Light of the Dazzle in the Characteristics of Friday
نور اللمعة في خصائص الجمعة
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الطبعة الثانية ١٤٠٧هـ
Année de publication
١٩٨٧م
Genres
مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله الذي خص هذه الأمة المحمدية، بما ادخر لها من الفضائل السنية، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير البرية.
وبعد.
فقد ذكر الأستاذ شمس الدين ابن القيم في كتاب الهدي ليوم الجمعة خصوصيات بضعا وعشرين١، خصوصية. وفاته أضعاف ما ذكر، وقد رأيت استيعابها في هذه الكراسة منبها على أدلتها على سبيل الإيجاز، وتتبعتها فتحصلت منها على مائة خصوصية، والله الموفق.
_________
١ الخصوصيات التي كرها ابن القيم ﵀ ثلاثا وثلاثين انظر زاد المعاد ١/ ١٠٠-١١٥، وسنذكر كلام ابن القيم في آخر الكتاب لتتم الفائدة إن شاء الله تعالى.
1 / 5
الخصوصية الأولى: أنه عيد هذه الأمة
١- أخرج ابن ماجه عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: "إن هذا يوم عيد، جعله الله للمسلمين، فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل، وإن كان طيب فليمس منه، وعليكم بالسواك".
٢- وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال في جمعة من الجمع: "معاشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله لكم عيدا، فاغتسلوا وعليكم بالسواك".
_________
١- ابن ماجه ١٠٩٨ -الترغيب والترهيب ١/ ٤٩٨- المطالب العالية ٦١٠ -كنز العمال ٢١٢٦٥- الطبراني في الصغير ١/ ٢٦٩- فتح الباري ٢/ ٣٨٧ إتحاف السادة المتقين ٣/ ٢٥٢.
وفي زوائد البوصيري قال: في إسناده صالح بن أبي الأخضر. لينه الجمهور وباقي رجاله ثقات.
وقال ابن حجر في الفتح ٢/ ٣٨٧، "واحتج بعض الحنابلة بهذا الحديث، وقال: فلما سماه عيدا" -أي يوم الجمعة- جازت فيه الصلاة وقت العيد كالفطر والأضحى، وتعقب بأنه لا يلزم من تسمية الجمع عيدا أن يشتمل على جميع أحكام العيد بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقا سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة باتفاقهم.
٢- السنن الكبرى للبيهقي ٢/ ٢٤٣ عن أبي هريرة ﵁، وقال البيهقي: مرسل وقد روي موصولا، ولا يصح وصله.
وفي البيهقي ١/ ٢٩٩ ذكر الحديث عن أبي هريرة ﵁، وقال: هكذا رواه مسلم عن هذا الشيخ -يعني أبو خالد يزيد بن سعيد الإسكندراني- عن مالك، ورواه جماعة عن مالك عن الزهري عن ابن السباق، عن النبي ﷺ مرسلًا.
1 / 7
الخصوصية الثانية: أنه يكره صومه منفردا
٣- لحديث الشيخين، عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ، قال:
_________
٣- البخاري ٣/ ٥٤ مسلم الصيام ١٤٧- أبو داود ٢٤٢٠- ابن ماجه ١٧٢٣- الترمذي ٧٤٣، ونسبه المنذري للنسائي أيضا -البيهقي ٤/ ٣٠٢- شرح السنة ٦/ ٣٥٩، وقال البغوي ﵀: هذا حديث متفق على صحته أخرجه محمد عن عمر بن حفص، وعن أبيه وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية كلاهما عن الأعمش.
وفي الهامش قال المحقق: رواية لا يصوم بلفظ النفي والمراد به النهي، وفي رواية الكسميهني "لا يصومن" بلفظ النهي المؤكد، وأخرجه أحمد ٢/ ٣٩٤ من طريق عوف، عن ابن سيرين بلفظ نهي أن يقرر يوم الجمعة بصوم.
وقال ابن حجر في فتح الباري ٤/ ٢٣٣: قول: "إلا يوما قبله أو بعده" تقديره إلا أن يصوم يوما قبله؛ لأن يوما لا يصح استثناؤه من يوم الجمعة، وقال الكرماني يجوز أن يكون منصوبا بنزع الخافض تقديره إلا بيوم قبله، وتكون الباء للمصاحبة، وفي رواية الإسماعيلي من طريق محمد بن أشكاب عن عمر بن حفص شيخ البخاري فيه: "إلا أن تصوموا قبله أو بعده"، ولمسلم من طريق أبي معاوية عن الأعمش: "لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله، أو يصوم بعده".
وللنسائي من هذا الوجه إلا أن يصوم قبله يوما، أو يصوم بعده يوما ولمسلم من طريق هشام، عن ابن سيرين عن أبي هريرة لا تخصوا يوم الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم وقال: ويؤخذ من الاستثناء جوازه لمن صام قبله، أو بعده أو اتفق وقوعه في أيام له عادة بصومها كمن يصوم أيام البيض، أو من له عادة بصوم يوم معين كيوم عرفة، فوافق يوم الجمعة، ويؤخذ منه جواز صومه لمن نذر يوم قدوم زيد مثلًا أو يوم شفاء فلان.
