Le Labab dans les sciences du livre
اللباب في علوم الكتاب
ويؤيد هذا ما نقل الراغب عن ابن عباس - رضى الله تعالى عنهما - أن " عالمين " إنما جمع هذا الجمع؛ لأن المراد به الملائكة والجن والإنس.
وقال الراغب أيضا: " إن العالم في الأصل اسم لما يعلم به كالطابع اسم لما يطبع " وجعل بناؤه على هذه الصيغة، لكونه كالآلة، فالعالم آلة في الدلالة على صانعه.
وقال الراغب: " وأما جمعه جمع السلامة، فلكون الناس في جملتهم، والإنسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب حكمه " ، فظاهر هذا أن " العالمين " يطلق على العقلاء وغيرهم، وهو مخالف لما تقدم من اختصاصه بالعقلاء، كما زعم بعضهم، وكلام الراغب هو الأصح الظاهر.
فصل في وجوه تربية الله لعبده
قال ابن الخطيب - رحمه الله تعالى -: " وجوه تربية الله للعبد كثيرة غير متناهية، ونحن نذكر منها أمثله:
الأول: لما وقعت النطفة من صلب الأب إلى رحم الأم، فرباها حتى صارت علقة أولا، ثم مضغة ثانية، ثم تولدت منه أعضاء مختلفة، مثل العظام، والغضاريف، والرباطات، والأوتار، والأوردة، والشرايين، ثم اتصل البعض بالبعض، ثم حصل في كل واحد منها نوع خاص من أنواع القوى، فحصلت القوة الباصرة في العين? والسامعة في الأذن، والناطقة في اللسان، فسبحان من بصر بشحم، وأسمع بعظم، وأنطق بلحم "!.
والثاني: أن الحبة الواحدة إذا وقعت في الأرض، فإذا وصلت نداوة الأرض إليها، انتفخت ولا تنشق من شيء من الجوانب إلا من أعلاها وأسفلها، مع أن الانتفاخ حاصل من جميع الجوانب.
أما الشق الأعلى، فيخرج منه الجزء الصاعد، فبعد صعوده يحصل له ساق، ثم ينفصل من ذلك الساق أغصان كثيرة، ثم يظهر على تلك الأغصان الأنوار أولا، ثم الثمار ثانيا، ويحصل لتلك الثمار أجزاء مختلفة بالكثافة، واللطافة، وهي القشور، واللبوب، ثم الأدهان.
وأما الجزء الغائص من الشجرة، فإن تلك العروق تنتهي إلى أطرافها، وتلك الأطراف تكون في اللطافة كأنها مياه منعقدة، ومع غاية لطفها، فإنها تغوص في الأرض الصلبة اليابسة، وأودع فيها قوى جاذبة تجذب اللطيفة من الطين إلى نفسها، والحكمة في كل هذه التدبيرات تحصيل ما يحتاج العبد إليه من الغذاء، والإدام، والفواكه، والأشربة، والأدوية؛ كما قال تعالى:
أنا صببنا المآء صبا ثم شققنا الأرض شقا
Page inconnue