وقال في نفسه: «مرتب آخر الشهر. عبودية أخرى. يبدو أن هذه الحياة لا تتم إلا بالعبودية.»
وصمت وقال الرئيس: لماذا لا تجيب؟
وأطرق عباس وهو يقول: ظروف عائلية.
وبدا على رئيسه شيء من العطف وقال له: اقعد.
وأحس عباس وهو يجلس مزيجا من العواطف المتضاربة. كان عطف الناس وتجاوبهم مع مشاعره يجعلانه يحس أن هذا المجتمع لا بأس به. ومن هذا الإحساس كان يداخله خوف على إيمانه بكره المجتمع، فهو حيران بين شكرانه لهذه العواطف، وبين إحساسه بأن آراءه ليست جميعها سديدة.
وقال الرئيس: ما هي ظروفك؟
وأطرق عباس قليلا، فقال الرجل: أنا هنا لست رئيسا فحسب، بل إني أعتبر نفسي والدا لك أيضا. وقلبان في الأزمة أقدر على مواجهتها من قلب واحد. لعل ما تضيق به أستطيع أنا حله. الناس بالناس يا بني.
وأحس في رحمة الرجل ما يدعوه إلى الحديث فهو يقول في صوت واهن متعثر: زوجتي حامل في شهرها الأخير.
وقال الرئيس في بساطة وإشراق: شيء عظيم! هذا أمر يدعو للفرح.
ولكنه بعد أن صمت هنيهة قال: أتكون محتاجا لأجر الولادة؟
Page inconnue