Pourquoi les musulmans sont-ils en retard et pourquoi les autres progressent-ils ?
لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟
Genres
ولا أريد أن أخرج في الاستشهاد عن أوروبة؛ لأني إن خرجت عن أوروبة قالت تلك الفئة الجاحدة: نحن لا نريد أن نجعل قدوة لنا أمما متأخرة مثلنا.
فالأمم التي استشهدنا الآن بها كلها أوروبية، وكلها متعلمة راقية، وكلها ذوات بلدان ممدنة منظمة؛ وكلها عندها الجامعات والأكادميات والجمعيات العلمية والجيوش والأساطيل ... إلخ.
العبرة للعرب وسائر المسلمين برقي اليابانيين
ولكني أخرج من أوروبة إلى اليابان فقط؛ لأن رقي اليابان يضارع الرقي الأوروبي، وقد تم لليابان كما تم رقي أوروبة للأوروبيين؛ أي في ضمن دائرة قوميتهم ولسانهم وآدابهم وحريتهم ودينهم وشعائرهم ومشاعرهم وكل شيء لهم.
فأنقل إلى القراء العرب فقرة من رسالة طويلة جاءت من مراسل أوروبي سائح في اليابان وظهرت في جريدة «جرنال دوجنيف» بتاريخ 20 أكتوبر (1931) فإنه يقول:
إن الياباني يحب الفن قبل كل شيء، وإن رأيته ساعيا في كسب المال فلأجل إن يلذذ بالمال أهواءه المنصرفة إلى الحسن والجمال، وقد انتقش في صفحة نفسه الشعور القومي الشديد عدا الميل إلى الجمال؛ لأنه يفتخر بكون اليابان في مدة ستين سنة فقط صارت من طور أمة في القرون الوسطى إقطاعية الحكم إلى أمة عظيمة من أعظم الأمم، ومما لا ريب فيه أن الديانة اليابانية هي ذات دور عظيم في سياسة اليابان (ليتأمل القارئ) وهي في الحقيقة فلسفة مبنية على الاعتراف بكل ما تركه القدماء لسلائلهم، فالياباني العصري قد ائتلف مع جميع احتياجات الحياة العصرية، لكن مع حفظ الميل الدائم إلى الرجوع إلى ماضيه ومع التمسك الشديد بقوميته، غير مجيب نداء التفرنج (وفي الأصل التغرب
Occidentalism ) الذي لا يريد الياباني أن يأخذ منه إلا ما هو ضروري له لأجل مصارعة سائر الأمم بنجاح، ولا شك أن هذا مثال فريد في تاريخ أمم الشرق الأقصى.
ثم يقول:
كان اليابانيون يكرهون الأسفار إلى البلدان البعيدة، ويحظرون دخول الأجانب إلى بلادهم، ولكن هذا المنع قد ارتفع بعد النهضة العصرية، وتلافت اليابان ما فات بشكل مدهش، والنتائج هي أمامنا، إلا أن الماضي لا يزال عند اليابانيين مقدسا معظما في جميع طبقاتهم؛ لأنه في هذا الماضي المقدس يجد اليابانيون جميع شعورهم بقيمتهم الحاضرة، فتراهم يكافحون بوسائل المدنية الحديثة التامة التي لا سبيل إلى الحياة بدونها في أيامنا هذه، لكن ينبذون كل «تغرب» بمجرد ما يجدون أنفسهم في غنى عنه، ويعودون مع اللذة إلى شعورهم القومي الخالص الذي به يعتقدون أنهم الأعلون.
وهناك هياكل «شنتو» ومعابد «زن» والهياكل البوذية وهي مكرمة معظمة مخدومة بأشد ما يمكن من الحماسة الدينية والإيمان الثابت كما كانت منذ قرون، والحق أن هذا الاحترام الشديد الذي يشعر به اليابانيون لقديمهم ولمعبوداتهم هو الذي قام عندهم حصنا منيعا دون المبادئ الشعوبية، والأفكار الشيوعية المضرة.
Page inconnue