Le mystère d'Ishtar : la déesse, l'origine de la religion et du mythe
لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة
Genres
ها هو يغيب، ها هو يغيب في حضن الأرض،
سيغمر عالم الأموات بالخيرات العميمة،
امض إلى الأرض البعيدة خلف مدى الأبصار.
30
فرغم أن الأساطير المدونة لعصر الكتابة تظهر أحيانا، أن الإله الابن قد هبط إلى العالم الأسفل مرغما، كما هو حال بيرسفوني التي اختطفها هاديس، ودوموزي الذي اختطفته عفاريت العالم الأسفل، إلا أن جوهر الاختيار يكمن عند المستويات السرانية للأسطورة، ويعبر عن نفسه في النصوص الطقسية التي لم يمسها كبير تحوير، كالنص الذي أوردته أعلاه. وها هو السيد المسيح، آخر إله ابن في سلسلة الآلهة المتناسلة من الابن-القمح، للعصر النيوليتي، يقدم في ميتته أنبل مثال عن الموت الاختياري من أجل خلاص البشر، ذلك الخلاص الذي بدأ خلاصا ماديا من الجوع، وانتهى خلاصا روحيا ودخولا في الأبدية. ورغم ألوف السنين الفاصلة بين القمح القتيل ابن الأم العذراء للعصر النيوليتي، وابن الأم العذراء لعالم اليوم، فإن الملايين من البشر حول المسكونة يرددون كل يوم مقاطع من الإنجيل تعيد ذكرى الصلوات النيوليتية الأولى. نقرأ في إنجيل يوحنا: «أنا هو خبز الحياة، من يقبل إلي لا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا ...» «أنا هو خبز الحياة. آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا. هذا هو الخبز النازل من السماء؛ لكي يأكل منه الإنسان ولا يموت. أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم.»
31
إن رغيف القمح النيوليتي ما زال قائما على مائدة البشرية الروحية.
لم يكن القربان البشري إذا، في بداية عهده، تقربا من الآلهة وطلبا لرضائها ومعونتها، بل كان تمثيلا لموت الإله نفسه. والقربان ما إن يختار ويخص لغاية التضحية، حتى يفقد صفته البشرية وتحل به الروح المقدسة المستعدة للموت. وهو إذ يتعذب ويموت، لا يلاقي مصيرا فرديا بائسا، بل إنه يشارك الروح الإلهية موتها وعذاباتها. ورغم تعقد الطقوس الزراعية فيما بعد، وابتعادها عن حقل القمح، فإن طقس القربان البشري، حيثما استمر في ديانات الخصب، لم يبتعد عن جوهره القديم. ولعل تحليل عدد من الأمثلة المأخوذة من ثقافات متباينة مكانيا وزمانيا، سوف يلقي ضوءا على هذه الفكرة.
في العالم الجديد، بقيت طقوس الخصب تقدم القربان البشري في المكسيك إلى ما بعد الفتح الإسباني بقليل. وتروي المصادر الإسبانية أن الآزتيك كانوا يحتفلون بعيد الخصب السنوي المكرس لآلهة الذرة في شهر أيلول (سبتمبر) من كل عام. وكانوا في ذلك العيد يختارون فتاة صغيرة في غاية الجمال يلبسونها زي إلهة الذرة، ويزرعون في شعرها باقة من الريش الملون، تشبيها بحزمة الليف التي تنبث في رأس كوز الذرة (قارن مع أسطورة رسول الروح الكبرى التي أوردتها في مطلع هذا الفصل)، ويحيطون عنقها بعقد أكواز الذرة، ويضعون على رأسها تاجا. بعد ذلك يضعونها على محفة مملوءة بحبات الذرة والبذور من كل الأنواع، ومزركشة حواشيها بأكواز الذرة وأوراقها، ثم يحملونها في موكب حافل إلى المعبد. هناك تنزل الفتاة، فيأتي النبلاء والنبيلات في صف واحد، وقد حمل كل واحد وعاء فيه دم مفصود من جسمه، فيسكبون ما في الوعاء تحت قدميها. ثم يردد الجميع وراء كبير الكهنة أدعية وصلوات وهم يبكون وينوحون ويندبون. فإذا انتهوا بسطوا جسد الفتاة على كومة من حبات الذرة والبذور الأخرى، وتقدم كبير الكهنة فقطع رأسها، وقام برش دمها على التمثال القائم لإلهة الذرة وعلى الحبوب والبذور. بعد ذلك يتم سلخ الجثة ، ويعطى جلدها إلى أحد الكهنة الذي يحاول إدخال نفسه فيه قدر المستطاع، ثم يأتونه بملابس الفتاة وكامل زينتها فيضعها عليه ويأخذونه فيسيرون به خارج المعبد في موكب صاخب على أنغام الطبول.
32
Page inconnue