بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله الذي جعل لكل شئ سببا، وأنزل على عبده كتابا عجبا، فيه من كل شئ حكمة ونبا، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الخليقة عجما وعربا، وأزكاهم حسبا ونسبا، وعلى آله وأصحابه السادة النجبا.
وبعد: فهذا كتاب سميته: لباب النقول في أسباب النزول لخصته من جوامع الحديث والأصول، وحررته من تفاسير أهل النقول، وبالله أسأل النفع به فهو أكرم مسؤول، وأعظم مأمول.
لمعرفة أسباب النزول فوائد واخطأ من قال لا فائدة له لجريانه مجرى التاريخ ومن فوائدة الوقوف على المعنى أو إزالة الأشكال قال الواحدي لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان سبب نزولها وقال أبن دقيق العيد بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن وقال ابن تيميه معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب وقد أشكل على جماعة من السلف معاني آيات حتى وقفوا على أسباب نزولها فزال عنهم الإشكال وقد بسطت أمثلة ذلك في النوع التاسع من كتاب الإتقان في علوم القرآن وذكرت له فوائد أخرى من مباحث وتحقيقات لا يحتملها هذا الكتاب قال الواحدي ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها وقد قال محمد بن سيرين سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال أتق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن وقال غيره معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا وربما لم يجزم بعضهم فقال
1 / 3
أحسب هذه الآية نزلت في كذا كما قال الزبير في قوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون الآية وقال الحاكم في علوم الحديث إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا فإنه حديث مسند ومشى على هذا أبن الصلاح وغيره ومثلوه بما أخرجه مسلم عن جابر قال كانت اليهود تقول من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله نساؤكم حرث لكم الآية وقال ابن تيميه قولهم نزلت الآية في كذا يراد به تارة أنها سبب النزول ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب كما نقول عني بهذه الآية كذا وقد تنازع العلماء في قول الصحابي نزلت هذه الآية في كذا هل يجري مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند فالبخاري يدخله في المسند وغيره لا يدخله فيه واكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند احمد وغيره بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند انتهى وقال الزركشي في البرهان قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية في كذا فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع قلت والذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه ليخرج ما ذكره الواحدي في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شئ بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية كذكر قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك وكذلك ذكره في قوله واتخذ الله إبراهيم خليلا سبب اتخاذه خليلا فليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى
1 / 4
تنبيهات
الأول ما جعلناه من قبيل المسند من الصحابي إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل فقد يقبل إذا صح السند إليه وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير أو اعتضد بمرسل آخر ونحو ذلك.
الثاني كثيرا ما يذكر المفسرون لنزول الآية أسبابا متعددة وطريق الاعتماد في ذلك أن تنظر إلى العبارة الواقعة فإن عبر أحدهم بقوله نزلت في كذا والآخر نزلت في كذا وذكر أمرا آخر فقد تقدم أن هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما كما بينته في كتابي الإتقان وحينئذ فحق مثل هذا أن لا يورد في تصانيف أسباب النزول وانما يذكر في تصانيف أحكام القرآن وإن عبر واحد بقوله نزلت في كذا وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد كما قال ابن عمر في قوله نساؤكم حرث لكم إنها نزلت رخصة في وطء النساء في أدبارهن وصرح جابر بذكر سبب خلافه فاعتمد حديث جابر وان ذكر وأحدا سببا وآخر سببا غيره فقد تكون نزلت عقيب تلك الأسباب كما سيأتي في آية اللعان وقد تكون نزلت مرتين كما سيأتي في آية الروح وفي خواتيم النحل وفي قوله ما كان للنبي والذين آمنوا الآية مما يعتمد في الترجيح النظر إلى الإسناد وكون راوي أحد السببين حاضر القصة أو من الماء التفسير كابن عباس وأبن مسعود وربما كان في أجدى القصتين فتلا فوهم الراوي فقال نزلت كما سيأتي في سورة الزمر