1 / 8
"لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو بعده".
٤- وأخرجا عن جابر قال: نهى النبي ﷺ عن صوم يوم الجمعة.
٥- وأخرج البخاري عن جويرية أم المؤمنين ﵂ أن
_________
٤- مسلم الصيام ١٤٦.
فتح الباري ٤/ ٢٣٢، وقال ابن حجر: وفي رواية ابن عيينة عن عبد الحميد عن مسلم وأحمد وغيرهما سألت جابر بن عبد الله، وهو يطوف بالبيت وزادوا أيضا في آخره قال: نعم ورب هذا البيت وفي رواية النسائي، ورب الكعبة وعزاها صاحب العمدة لمسلم فوهم، وفيه جواز الحلف من غير استحلاف لتأكيد الأمر، وإضافة الربوبية إلى المخلوقات المعظمة تنويها بتعظيمها، وفيه الاكتفاء في الجواب بنعم من غير ذكر الأمر المفسر بها.
٥- فتح الباري ٤/ ٢٣٢ فقال ابن حجر: ليس لجويرية زوج النبي ﷺ في البخاري من روايتها سوى هذا الحديث، وله شاهد من حديث جنادة بن أبي أمية عند النسائي بإسناد صحيح بمعنى حديث جويرية، واتفق شعبة وهمام عن قتادة على هذا الإسناد وخالفهما سعيد بن أبي عروبة، فقال: عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله
عليه وسلم دخل على جويرية، فذكره أخرجه النسائي، وصححه ابن حبان.
وقال ابن حجر، واختلف في النهي عن إفراده على أقول.
أحدها لكونه يوم عيد والعيد لا يصام، واستشكل لك مع الإذن بصيامه مع غيره، وأجاب ابن القيم وغيره بأن شبهة العيد لا يستلزم استواءه من كل جهة، ومن صام معه غيره انتفت عنه صورة التحري بالصوم.
ثانيها لئلا يضعف عن العبادة، وهذا اختاره النووي، وتعقب ببقاء المعنى المذكور مع صوم غيره معه، وأجاب بأنه يحصل بفضيلة اليوم الذي قبله أو بعده =
1 / 9
..............................................................................
_________
= جبر ما يحصل يوم صومه من فتور أو تقصير وفيه نظر، فإن الجبران لا ينحصر في الصوم بل يحصل بجميع أفعال الخير، فيلزم منه جواز إفراده لمن عمل فيه خيرا كثيرا يقوم مقام صيام يوم قبله أو بعده، كمن أعتق فيه رقبة مثلا، ولا قائل بذلك.
وأيضا، فكان النهي يختص بمن يخشى عليه الضعف لا من يتحقق القوة.
ويمكن الجواب عن هذا بأن المظنة أقيمت مقام المئنة كما في جواز الفطر من السفر لمن يشق عليه.
ثالثها خوف المبالغة في تعظيمه، فيفتتن به كما افتتن اليهود بالسبت، وهو منتقض بثبوت تعظيمه بغير الصيام، وأيضا فاليهود لا يعظمون السبت بصيام، فلو كان الملحظوظ ترك موافقتهم لتحتم صومه؛ لأنهم يوصومونه وقد روى أبو داود والنسائي وصححه، وابن حبان من حديث أم سلمة أن النبي ﷺ كان يصوم من الأيام السبت والأحد، وكان يقول: "إنهما يوم عيد للمشركين، فأحب أن أخالفهم".
رابعها: خوف اعتقاد وجوبه، وهو منتقض بصوم الاثنين والخميس.
خامسها: خشية أن يفرض عليهم كما خشي ﷺ من قيامهم الليل ذلك.
قال المهلب وهو منتقض بإجازة صومه مع غيره، وبأنه لو كان كذلك لجاز بعده ﷺ لارتفاع السبب.
سادسا: مخالفة النصارى؛ لأنه يجب عليهم صومه ونحن مأمورون بمخالفتهم نقله القمولي وهو ضعيف.
وأقوى الأقوال وأولاها بالصواب أولها وورد فيه صريحا حديثان:
أحدهما رواه الحاكم وغيره من طريق عامر بن لدين عن أبي هريرة مرفوعا "يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صومكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده".
والثاني رواه ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي وقال: "من كان منكم متطوعا من الشهر، فليصم يوم الخميس ولا يصم يوم الجمعة، فإنه يوم طعام وشراب وذكر".
انتهى كلام ابن حجر ﵀.
وقال البغوي ﵀ في شرح السنة ٦/ ٣٦٠ بعد أن ذكر حديث جويرية أم المؤمنين ﵂ قال: والعمل على هذا عند أهل العلم كرهوا تخصيص يوم الجمعة بالصوم إلا أن يصوم قبله أو بعده، ولم يكرهه مالك، وقال: رأيت بعض
أهل العلم يصومه ويتحراه، انظر الموطأ ١/ ٣١١.
1 / 10
النبي ﷺ دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال: "أصمت، فقالت: لا، قال: أتريدين أن تصومي غدا؟ قالت: لا. قال: فافطري".
