كان يفحص مبلغا واردا إلى البنك، وإذا به يعثر على ورقة من ذات العشرة مكتوب على دائرتها البيضاء: إلى زوجتي العزيزة .. بمناسبة عيد زواجنا الخامس.
ولم يكن الخط خطه.
واحتجز الورقة، وظل يقرؤها ويضحك من أعماقه.
كان أحدهم - لا ريب - قد ساقت إليه الصدف الورقة التي كتب عليها الإهداء، فظن أن أزواجا صالحين يهدون زوجاتهم أورقا كتلك في أعياد زواجهم، ففعل مثلهم، وكانت النتيجة هذه الورقة.
ظل يضحك ويلعن الزوج المغفل الذي صدق النكتة.
وبعد أن انقشعت موجات ضحكه أحس بشيء قليل من الندم. فقد أدرك أنه بطريقة أو بأخرى قد خدع ذلك الزوج، وأنه قطعا مسئول إلى حد ما عن تلك الخديعة. •••
غير أنه بمرور الأيام تضاعف ضحكه وتضاعف تأنيبه لنفسه، فقد تبين أنه لم يضحك على زوج واحد فقط، ولكنه خدع كثيرين، فقد وجد إهداءات كثيرة مكتوبة على أوراق بنكنوت من ذوات العشرة والخمسة والخمسين، وأحيانا المائة. ولم يعد يستطيع كتمان الأمر عن زملائه، فأطلعهم على الأوراق، وحكى لهم القصة، وهو لا يتمالك نفسه. وطبعا ضحك الزملاء كثيرا. وتبادلوا الضربات على الأكتاف، وقال أحدهم إن أعظم زوجة في العالم لا تساوي قرش صاغ واحد، فما بالك بعشرة أو بخمسة أو بخمسين جنيها.
وأصبحت المسألة مصدرا لا ينضب للضحك، فما يكاد يرد إلى صلاح ورقة عليها إهداء؛ حتى يشير بالورقة إلى زملائه من بعيد، وكأنما يقول: وآدي مغفل جديد.
ولكن عدد المغفلين كثر بشكل أفقد المسألة ما كانت تثيره من ضحكات، بل كثر بشكل أزعج صلاح نفسه، لقد قرأ يوما إهداء وكان موجها من زوجة إلى زوجها.
وأصبح تأنيب الضمير على الخدعة التي ابتكرها لا يكفي، أصبح لا بد من التفكير، ما هي حكاية هؤلاء الناس؟ وهل هي مجرد محاكاة لما فعله، أم لا بد أن في المسألة سرا خطيرا لا يدريه؟
Page inconnue