الثالث أشهر كتاب في هذا الفن الآن كتاب الواحدي وكتابي هذا يتميز
1 / 5
عليه بأمور أحدها الإختصار ثانيها الجمع الكثير فقد حوى زيادات كثيرة على ما ذكر الواحدي وقد ميزتها بصورة (ك) رمزا عليها ثالثها عزوة كل حديث إلى من خرجه من أصحاب الكتب المعتبرة كالكتب الستة والمستدرك وصحيح إبن حبان وسنن البيهقي والدارقطني ومسانيد أحمد والبزار وأبى يعلي ومعاجم الطبراني وتفاسير أبن جرير وابن آبى حاتم وابن مردويه وأبى الشيخ وابن حبان والفريابي وعبد الرزاق وابن المنذر وغيرهم وأما الواحدي فتارة يورد الحديث بإسناده وفيه مع التطويل عدم العلم بمخرج الحديث فلا شك أن عزوه إلى أحد الكتب المذكورة أولى من عزوه إلى تخريج الواحدي لشهرتها واعتمادها وركون الأنفس إليها وتارة يوزده لا مقطوعا فلا يدري هل له إسناد أو لا رابعها تمييز الصحيح من غيره والمقبول من المردود خامسها الجمع بين الروايات المتعددة سادسها تنحية ما ليس من أسباب النزول
وهذا آخر المقدمة ومن هنا نشرع في المقصود بعون الملك المعبود.
1 / 6
سورة البقرة
أخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد قال أربع آيات من أول البقرة نزلت في المؤمنين وآيتان في الكافرين وثلاث عشرة آية في المنافقين (ك) وأخرج ابن جرير من طريق ابن إسحق عن محمد بن أبي عكرمة عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس في قوله إن الذين كفروا الآيتين أنهما نزلتا في يهود المدينة (ك) وأخرج عن الربيع بن أنس قال آيتان نزلتا في قتال الأحزاب إن الذين كفروا سواء عليهم إلى قوله ولهم عذاب عظيم قوله تعالى وإذا لقوا الذين آمنوا أخرج الوحداي أن والثعلبي من طريق محمد بن مروان والسدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في عبد الله بن آبى وأصحابه وذلك أنهم خرجوا ذات يوم ف استقبلهم نفر من أصحاب رسول الله ﷺ فقال عبد الله ابن آبي انظروا كيف أرد عنكم هؤلاء السفهاء فذهب فأخذ بيد أبي بكر فقال مرحبا بالصديق سيد بني تيم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله في الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله ثم أخذ بيد عمر فقال مرحبا بسيد بني عدي بن كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله ثم أخذ بيد علي فقال مرحبا بابن عم رسول الله وختنه سيد بني هاشم ما خلا رسول الله ثم افترقوا فقال عبد الله لأصحابه كيف رأيتموني فعلت فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فأثنوا عليه خيرا فرجع المسلمون إلى النبي ﷺ وأخبروه بذلك فنزلت هذه الآية هذا الإسناد واه جدا فإن السدي الصغير كذاب وكذا الكلبي وأبو صالح ضعيف قوله تعالى أو كصيب الآية ك أخرج ابن جرير من طريق السدي الكبير عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن
1 / 7
مسعود وناس من الصحابة قالوا كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله إلى المشركين فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله فيه رعد شديد وصواعق وبرق فجعلا كلما أصابهما الصواعق جعلا أصابعهما في آذانهما من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما وإذا لمع البرق مشيا إلى ضوئه وإذا لم يلمع لم يبصرا فآتيا مكانهما يمشيان فجعلا يقولان ليتنا قد أصبحنا فنأتي محمدا فنضع أيدينا في يده فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده وحسن إسلامهما فضرب الله شأن هذين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة وكان المنافقون إذا حضروا مجلس النبي ﷺ جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقا من كلام النبي ﷺ أن ينزل فيهم شئ أو يذكروا بشئ فيقتلوا كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما وإذا أضاء لهم مشوا فيه فإذا كثرت أموالهم وولدهم وأصابوا غنيمة أو فتحا مشوا فيه وقالوا إن دين محمد حينئذ صدق واستقاموا عليه كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء لهما البرق وإذا اظلم عليهم قاموا وكانوا إذا هلكت أموإلهم وولدهم وأصابهم البلاء قالوا هذا من أجل دين محمد وارتدوا كفارا كما قال ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا الآية (ك) أخرج ابن جرير عن السدي بأسانيده لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين قوله مثله كمثل الذي استوقد نارا وقوله أو كصيب من السماء قال المنافقون الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال فأنزل الله إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا إلى قوله هم الخاسرون [٢٦] وأخرج الواحدي من طريق عبد الغني بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال أن الله ذكر آلهة المشركين فقال وإن يسلبهم الذباب شيئا [الحج ٧٣] وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت فقالوا أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد أي شئ كان يصنع بهذا فأنزل الله هذه الآية عبد الغني
1 / 8
واه جدا وقال عبد الرزاق في تفسيره أخبرنا معمر عن قتاده لما ذكر الله العنكبوت والذباب قال المشركون ما بال العنكبوت والذباب يذكران فأنزل الله هذه الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال لما نزلت يا أيها الناس ضرب مثل قال المشركون ما هذا من الأمثال فيضرب أو ما يشبه هذه الأمثال فأنزل الله إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا الآية قلت القول الأول أصح إسنادا وأنسب بما تقدم أول السورة وذكر المشركين لا يلائم كون الآية مدنية وما أوردناه عن قتادة والحسن حكاه عنهما
الواحدي بلا إسناد بلفظ قالت اليهود وهو أنسب قوله تعالى أتأمرون الناس بالبر أخرج الواحدي والثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في يهود أهل المدينة كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينه وبينهم رضاع من المسلمين أثبت على الدين الذي أنت عليه وما يأمرك به هذا الرجل فإن أمره حق وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه قوله تعالى إن الذين آمنوا والذين هادوا [٦٢] (ك) أخرج ابن أبي حاتم والعدني في مسنده من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال قال سلمان سألت النبي ﷺ عن أهل دين كنت معهم فذكرت من صلاتهم وعبادتهم فنزلت إن الذين آمنوا والذين هادوا الآية وأخرج الواحدي من طريق عبد الله بن كثير عن مجاهد قال لما قص سلمان على رسول الله قصة أصحابه قال هم في النار قال سلمان فأظلمت على الأرض فنزلت إن الذين آمنوا والذين هادوا إلى قوله يحزنون قال فكأنما كشف عني جبل وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال نزلت هذه الآية في أصحاب سلمان الفارسي قوله تعالى وإذا لقوا [٧٦] الآية أخرج ابن جرير عن مجاهد قال قام النبي ﵊ يوم قريظة تحت حصونهم فقال يا إخوان
1 / 9
القردة ويا إخوان الخنازير ويا عبدة الطاغوت فقالوا من أخبر بهذا محمدا ما خرج هذا إلا منكم أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليكون لهم حجة عليكم فنزلت الآية وأخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس قال كانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا أن صاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أيحدث العرب بهذا فإنكم كنتم تستفتحون به عليهم فكان منهم فأنزل الله وإذا لقوا الآية وأخرج عن السدي قال نزلت في ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا وكانوا يأتون المؤمنين من العرب بما تحدثوا به فقال بعضهم لبعض أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من العذاب ليقولوا نحن أحب إلى الله منكم وأكرم على الله منكم قوله تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم (ك) أخرج النسائي عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في أهل الكتاب (ك) وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال نزلت في أحبار اليهود وجدوا صفة النبي ﷺ مكتوبة في التوراة أكحل أعين ربعة جعد الشعر حسن الوجه فمحوه حسدا وبغيا وقالوا نجده طويلا أزرق سبط الشعر قوله تعالى وقالوا لن تمسنا النار الآية أخرج الطبراني في الكبير وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن اسحق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قدم رسول الله المدينة ويهود تقول إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما يعذب الناس بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة فإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب فأنزل الله في ذلك وقالوا لن تمسنا النار إلى قوله فيها خالدون [٨٢] وأخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس أن اليهود قالوا لن ندخل النار إلا تحلة لقسم الأيام التي عبدنا فيها العجل أربعين ليلة فإذا انقضت انقطع عنا العذاب فنزلت الآيه وأخرج عن عكرمة وغيره