٦- وأخرج الحاكم عن جنادة بن أبي أمية الأزدي، قال: دخلت على رسول الله ﷺ في نفر من الأزد يوم الجمعة، فدعانا إلى طعام بين يديه فقلنا: إنا صيام، قال: "أصمتم أمس قلنا: لا، قال: أفتصومون غدا قلنا: لا، قال: فافطروا ثم قال: لا تصوموا يوم الجمعة منفردا".
٧- وأخرج مسلم عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال: "لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم".
_________
٦- المستدرك ٣/ ٦٠٨، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه ووافق الذهبي.
٧- مسلم الصيام ١٤٨ وقال النووي ﵀ قال العلماء: والحكمة في النهي عنه أن يوم الجمعة يوم دعاء وذكر وعبادة من الغسل، والتبكير إلى الصلاة وانتظارا واستماع الخطب، وإكثار الذكر بعدها لقول الله تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾ "الجمعة/ ١٠"، وغير ذلك من العبادات في يومها، فاستحب الفطر فيه فيكون أعون له على هذه الوظائف، وأدائها بنشاط وانشراح لها، والتذاذ بها من غير ملل، ولا سآمة وهو نظير الحاج يوم عرفة بعرفة، فإن السنة له الفطر.
ثم قال: وفي هذا الحديث النهي الصريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة من بين الليالي، ويومها بصوم كما تقدم، وهذا متفق على كراهيته.
واحتج به العلماء على كراهة هذه الصلاة المبتدعة التي تسمى الرغائب -قاتل الله واضعها ومخترعها- فإنها بدعة منكرة من البدع التي هي ضلالة وجهالة، وفيها منكرات ظاهرة، وقد صنف جماعة من الأئمة مصنفات نفيسة في تقبيحها وتضليل مصليها ومبتدعها، ودلائل قبحها وبطلانها.
1 / 11
قال النووي: الصحيح من مذهبنا وبه قطع الجمهور كراهة صوم يوم الجمعة منفردا، وفي وجه أنه لا يكره إلا لمن لو صامه منعه من العبادة وأضعفه لحديث:
٨- أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قلما كان يفطر يوم الجمعة.
وأجاب الأول عنه بأنه ﷺ كان يصوم الخميس، فوصل الجمعة به.
واختلف في الحكمة التي كره الصوم لأجلها، والصحيح كما قال النووي أنه كره؛ لأنه يوم شرع فيه عبادات كثيرة من الذكر والدعاء والقراءة والصلاة على النبي ﷺ، فاستحب فطره ليكون أعون على أداء هذه الوظائف بنشاط من غير ملل ولا سآمة، وهو نظير الحاج بعرفات، فإن الأولى له الفطر لهذه الحكمة.
قال: فإن قيل لو كان كذلك لم تزل الكراهة بصوم قبله أو بعده لبقاء المعنى المذكور، فالجواب أنه يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما يجبر ما قد يحصل من فتور، أو تقصير في وظائف يوم الجمعة بسبب صومه.
وقيل الحكمة خوف المبالغة في تعظيمه بحيث يفتتن به كما افتتن بالسبت، قال: وهذا باطل منتقض بصلاة الجمعة، وسائر ما شرع فيه من أنواع الشعائر، والتعظيم مما ليس في غيره.
وقيل الحكمة خوف اعتقاد وجوبه. قال: وهذا منتقض بغيره من الأيام التي ندب صومها، وهذا ما ذكره النووي، وحكى غيره قولا آخر أن علته كونه عيدا، والعيد لا يصام.
_________
٨ انظر مسلم بشرح النووي ٣/ ١٩٧، ١٩٨ "ط/ الشعب".
1 / 12
٩- واختاره ابن حجر وأيده بحديث الحاكم:
عن أبي هريرة مرفوعا، يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده.
١٠- وروى ابن أبي شيبة عن علي قال: من كان منكم متطوعا من الشهر، فليصم يوم الخميس ولا يصوم يوم الجمعة، فإنه يوم طعام وشراب وذكر.
وقال آخرون: بل الحكمة مخالفة اليهود، فإنهم يصومون يوم عيدهم، أي يفردونه بالصوم، فنهى عن التشبه بهم، كما خولفوا في يوم عاشوراء، بصيام يوم قبله أو بعده، وهذا القول هو المختار عندي؛ لأنه لا ينتقض بشيء.
_________
٩- فتح الباري ٤/ ٢٣٥ وقال: رواه الحاكم وغيره وانظر المستدرك ١/ ٤٣٧.
١٠- فتح الباري ٤/ ٢٣٥ وقال: بإسناد حسن.
1 / 13
الخصوصية الثالثة: أنه يكره تخصيص ليلته بالقيام
١١- للحديث السابق، لكن أخرج الخطيب في الرواية عن مالك من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن زوجته بنت مالك بن أنس أن أباها مالكا كان يحيي ليلة الجمعة.
_________
١١- يشير للحديث السابق برقم ٧ الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه الذي أوله: "لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي".
