه أنّه أتى في شرحه العربيّ بمضامين لم يستطع أن يأتي بها في الشرح الفارسيّ، لكونها فوق إدراك العامّة. وكنت أثناء تدريسي لـ (مشكاة المصابيح) أنتفع بشرحيه جميعًا،
1 / 21