1 / 10
قوله تعالى وكانوا من قبل يستفتحون الآية أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن ابن عباس قال كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود فعاذت بهذا الدعاء اللهم آنا نسألك بحق محمد النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا فيهزمون غطفان فلما بعث النبي ﵇ كفروا به فأنزل الله وكانوا من قبل يستفتحون بك يا محمد على الكافرين (ك) وأخرج ابن آبى حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله ﷺ قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء وداود بن سلمة يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم ت ستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير ما جاءنا بشئ نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم فأنزل الله ولما جاءهم كتاب من عند الله الآية قوله تعالى قل إن كانت لكم الدار الآخرة الآية أخرج ابن جرير عن أبي العالية قال قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هودا فأنزل الله قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة الآية قوله تعالي قل من كان عدوا لجبريل الآية (ك) روى البخاري عن أنس قال سمع عبد الله بن سلام مقدم رسول الله ﷺ وهو في أرض يخترف فأتي النبي ﷺ فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام أهل الجنة وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه قال أخبرني بهن جبريل آنفا قال جبريل قال نعم قال ذاك عدو
1 / 11
اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك قال شيخ الإسلام ابن حجر في فتح الباري ظاهر السياق أن النبي ﷺ قرأ الآية ردا على اليهود ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ قال وهذا هو المعتمد فقد صح في سبب نزول الآية قصة غير قصة عبد الله بن سلام فأخرج أحمد والترمذي والنسائي من طريق بكر بن شهاب عن سعيد أبن جبير عن ابن عباس قال أقبلت يهود إلى رسول الله فقالوا يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي فذكر الحديث وفيه أنهم سألوه عما حرم إسرائيل على نفسه وعن علامة النبي وعن الرعد وصوته وكيف تذكر المرأة وتؤنث وعمن يأتيه بخبر السماء إلى آن قالوا فأخبرنا من صاحبك قال جبريل قالوا جبريل ذاك ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان خيرا فنزلت وأخرج إسحق بن راهوية في مسنده وابن جرير من طريق الشعبي أن عمر كان يأتي اليهود فيسمع من التوارة فيتعجب كيف تصدق ما في القرآن قال فمر بهم النبي ﷺ فقلت نشدتكم بالله أتعلمون أنه رسول الله فقال عالمهم نعم نعلم أنه رسول الله قلت فلم لا تتبعونه قالوا سألناه من يأتيه بنبوته فقال عدونا جبريل لأنه ينزل بالغلظة والشدة والحرب وإلهلاك على قلت فمن رسولكم من الملائكة قالوا ميكائيل ينزل بالقطر والرحمة قلت وكيف منزلتهما من ربهما قالوا أحدهما عن يمينه والآخر عن الجانب الآخر قلت فأنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل وأنني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا ثم أتيت النبي ﷺ وأنا أريد أن أخبره فلما لقيته قال ألا أخبرك بآيات أنزلت علي فقلت بلى يا رسول الله فقرأ من كان عدوا لجبريل حتى بلغ للكافرين قلت يا رسول الله والله ما قمت من عند اليهود إلا إليك لأخبرك بما قالوا لي وقلت لهم فوجدت الله قد سبقني وإسناده صحيح إلى الشعبي لكنه لم يدرك عمر
1 / 12