وقال الإمام النووي في شرح مسلم ٣/ ١٩٧: وأما قول مالك في الموطأ ١/ ٣١١ لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه، ومن يقتدى به نهي عن صيام يوم الجمعة وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه، فهذا الذي قاله هو الذي رآه وقد رأى غيره خلاف ما رأى هو والسنة مقدمة على ما رآه هو وغيره، وقد ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة، فيتعين القول به ومالك معذور، فإنه لم يبلغه.
قال الداودي من أصحاب مالك: لم يبلغ مالكا هذا الحديث ولو بلغة لم يخالفه.
قلت: وعلي فإنه يبلغه ﵀ أن رسول الله ﷺ نهى أن نخص ليلة الجمعة بقيام، ولو بلغه لم يخالفه.
1 / 14
الخصوصية الرابعة: قراءة ألم تنزيل وهل أتى على الإنسان في صبحها
١٢- أخرج الشيخان عن أبي هريرة، قال: كان النبي ﷺ يقرأ يوم الجمعة في صلاة الفجر ألم تنزيل السجدة، وهل أتى على الإنسان.
_________
١٢- البخاري ٢/ ٥.
- مسلم الجمعة ٦٤، ٦٥.
قال ابن حجر في فتح الباري ٢/ ٣١٨، وفيه دليل على استحباب قراءة هاتين السورتين في هذه الصلاة من هذا اليوم لما تشعر الصيغة به من مواظبته ﷺ على ذلك، أو إكثاره منه.
بل ورد حديث ابن مسعود التصريح بمداومته ﷺ على ذلك أخرجه الطبراني، ولفظه يديم ذلك، وأصله في ابن ماجه بدون هذه الزيادة ورجاله ثقات لكن صوب أبو حاتم إرساله.
وكأن ابن دقيق العيد لم يقف عليه، فقال في الكلام على حديث الباب: ليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائما اقتضاء قويا.
وهو كما قال بالنسبة لحديث الباب، فإن الصيغة ليست نصا في المداومة لكن الزيادة التي ذكرناها نص في ذلك، وقد أشار أبو الوليد الباجي في رجال البخاري إلى الطعن في سعد بن إبراهيم لروايته هذا الحديث، وأن مالكا امتنع من الرواية عنه لأجله، وأن الناس تركوا العمل به لا سيما أهل المدينة. ا. هـ.
وليس كما قال، فإن سعدا لم ينفرد به مطلقا، فقد أخرجه مسلم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله، وكذا ابن ماجه والطبراني من حديث ابن مسعود وابن ماجه من حديث سعد بن أبي وقاص، والطبراني في الأوسط من حديث علي.
وأما دعواه أن الناس تركوا العمل به فباطلة؛ لأن أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين قد قالوا به، كما نقله ابن المنذر وغيره، حتى إنه ثابت عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، والد سعد وهو من كبار التابعين من أهل المدينة أنه أم الناس بالمدينة بهما في الفجر يوم الجمعة أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وكلام ابن العربي يشعر بأن ترك ذلك أمر طرأ على أهل المدينة؛ لأنه قال: وهو أمر لا يعلم بالمدينة، فالله أعلم بمن قطعه كما قطع غيره.
وقد اختلف تعليل المالكية بكراهة قراءة السجدة في الصلاة، فقيل: لكونها تشتمل على زيادة سجود في الفرض.
قال القرطبي: وهو تعليل فاسد بشهادة هذا الحديث.
وقيل: لخشية التخليط على المصلين ومن ثم فرق بعضهم بين الجهرية والسرية؛ لأن الجهرية يؤمن معها التخليط.
لكن صح من حديث ابن عمر أنه ﷺ قرأ سورة فيها سجدة في صلاة الظهر، فسجد بها أخرجه أبو داود والحاكم، فبطلت التفرقة.
قلت: وفي تصحيح هذا الحديث نظر، حيث قال المحقق في فتح الباري ما نصه: والصواب أنه ضعيف؛ لأن في إسناده عند أبي داود رجلا مجهولا يدعى أمية كما نص على ذلك أبو داود في رواية الرملي عنه، ونبه عليه الشوكاني في نيل الأوطار، والله أعلم. =
1 / 15
........................................................................................
_________
= قال ابن حجر: ومنهم من علل الكراهة بخشية اعتقاد العوام أنه فرض، قال ابن رقيق العيد: أما القول بالكراهة مطلقا، فيأباه الحديث لكن إذا انتهى الحال إلى وقوع هذه المفسدة، فينبغي أن تترك أحيانا لتندفع، فإن المستحب قد يترك لدفع المفسدة المتوقعة، وهو يحصل بالترك في بعض الأوقات.
وإلى ذلك أشار ابن العربي بقوله: ينبغي أن يفعل ذلك في الأغلب للقدوة.
ويقطع أحيانا لئلا تظنه العامة سنة. ا. هـ.
هذا على قاعدتهم في التفرقة بين السنة والمستحب، وقال صاحب المحيط من الحنفية.
يستحب قراءة هاتين السورتين من صبح يوم الجمعة بشرط أن يقرأ غير ذلك أحيانا؛ لئلا يظن الجاهل أنه لا يجزئ غيره.
