لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات
لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات
Genres
وقرأت وسمعت لأشخاص متخصصين بعلم التشريح والطب في بيان شيء من أسرار التعبير القرآني من الناحية الطبية التشريحية ودقتها يفوق ما نذكره في علم البلاغة. فألفاظه مختارة في منتهى الدقة العلمية. من ذلك على سبيل المثال إن ما ذكره القرآن من مراحل تطور الجنين في الرحم هي الذي انتهى إليها العلم مما لم يكن معروفًا قبل هذا العصر مما دعا علماء أجانب إلى أن يعلنوا إسلامهم. وليس ذلك فقط، بل إن اختيار تعبير (العلقة) و(المضغة) – مثلًا أعجب اختيار علمي.
فاختيار التعبير بـ (العلقة) اختيار له دلالته، فإن المخلوق في هذه المرحلة أشبه شيء بالعلقة وهي الطفيلية المعروفة. وكذلك التعبير بـ (المضغة) فالمضغة كما قرأنا في كتب التفسير، هي القطعة من اللحم قدر ما يمضغ الماضغ. ولكن لاختيار كلمة (مضغة) سبب آخر، ذلك أن المضغة هي قطعة اللحم الممضوغة أي التي مضغتها الأسنان، وقد أثبت العلم الحديث أن الجنين في هذه المرحلة ليس قطعة لحم عادية بل هو كقطعة اللحم التي مضغتها الأسنان، فاختيار لفظ المضغة اختيار علمي دقيق. إنه لم يقل "قطعة لحم صغيرة" ولو قال ذلك لكان صوابًا ولكن قال: مضغة لما ذكرت وربما لغيره أيضًا والله أعلم.
وقرأت فيما توصل إليه علم التاريخ وما دلت عليه الحفريات الحديثة من أخبار ذي القرنين أدق الكلام وأدق الأخبار ما لم يكن يعرفه جميع مفسري القرآن فيما مضى من الزمان. وأن الذي اكتشفه المؤرخون والآثاريون وما توصلوا إليه في هذا القرن منطبق على ما جاء في القرآن الكريم كلمةً كلمة ولم يكن ذلك معلومًا قبل هذا القرن البتة.
1 / 3