وقد أخرجه ابن أبي شبيه وابن أبي حاتم من طريق آخر عن الشعبي وأخرجه ابن جرير من طريق السدي عن عمر ومن طريق قتاده عن عمر وهما أيضا منقطعان (ك) وأخرج ابن ابي حاتم من طريق آخر عن عبد الرحمن بن إبي ليلى أن يهوديا لقى عمر بن الخطاب فقال إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا فقال عمر من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدوه قال فنزلت على لسان عمر فهذه طرق يقوي بعضها بعضا وقد نقل أبن جرير الإجماع على أن سبب نزول الآية ذلك قوله تعالى ولقد أنزلنا إليك الآيتين أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال قال ابن صوريا للنبي ﷺ يا محمد ما جئتنا بشئ نعرفه وما أنزل الله عليك من آية بينة فأنزل الله في ذلك ولقد أنزلنا إليك آيات بينات الآية وقال مالك بن الصيف حين بعث رسول الله وذكر ما أخذ عليهم من الميثاق وما عهد إليهم في محمد والله ما عهد إلينا في محمد ولا أخذ علينا ميثاقا فأنزل الله تعالى أو كلما عاهدوا [١٠٠] الآية قوله تعالى واتبعوا ما تتلو الآية ك أخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال قالت اليهود انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان مع الأنبياء أفما كان ساحرا يركب الريح فأنزل الله تعالى واتبعوا ما تتلو الشياطين الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن اليهود سألوا النبي ﷺ زمانا عن أمور من التوراة لا يسألونه عن شئ من ذلك إلا أنزل الله عليه ما سألوا عنه فيخصمهم فلما رأوا ذلك قالوا هذا أعلم بما أنزل الينا منا وأنهم سألوه عن السحر وخاصموه به فأنزل الله واتبعوا ما تتلو الشياطين قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا (ك) أخرج
1 / 13
ابن المنذر عن السدي قال كان رجلان من اليهود مالك بن الصيف ورفاعه بن زيد إذا لقيا النبي ﷺ قالا وهما يكلمانه راعنا سمعك واسمع غير مسمع فظن المسلمون أن هذا الشئ كان أهل الكتاب يعظمون به أنبياءهم فقالوا للنبي ﷺ ذلك فانزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال راعنا بلسان اليهود السب القبيح فلما سمعوا أصحابه يقولونه أعلنوا بها له فكانوا يقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم فنزلت فسمعها منهم سعد بن معاذ فقال لليهود يا أعداء الله لئن سمعتها من رجل منكم بعد هذا المجلس لأضربن عنقه (ك) وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال كان الرجل يقول ارعني سمعك فنزلت الآية (ك) وأخرج عن عطية قال كان أناس من اليهود يقولون ارعنا سمعك حتى قالها أناس من المسلمين فكره الله لهم ذلك فنزلت (ك) وأخرج عن قتاده قال كانوا يقولون راعنا سمعك فكان اليهود يأتون فيقولون مثل ذلك فنزلت وأخرج عن عطاء قال كانت لغة الأنصار في الجاهلية فنزلت وأخرج عن أبي العالية قال إن العرب كانوا إذا حدث بعضهم يقول أحدهم لصاحبه ارعني سمعك فنهوا عن ذلك قوله تعالى ما ننسخ الآية (ك) أخرج ابن أبى حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال كان ربما ينزل على النبي ﷺ الوحي بالليل ونسيه بالنهار فأنزل الله ما ننسخ الآية قوله تعالى أم تريدون الآية (ك) أخرج ابن أبى حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه أو فجر لنا أنهارا
1 / 14
نتبعك ونصدقك فأنزل الله في ذلك أم تريدون أن تسألوا رسولكم إلى قوله سواء السبيل [١٠٨] وكان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود حسدا للعرب إذ خصهم الله برسوله وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام ما استطاعا فأنزل الله فيهما ود كثير من أهل الكتاب [١٠٩] الآية (ك) وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال سالت قريش محمدا أن يجعل لهم الصفا ذهبا فقال نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل إن كفرتم فأبوا ورجعوا فأنزل الله أم تريدون الآية وأخرج عن السدي قال سألت العرب محمدا ﷺ أن ياتيهم بالله فيروه جهرة فنزلت (ك) وأخرج عن آبى العالية قال قال رجل يا رسول الله لو كانت
كفاراتنا ككفارات بني إسرائيل فقال النبي ﷺ ما أعطاكم الله خير كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا وإن لم يكفرها كانت له خزيا في الآخرة وقد أعطاكم الله خيرا من ذلك قال تعالى ومن يعمل سواء أو يظلم نفسه [النساء: ١١٠] الآية والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن فأنزل الله أم تريدون أن تسألوا رسولكم الآية قوله تعالى وقالت اليهود الآية أخرج ابن آبى حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله ﷺ أتتهم أحبار يهود فتنازعوا فقال رافع ابن خزيمة ما أنتم على شئ وكفر بعيسى والإنجيل فقال رجل من أهل نجران لليهود ما أنتم على شئ وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل الله في ذلك وقالت اليهود ليست النصارى على شئ [١١٣] الآية قوله تعالى ومن أظلم [١١٤] الآية أخرج ابن أبي حاتم من الطريق
