وقال عباس بسرعة وبلا وعي: أعوذ بالله!
ووجمت ليلى، ودقت وهيبة صدرها في ذعر: أعوذ بالله من الديانة يا عباس! هل جننت؟!
وتلجلج عباس قليلا، ثم قال في لعثمة: حصتها ثقيلة ...
وظلت ليلى على وجومها، وقالت وهيبة في استنكار: الديانة؟!
وقال عباس وعقدة من تردد ما تزال آخذة بلسانه: نعم الديانة، وماذا؟ كفرت! لو كنت رأيت الشيخ مدبولي الذي كان يعلمنا الديانة في السنة الأولى الابتدائية لعرفت أنني معذور.
ولاحت في عيني ليلى بوادر استفسار، ولكنها ظلت على وجومها، وقالت وهيبة في استنكار لم يفارقها: الشيخ مدبولي؟
ونظر عباس إلى ليلى التي لم تقل كلمة منذ بدأت هذا الحديث عن الديانة، ووجد علامات الجزع تمازج علامات الاستنكار على وجهها، كما وجد طلائع السؤال في عينيها أبت أن تفرج عنها شفتيها، مستأبية أن تحادث هذا الذي سمع كلمة الديانة ثم استعاذ بالله منها. ووجه عباس حديثه إليها: كان الشيخ مدبولي يمسك بأربع مساطر من حديد. أتعرفين المسطرة الحديد؟
ولم تجب ليلى، وأومأت وهيبة أن نعم. وواصل عباس حديثه: فمن لم يحفظ الآية منا راح يضربه بحد المساطر على عظام ظاهر اليد. أرأيت جبروتا كهذا؟
واستراحت ليلى قليلا حين وجدت كرهه للحصة لا للديانة. ولم تستطع وهيبة أن تقبل في نفسها هذا التفريق فقالت: ولكن لا يصح لك أن تقول أعوذ بالله، وهي تقول إنها تحب مدرسة الديانة.
وواصل عباس حديثه: كان الشيخ مدبولي هذا أقسى أستاذ شفته في حياتي؛ قلب من حجر، ويد من حديد. وكنت - وما زلت - أعجب أين الديانة في قلب هذا الرجل؟ وهل الديانة هي هذه القسوة وهذا الجبروت؟
Page inconnue