وأما صاحب الهداية من الأحناف، فذكر أن علة الكراهة هجران الباقي، وإيهام التفضيل.
وقول الطحاوي يناسب قول صاحب المحيط، فإنه خص الكراهة بمن يراه حتما لا يجزئ غيره، أو يرى القراءة بغيره مكروهة فائدتان.
الأولى لم أر في شيء من الطرق التصريح بأنه ﷺ سجد لما قرأ سورة تنزيل السجدة في هذا المحل، إلا في كتاب الشريعة لابن أبي داود من طريق أخرى عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "قدمت على رسول الله ﷺ يوم الجمعة في صلاة الفجر، فقرأ سورة فيها سجدة، فسجد الحديث، وفي إسناده من ينتظر في حاله".
وللطبراني في الصغير من حديث علي أن النبي ﷺ سجد في صلاة الصبح في تنزيل السجدة لكن في إسناده ضعف.
الثانية قيل الحكمة في اختصاص يوم الجمعة بقراءة سورة السجدة، قصد السجود الزائد حتى إنه يستحب لمن لم يقرأ هذه السورة بعينها أن يقرأ سورة غيرها فيها سجدة قد عاب ذلك على فاعله غير واحد من العلماء، ونسبهم صاحب الهدى إلى قلة العلم، ونقص المعرفة لكن عند ابن أبي شيبة بإسناد قوي =
1 / 16
١٣- وفي الباب عن ابن عباس، وابن مسعود وعلي وغيرهم ولفظ ابن مسعود عند الطبراني يديم ذلك.
قيل: والحكمة من قراءتهما الإشارة على ما فيهما من ذكر خلق آدم، وأحوال يوم القيامة؛ لأن ذلك كان ويقع يوم الجمعة ذكره ابن دحية، وقال غيره بل قصد السجود الزائد.
١٤- وأخرج ابن أبي شيبة عن ابراهيم النخعي أنه قال: يستحب أن يقرأ في صبح يوم الجمعة بسورة فيها سجدة.
١٥- وأخرج أيضا عنه أنه قرأ سورة مريم.
١٦- وأخرج ابن عون قال: كانوا يقرأون في الصبح يوم الجمعة بسورة فيها سجدة.
_________
= عن إبراهيم النخعي أنه قال: يستحب أن يقرأ في الصبح يوم الجمعة بسورة فيها سجدة، وعنده من طريقه أيضا أنه فعل ذلك، فقرأ سورة مريم.
ومن طريق ابن عون قال: كانوا يقرأون في الصبح يوم الجمعة بسورة فيها سجدة.
وعنده من طريقه أيضا قال: وسألت محمدا يعني ابن سيرين عنه فقال: لا أعلم به بأسًا.
وقال النووي مقياس مذهبنا أنه يكره في الصلاة إذا قصده، وقد أفتى ابن عبد السلام قبله بالمنع، وببطلان الصلاة بقصد ذلك.
قال صاحب المهمات: مقتضى كلام القاضي حسين الجواز.
وقال الفاروقي في فوائد المهذب: لا تستحب قراءة سجدة غير تنزيل، فإن ضاق الوقت عن قراءتها قرأ بما أمكن منها ولو بآية السجدة منها.
ووافقه ابن أبي عصرون في كتاب الانتصار وفيه نظر.
وانظر كذلك ألفاظ الحديث المختلفة، والتعليق عليها في الترمذي رقم ٥٢٠ والبيهقي ٣/ ٢٠١ -النسائي الجمعة باب ٣٧- عبد الرزاق رقم ٢٧٣١ و٥٧٠٦، ٥٢٣٦.
- ابن كثير ٦/ ٣٦٠ -القرطبي ١٤/ ٨٤- مسند أحمد ١/ ٣٤٠.
- الحلية ٧/ ١٨٣.
- مجمع الزوائد ٢/ ١٦٩.
1 / 17
الخصوصية الخامسة: أن صلاة أفضل الصلوات عند الله
...
الخصوصية الخامسة: أن صلاة الصبح أفضل الصلوات عند الله
١٧- أخرج سعيد بن منصور في سننه عن ابن عمر أنه قعد جمران في صلاة الصبح، فلما جاء قال: ما شغلك عن هذه الصلاة أما علمت أن أوجه الصلاة عند الله غداة الجمعة من يوم الجمعة في جماعة المسلمين.
١٨- وأخرجه البيهقي في الشعب مصرحا برفعه بلفظ: أن أفضل الصلاة عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة.
_________
١٨- حديث ابن عمر ﵄ روي بألفاظ متقاربة.
اللفظ الأول روى الطبراني في الكبير بلفظ أن أفضل الصلاة عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة، انظر كنز العمال رقم ١٩٣٠٧.
اللفظ الثاني رواه الديلمي بلفظ أفضل الأعمال عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة انظر كنز العمال رقم ١٩٣٠٨.
اللفظ الثالث رواه أبو نعيم في الحلية، والبيهقي في الشعب بلفظ أفضل الصلوات عند الله تعالى صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة انظر كنز العمال رقم ١٩٢٩٩.