1 / 15
المذكور أن قريشا منعوا النبي ﷺ الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام فانزل الله ومن أظلم ممن منع مساجد الله الآية وأخرج ابن جرير عن زيد قال نزلت في المشركين حين صدوا رسول الله عن مكة يوم الحديبية قوله تعالى ولله المشرق والمغرب أخرج مسلم والترمذي والنسائي عن ابن عمر قال كان النبي ﷺ يصلي على راحلته تطوعا أينما توجهت به وهو جاء من مكة إلى المدينة ثم قرأ ابن عمر ولله المشرق والمغرب وقال في هذا نزلت هذه الآية
وأخرج الحاكم عنه قال أنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوع وقال صحيح على شرط مسلم هذا أصح ما ورد في الآية إسنادا وقد اعتمده جماعة لكنه ليس فيه تصريح بذكر السبب بل قال أنزلت في كذا وقد تقدم ما فيه وقد ورد التصريح بسبب نزولها فأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها بضعة عشر شهرا وكان يحب قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله فولوا وجوهكم شطره [١٤٤] فارتاب في ذلك اليهود قالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله قل لله المشرق والمغرب وقال فأينما تولوا فثم وجه الله إسناده قوي والمعنى ايضا يساعده فليعتمد وفي الآية روايات أخر ضعيفة فأخرج الترمذي وابن ماجة والدارقطني من طريق اشعث السمان عن عاصم بن عبد الله عن عبد الله بن عامر ابن ربيعة عن أبيه قال كنا مع النبي ﷺ في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حيإله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله ﷺ فنزلت
1 / 16
فأينما تولوا فثم وجه الله قال الترمذي غريب وأشعث يضعف الحديث وأخرج الدارقطني وابن مردويه من طريق العرزمي عن عطاء عن جابر قال بعث رسول الله ﷺ سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة فقالت طائفة منا قد عرفنا القبة هي ههنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطا وقال بعضنا القبلة ههنا قبل الجنوب فصلوا وخطو الله خطوطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي ﷺ فسكت وأنزل الله ولله المشرق والغرب الآية (ك) وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ بعث سرية فآخذتهم ضبابة فلم يهتدوا إلى القبلة فصلوا ثم استبان لهم بعد ما طلعت الشمس أنهم صلوا لغير القبلة فلما جاءوا إلى رسول الله حدثوه فأنزل الله هذه الآية ولله المشرق والغرب الآية وأخرج ابن جرير عن قتادة أن النبي ﷺ قال إن أخا لكم قد مات يعني النجاشي فصلوا عليه قالوا نصلي على رجل ليس بمسلم فنزلت وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله الآية قالوا فانه كان لا يصلي إلى القبلة فأنزل الله ولله المشرق والمغرب الآية غريب جدا وهو مرسل أو معضل (ك) وأخرج ابن جرير أيضا عن مجاهد قال لما نزلت ادعوني أستجب لكم قالوا إلى أين فنزلت أينما تولوا فثم وجه الله قوله تعالى وقال الذين لا يعلمون الآية أخرج ابن جرير وابن آبى حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال قال رافع بن خزيمة لرسول لله إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فيكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله في ذلك وقال الذين لا يعلمون الآية قوله تعالى إنا أرسلناك الآية قال عبد الرزاق أنبأنا الثوري
1 / 17
عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي قال قال رسول الله ﷺ ليت شعري ما فعل أبواي فنزلت إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الحجيم فما ذكرها حتى توفاه الله مرسل واخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال أخبرني داود بن أبي عاصم ان النبي ﷺ قال ذات يوم اين أبواي فنزلت مرسل أيضا قوله تعالى ولن ترضى الآية أخرج الثعلبي عن ابن عباس قال أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبي ﷺ إلى قبلتهم فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم وأيسوا أن يوافقهم على دينهم فانزل الله ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى الاية قوله تعالوا تخذوامن مقام إبراهيم مصلى روى البخاري وغيره عن عمر قال وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو أخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وقلت يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمع على رسول الله ﷺ نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك له طرق كثيرة منها ما أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردوية عن جابر قال لما طاف النبي ﷺ قال له عمر هذا مقام أبينا إبراهيم قال نعم قال أفلا نتخذه مصلى فأنزل الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وأخرج ابن مردويه من طريق عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب أنه مر من مقام إبراهيم فقال يا رسول الله أليس نقوم مقام خليل ربنا قال بلى قال أفلا نتخذه فلم نلبث إلا يسيرا حتى نزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وظاهر هذا وما قبله أن الآية نزلت في حجة الوداع قوله تعالى ومن يرغب عن ملة إبراهيم الآية قال ابن عيينة روي أن عبد الله بن سلام دعا ابني أخي سلمة ومهاجرا إلى الإسلام فقال لهما قد
1 / 18
علمتما أن الله تعالى قال في التوراة إني باعث من ولد إسماعيل نبيا اسمه أحمد فمن آمن به فقد اهتدى ورشد ومن لم يؤمن به فهو ملعون فأسلم سلمة وأبي مهاجر فنزلت فيه الآية قوله تعالى وقالوا كونوا هودا الآية أخرج ابن ابي حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال قال ابن صوريا للنبي ﷺ ما الهدي إلا ما نحن عليه فاتبعنا يا محمد تهتد وقالت النصارى مثل ذلك فأنزل الله فيهم وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قوله تعالى سيقول السفهاء من الناس الآيات قال ابن إسحاق حدثني إسماعيل بن ابي خالد عن أبي إسحاق عن البراء قال كان رسول الله ﷺ يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينظر أمر الله فأنزل الله قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام فقال رجل من المسلمين وددنا لو علمنا علم من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة وكيف بصلاتنا قبل بيت المقدس فأنزل الله وما كان الله ليضع إيمانكم وقال السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله سيقول السفهاء من الناس إلى آخر ألآية له طرق نحوه وفي الصحيحين عن البراء مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله وما كان الله ليضيع إيمانكم وأخرج ابن جرير من طريق السدي بأسانيده قال لما صرف النبي ﷺ نحو الكعبة بعد صلاته إلى بيت المقدس قال المشركون من أهل مكة تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم أهدى منه سبيلا ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله لئلا يكون للناس عليكم حجة الآية قوله تعالى ولا تقولوا لمن يقتل الآية أخرج ابن منده في الصحابة من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال
1 / 19
قتل تميم بن الحمام ببدر وفيه وفي غيره نزلت ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات الآية قال أبو نعيم اتفقوا على أنه عمير بن الحمام وأن السدي صحفه قوله تعالى ان الصفا والمرة الآية أخرج الشيخان وغيرهما عن عروة عن عائشة قال قلت أرأيت قول الله إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فما أرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما فقالت عائشة بئسما قلت يا ابن أختي إنها لو كانت على ما أولتها عليه كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ولكنها إنما أنزلت لأن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة فسألوا عن ذلك رسول الله فقالوا يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية فأنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر الله إلى قوله فلا جناح عليه أن يطوف بهما وأخرج البخاري عن عاصم بن سليمان قال سألت أنسا عن الصفا والمروة قال كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما فأنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر الله وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال كانت الشياطين في الجاهلية تطوف الليل أجمع بين الصفا والمروة وكانت بينهما أصنام لهم فلما جاء الإسلام قال المسلمون يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة فإنه شئ كنا نصنعه في الجاهلية
فأنزل الله هذه الآية قوله تعالى إن الذين يكتمون الآية (ك) أخرج ابن جرير وابن آبى حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال سأل معاذ بن جبل وسعد بن معاذ وخارجه بن زيد نفرا من أحبار يهود عن بعض ما في التوراة فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم فانزل الله فيهم إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى الآية
1 / 20
قوله تعالى إن في خلق السموات الآية أخرج سعيد بن منصور في سننه والفريابي في تفسيره والبيهقي في شعب الأيمان عن أبي الضحى قال لما نزلت وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم [١٦٣] تعجب المشركون وقالوا إلها واحدا لئن كان صادقا فليأتنا بآية فأنزل الله إن في خلق السموات والأرض إلى قوله لقوم يعقلون [١٦٤] قلت هذا معضل لكن له شاهد أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في كتاب العظمة عن عطاء قال نزل النبي ﷺ بالمدينة وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم [١٦٣] فقال كفار قريش بمكة كيف يسع الناس إله واحد فأنزل الله إن في خلق السموات والأرض إلى قوله لقوم يعقلون ك وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق جيد موصول عن ابن عباس قال قالت قريش للنبي ﷺ ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهبا نتقوى به على عدونا فأوحى الله إليه أني معطيهم ولكن إن كفروا بعد ذلك عذبتهم عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين فقال رب دعني وقومي فأدعوهم يوما بيوم فأنزل الله هذه الآية إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار وكيف يسألونك الصفا وهم يرون من الايات ما هو أعظم قوله تعالى وإذا قيل لهم اتبعوا الآية (ك) أخرج ابن أبى حاتم من طريق سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال دعا رسول الله ﷺ اليهود إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم عذاب الله ونقمته فقال رافع بن حريملة قال ومالك ابن عوف بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آبناءنا عن فهم كانوا أعلم وخيرا منا فأنزل الله في ذلك وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله الآية قوله تعالى إن الذين يكتمون الآية أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب والتي في آل عمران إن الذين يشترون بعهد الله نزلتا جميعا في
1 / 21
يهود وأخرج الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود وعلمائهم كانو يصيبون من سفلتهم الهدايا والفضل وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم فلما بعث محمد ﷺ من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم فعمدوا إلى صفة محمد ﷺ فغيروها ثم أخرجوها إليهم وقالوا هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان لا يشبه نعت هذا النبي فانزل الله إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب الآية قوله تعالى ليس البر الآية (ك) قال عبد الرزاق أنبانا معمر عن قتاده قال كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق فنزلت ليس البر أن تولوا وجوهكم الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية مثله وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتاده قال ذكر لنا أن رجلا سال النبي ﷺ عن البر فأنزل الله هذه الآية ليس البر أن تولوا فدعا الرجل فتلاها عليه وكان قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا
عبده ورسوله ثم مات على ذلك يرجى له ويطمع له في خير فأنزل الله ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب وكانت اليهود توجهت قبل المغرب والنصارى قبل المشرق قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص الآية (ك) أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال إن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل وكان بينهم قتل وجراحات حتى قتلوا العبيد والنساء فلم يأخذ بعضهم عن بعض حتى أسلموا فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدد والأموال فحلفوا أن لا يرضوا حتى يقتل بالعبد منا الحر منهم وبالمرأة منا الرجل منهم فنزل فيهم الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه الآية أخرج ابن سعد في طبقاته عن مجاهد قال هذه الآية نزلت في مولاي قيس بن السائب وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فأفطر وأطعم لكل يوم مسكينا
1 / 22