1 / 18
١٩- وأخرج البزار والطبراني عن أبي عبيدة ابن الجراح، قال: قال رسول الله ﷺ: "ما من الصلوات صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في الجماعة، وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفورا له".
_________
١٩- قال البزار: حدثنا عبد الله بن أحمد بن شبوية، وأحمد بن منصور قالا: ثنا سعيد بن الحكم ثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن خزعلة علي بن يزيد عن القاسم، عن أبي أمامة عن أبي عبيدة بين الجراح، عن النبي ﷺ قال: "إن أفضل الصلوات صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة، وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفورا له" قال البزار: تفرد به أبو عبيدة فيما أعلم انظر كشف الأستار ١/ ٢٩٨، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٢/ ١٦٨: رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط كلهم من رواية عبيد الله بن زهر عن علي بن يزيد، وهما ضعيفان.
انظر ميزان الاعتدال ٣/ ٦ ترجمة عبيد الله بن زحر.
الخصوصية السادسة: سادة الجمعة ... الخصوصية السادسة: صلاة الجمعة واختصاصها بركعتين، وهي في سائر الأيام أربع.
الخصوصية السادسة: سادة الجمعة ... الخصوصية السادسة: صلاة الجمعة واختصاصها بركعتين، وهي في سائر الأيام أربع.
1 / 19
الخصوصية السابعة: أنها تعدل حجة
٢٠- أخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال، والحافظ ابن أبي أسامة في مسنده عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: "الجمعة حج المساكين".
٢١- وأخرج ابن زنجويه عن سعيد بن المسيب، قال: "للجمعة أحب إلي من حجة تطوع".
_________
٢٠- كشف الخفاء ١/ ٤٠٠- الفوائد المجموعة ص٤٣٧- تذكرة ١١٤- كنز العمال ٢١٠٣٢، ٢١٠٣١- إتحاف السادة المتقين ٩/ ١٥٢- الأحياء ٤/ ١٣٣
قال العجلوني: رواه القضاعي عن ابن عباس ﵄، ورفعه وفي لفظ الفقراء بدل المساكين وفي سنده مقاتل ضعيف، وعزاه في الدرر لابن أبي أسامة في مسنده، وقال الصغاني: موضوع وروى الديلمي عن ابن عمر رفعه "الدجاج غنم فقراء أمتي والجمعة حج فقرائها وفي كنز العمال رقم ٢١٠٣١ بلفظ الجمعة حج المساكين، وعزاه لابن زنجويه في ترغيبه، والقضاعي وبرقم ٢١٠٣٢ بلفظ الجمعة حج الفقراء، وعزاه للقضاعي وابن عساكر، وقال الشوكاني: لا أصل له.
الخصوصية الثامنة: الجهر فيها وصلوات النهار سرية.
الخصوصية التاسعة: قراءة الجمعة والمنافقين فيها ٢٢- أخرج مسلم عن أبي هريرة، قال: سمعت النبي ﷺ يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة، وإذا جاءك المنافقون. ٢٣- وأخرجه الطبراني في الأوسط بلفظ بالجمعة يحرض بها المؤمنين، وفي الثانية بسورة المنافقين يفزع بها المنافقين. _________ ٢٢- قال النووي في شرح مسلم ٢/ ٥٢٩ "ط/ الشعب"، فيه استحباب قراءتها بكمالها فيها، وهو مذهبنا ومذهب آخرين. قال العلماء: الحكمة في قراءة الجمعة اشتمالها على وجوب الجمعة، وغير ذلك من أحكامها، وغير ذلك مما فيها من القواعد، والحث على التوكل والذكر وغير ذلك. وقراءة سورة المنافقين لتوبيخ حاضريها منهم، وتنبيههم على التوبة وغير ذلك مما فيها من القواعد؛ لأنهم ما كانوا يجتمعون في مجلس أكثر من اجتماعهم فيها. ٢٣- مجمع الزوائد ٢/ ١٩١، عن أبي هريرة ﵁، قال: كان رسول الله ﷺ ما يقرأ في صلاة الجمعة بالجمعة، فيحرض به المؤمنين وفي الثانية بسورة المنافقين، فيقرع به المؤمنين قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن، ومحمد بن عمار هو الوازعي، وهو وشيخه عبد الصمد من أهل الرأي، وثقهما ابن حبان.
الخصوصية الثامنة: الجهر فيها وصلوات النهار سرية.
الخصوصية التاسعة: قراءة الجمعة والمنافقين فيها ٢٢- أخرج مسلم عن أبي هريرة، قال: سمعت النبي ﷺ يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة، وإذا جاءك المنافقون. ٢٣- وأخرجه الطبراني في الأوسط بلفظ بالجمعة يحرض بها المؤمنين، وفي الثانية بسورة المنافقين يفزع بها المنافقين. _________ ٢٢- قال النووي في شرح مسلم ٢/ ٥٢٩ "ط/ الشعب"، فيه استحباب قراءتها بكمالها فيها، وهو مذهبنا ومذهب آخرين. قال العلماء: الحكمة في قراءة الجمعة اشتمالها على وجوب الجمعة، وغير ذلك من أحكامها، وغير ذلك مما فيها من القواعد، والحث على التوكل والذكر وغير ذلك. وقراءة سورة المنافقين لتوبيخ حاضريها منهم، وتنبيههم على التوبة وغير ذلك مما فيها من القواعد؛ لأنهم ما كانوا يجتمعون في مجلس أكثر من اجتماعهم فيها. ٢٣- مجمع الزوائد ٢/ ١٩١، عن أبي هريرة ﵁، قال: كان رسول الله ﷺ ما يقرأ في صلاة الجمعة بالجمعة، فيحرض به المؤمنين وفي الثانية بسورة المنافقين، فيقرع به المؤمنين قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن، ومحمد بن عمار هو الوازعي، وهو وشيخه عبد الصمد من أهل الرأي، وثقهما ابن حبان.
1 / 20
الخصوصية العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة اختصاصها بالجماعة، وبأربعين وبمكان واحد من البلد، وبإذن السلطان أو اشتراطا كما هو مقرر في كتب الفقه:
٢٤- وأقوى ما رأيته للاختصاص بأربعين ما أخرجه الدارقطني في سننه عن جابر بن عبد الله ﵁، قال: قضت السنة أن في كل أربعين فما فوق ذلك جمعة.
_________
٢٤- الدارقطني ٢/ ٣، ٤، والحديث أخرجه أيضا البيهقي، وفيه عبد العزيز بن عبد الرحمن قال أحمد: اضرب على حديثه، فإنها كذب أو موضوعة.
وقال النسائي ليس بثقة، وقال الدارقطني: منكر الحديث وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج، وقال البيهقي: هذا الحديث لا يحتج بمثله.
وقال عبد الحق في أحكامه: لا يصح في عدد الجمعة شيء.
وقال الحافظ ابن حجر: وقد وردت عدة أحاديث تدل على الاكتفاء بأقل من أربعين.
وكذلك قال السيوطي: لم يثبت في شيء من الأحاديث تعيين عدد مخصوص.
انظر تلخيص الحبير ٢/ ٥٥، وذهب الراية ٢/ ١٩٧.
1 / 21
الخصوصية الرابعة عشرة: اختصاصها بارادة تحريق من مختلف عنها
...
الخصوصية الرابعة عشرة: اختصاصها بإرادة تحريق من تخلف عنها
٢٥- أخرج الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين عن ابن مسعود ﵁ أن النبي ﷺ، قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أحرق على قوم يتخلفون عن الجمعة بيوتهم".
_________
٢٥- مستدرك الحاكم ١/ ٢٩٢.
والحديث في البيهقي ٣/ ١٧٢، وعزاه لمسلم، وهو كما قال فقد رواه مسلم في صحيحه في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب "٤٢" فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها حديث رقم ٢٥٤، ولفظه عن عبد الله بن مسعود أن النبي ﷺ، قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أحرمه على رجال يتخلفون عن الجمعة في بيوتهم".
وقال النووي ﵀ ٢/ ٢٩٧ و٢٦٨ "ط/ الشعب" في هذا الحديث أن الإمام إذا عرض له شغل ليستخلف من يصلي بالناس، وإنما باتيانهم بعد إقامة الصلاة؛ لأنه بذلك؟؟؟ يتحقق مخالفتهم وتخلفهم، فيتوجه باللوم عليهم وفيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر.
الخصوصية الخامسة عشرة: الطبع على قلب من تركها ٢٦- أخرج مسلم عن ابن عمر وأبي هريرة، قالا: قال رسول الله ﷺ: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين". _________ ٢٦- مسلم بشرح النووي ٢/ ٥١٦، وقال النووي: قوله ودعهم أي تركهم وفيه أن الجمعة فرض عليهم، ومعنى الختم الطبع والتغطية قالوا في قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾، أي طبعه ومثله "الرين"، فقيل: الرين اليسير من الطبع والطبع اليسير من الإقفال، والإقفال أشدها. قال القاضي: اختلف المتكلمون في هذا اختلافا كثيرا، فقيل: هو إعدام اللطف وأسباب الخير. وقيل: هو خلق الكفر في صدورهم، وهو قول أكثر متكلمي أهل السنة. وقال غيرهم: هو الشهادة عليهم، وقيل: هو علامة جعلها الله تعالى في قلوبهم لتعرف بها الملائكة من يمدح ومن يذم.
الخصوصية الخامسة عشرة: الطبع على قلب من تركها ٢٦- أخرج مسلم عن ابن عمر وأبي هريرة، قالا: قال رسول الله ﷺ: "لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين". _________ ٢٦- مسلم بشرح النووي ٢/ ٥١٦، وقال النووي: قوله ودعهم أي تركهم وفيه أن الجمعة فرض عليهم، ومعنى الختم الطبع والتغطية قالوا في قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾، أي طبعه ومثله "الرين"، فقيل: الرين اليسير من الطبع والطبع اليسير من الإقفال، والإقفال أشدها. قال القاضي: اختلف المتكلمون في هذا اختلافا كثيرا، فقيل: هو إعدام اللطف وأسباب الخير. وقيل: هو خلق الكفر في صدورهم، وهو قول أكثر متكلمي أهل السنة. وقال غيرهم: هو الشهادة عليهم، وقيل: هو علامة جعلها الله تعالى في قلوبهم لتعرف بها الملائكة من يمدح ومن يذم.
1 / 22
٢٧- وأخرج أبو داود والترمذي، وحسنه والحاكم وصححه، وابن ماجه عن أبي الجعد الضمري أن رسول الله ﷺ، قال: "من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه".
٢٨- وأخرج الحاكم وابن ماجه، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ، قال: "من ترك الجمعة ثلاثا من غير ضرورة طبع الله على قلبه".
_________
٢٧- الترمذي ٥٠٠- ابن ماجه ١١٢٥- البيهقي ٣/ ١٧٢ و٢٤٧ و٢٤٨ موارد الظمآن رقم ٥٥٤- الدولابي ١/ ٢٢- شرح السنة ٤/ ٢١٣- القرطبي ١٨/ ١٠٥، ١٠٦- المستدرك ٢/ ٤٨٨- مسند أحمد ٣/ ٣٣٢- مجمع الزوائد ٢/ ١٩٢- مشكل الآثار ٤/ ٢٣٠.
وقال الترمذي: حديث أبي الجعد حديث حسن، وقال ابن حجر في التلخيص ٢/ ٥٢: وصححه ابن السكن من هذا الوجه.
- أبو داود رقم ١٠٥٢.
٢٨- ابن ماجه ١١٢٦- المستدرك ١/ ٢٨٠- مشكل الآثار ٤/ ٢٣٠
وقال ابن حجر في التلخيص: حديث جابر ﵁ رواه النسائي، وابن ماجه وابن خزيمة والحاكم، وقال الدارقطني: أنه أصح من حديث أبي الجعد.
1 / 23
٢٩- وأخرج سعيد بن منصور عن أبي هريرة، قال: من ترك ثلاث جمع من غير علة طبع الله على قلبه، وهو منافق.
٣٠- وأخرج عن ابن عمر قال: من ترك ثلاث جمع متعمدا من غير علة ختم الله على قلبه بخاتم النفاق.
٣١- وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "من ترك الجمعة من غير عذر لم يكن لها كفارة دون يوم القيامة".
٣٢- وأخرج عن سمرة قال: قال رسول الله ﷺ: "احضروا لجمعة وادانوا من الإمام، فإن الرجل يتخلف عن الجمعة، فيتخلف عن الجنة وأنه لمن أهلها".
_________
٣٠- حديث ابن عمر ﵄ عزاه ابن حجر في التلخيص ٢/ ٥٣ للطبراني في الأوسط انظر مجمع الزوائد ٢/ ١٩٣، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في
الأوسط، وفيه جماعة لم أجد من ترجمهم ولفظه: "ألا هل عسى أحد منكم أن
يتخذ الصبة من الغنم على رأس ميلين، أو ثلاثة تأتي الجمعة، فلا يشهدها ثلاثا، فيطبع الله على قلبه".
٣٢- البيهقي ٣/ ٢٣٨- الطبراني في الكبير ٧/ ٢٤٩- مجمع الزوائد ٢/ ١٧٧ وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير ١/ ١٢٥، وفيه الحكم بن عبد الملك وهو
ضعيف.
- الترغيب والترهيب ١/ ٥٠٣.
- مسند أحمد ٥/ ١٠.
- المطالب العالية رقم ٥٩١.
- علل الحديث رقم ٥٨٧.
والحديث رواه أبو داود ١١٠٨ عن سمرة ﵁ بلفظ: احضروا الذكر وادنوا من الإمام، فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة، وإن دخلها.
وفي الهامش قال المحقق: وفي إسناده انقطاع، ولكن الحديث حسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم ٣٦٥، وانظر المستدرك ١/ ٢٨٩.
1 / 24
الخصوصية السادسة عشرة: مشروعية الكفارة لمن تركها
٣٣- أخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم، وابن ماجه عن سعيد بن جبير، عن النبي ﷺ قال: "من ترك الجمعة من غير عذر، فليتصدق بدينار، فإن لم يجد فبنصف دينار".
٣٤- وأخرج أبو داود عن قدامة بن وبرة قال: قال رسول الله ﷺ: "من فاتته الجمعة من غير عذر، فليتصدق بدرهم أو نصف درهم، أو صاع حنطة أو نصف صاع".
_________
٣٣- الحديث رواه أبو داود حديث رقم ١٠٥٣ ومسند أحمد ٨١٥، ١٤ والنسائي ٣/ ٨٩ والحاكم ١/ ٢٨٠ وابن ماجه ١١٣٥ عن عنترة بن جندب ﵁، وليس عن سعيد بن جبير كما في حديث الباب ويبدو أنه تصحيف.
والحديث رواه البغوي كذلك في شرح السنة ٤/ ٣١٦.
٣٤- أبو داود رقم ١٠٥٤.
1 / 25