نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة
نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة
Maison d'édition
مطبعة سفير
Lieu d'édition
الرياض
Genres
رسائل سعيد بن علي بن وهف القحطاني
نور التوحيد
وظلمات الشرك
في ضوء الكتاب والسُّنَّة
تأليف الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
Page inconnue
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في: «نور التوحيد وظلمات الشرك»، بيّنت فيها: مفهوم التوحيد، وأدلته، وأنواعه، وثمراته، ومفهوم الشرك، وأدلة إبطاله، والشفاعة: المنفية، والمثبتة، وأسباب ووسائل الشرك، وأنواعه، وأقسامه، وأضراره وآثاره.
ولا شك أن التوحيد نور يوفق الله له من يشاء من عباده، والشرك ظلمات بعضها فوق بعض يُزيَّن للكافرين قال الله ﷿: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ (١)، وقد بيّن الله ﷿ أنه أنزل على محمد ﷺ الآيات الواضحات والدلائل الباهرات، وأعظمها القرآن الكريم؛ ليخرج الناس بإرسال الرسول ﷺ وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة: من ظلمات الضلالة والشرك، والجهل،
_________
(١» سورة الأنعام، الآية: ١٢٢.
1 / 3
إلى نور الإيمان والتوحيد، والعلم والهدى، قال سبحانه: ﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ (١).
وقد قسمت البحث إلى مبحثين، وتحت كل مبحث مطالب على النحو الآتي:
المبحث الأول: نور التوحيد:
المطلب الأول: مفهوم التوحيد.
المطلب الثاني: البراهين في إثبات التوحيد.
المطلب الثالث: أنواع التوحيد.
المطلب الرابع: ثمرات التوحيد وفوائده.
المبحث الثاني: ظلمات الشرك:
المطلب الأول: مفهوم الشرك.
المطلب الثاني: أدلة إبطال الشرك.
المطلب الثالث: الشفاعة المنفية والمثبتة.
المطلب الرابع: مسبغ النعم المستحق للعبادة.
المطلب الخامس: أسباب ووسائل الشرك.
المطلب السادس: أنواع الشرك وأقسامه.
المطلب السابع: أضرار الشرك وآثاره.
والله سبحانه أسأل باسمه الأعظم الذي إذا سُئِلَ به أعطى أن يجعل
_________
(١» سورة الحديد، الآية: ٩.
1 / 4
هذا العمل القليل مباركًا خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه ﷿ خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين، والصلاة على عبده ورسوله الأمين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف
حرر في ظهر يوم الثلاثاء الموافق ١٦/ ١٠/١٤١٩ هـ.
1 / 5
المبحث الأول: نور التوحيد
المطلب الأول: مفهوم التوحيد:
التوحيد المطلق: هو: العلم والاعتراف المقرون بالاعتقاد الجازم، بتفرّد الله ﷿ بالأسماء الحسنى، وتَوَحُّدِهِ بِصفات الكمال، والعظمة والجلال، وإفراده وحده بالعبادة (١)، قال ﷾: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ (٢).
قال العلامة السعدي ﵀: «أي متوحد منفرد في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، فليس له شريك: في ذاته، ولا سَمِيٌّ له، ولا كفءٌ، ولا مثلٌ، ولا نظيرٌ، ولا خالقُ ولا مدبرُ غيره؛ فإذا كان كذلك فهو المستحق؛ لأن يؤله ويعبد بجميع أنواع العبادة، ولا يشرك به أحد من خلقه» (٣).
والتوحيد على هذه المعاني: هو إفراد الله تعالى بما يختص به: من الأسماء، والصفات، والألوهية، والربوبية.
المطلب الثاني: البراهين الساطعات في إثبات التوحيد
البراهين الساطعات، والبينات الواضحات في كتاب الله ﷿، وفي سنة النبي ﷺ على إثبات التوحيد كثيرة لا تحصر، ولكن منها على سبيل المثال ما يأتي:
_________
(١» انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد، للسعدي، ص ١٨.
(٢» سورة البقرة، الآية: ١٦٣.
(٣» تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص ٦٠.
1 / 6
أولًا: قال الله ﷿: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ *
مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ
الْمَتِينُ﴾ (١) والمعنى: ما خلقت الجن والإنس إلا ليُوحِّدونِ (٢).
ثانيًا: قال ﷾: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُواْ الله وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوت فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى الله وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ (٣): يخبر الله ﷿ أن حجته قامت على جميع الأمم، وأنه ما من أمّة متقدّمة، أو متأخرة إلا وبعث الله فيها رسولًا، وكلهم متفقون على دعوة واحدة، ودين واحد، وهو: عبادة الله وحده لا شريك له، فانقسمت الأمم بحسب استجابتها لدعوة الرسل قسمين: ﴿فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى الله﴾ فاتبعوا المرسلين، ﴿وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ فاتبع سبيل الغي (٤).
ثالثًا: قال ﷿: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَاْ فَاعْبُدُونِ﴾ (٥)، فكل الرسل عليهم الصلاة والسلام قبل النبي ﷺ: زبدة رسالتهم وأصلها: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، وبيان أنه الإله الحق المعبود، وأن عبادة ما سواه باطلة (٦)؛ ولهذا قال الله ﷿: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ
_________
(١» سورة الذاريات، الآيات: ٥٦ - ٥٨.
(٢» الجامع لأحكام القرآن الكريم، للقرطبي، ١٧/ ٥٧.
(٣» سورة النحل، الآية: ٣٦.
(٤» انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص ٣٩٣.
(٥» سورة الأنبياء، الآية: ٢٥.
(٦» انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، ١٨/ ٤٢٧، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص ٤٧٠.
1 / 7
أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُون﴾ (١).
رابعًا: قال الله ﷾: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ (٢)، فالله ﷿ قَضَى، وَوَصَّى، وحَكَم، وأمر بالتوحيد فقال:
﴿وَقَضَى رَبُّكَ﴾ قضاءً دينيًا، وأمرًا شرعيًّا، ﴿أَلاَّ تَعْبُدُواْ﴾ أحدًا: من أهل الأرض والسموات، الأحياء، والأموات، ﴿إِلاَّ إِيَّاهُ﴾؛ لأنه الواحد الأحد، الفرد الصمد (٣).
خامسًا: الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يقولون لأممهم: ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُوا الله مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ (٤)، والمعنى: اعبدوا الله وحده؛ لأنه الخالق، الرازق، المدبر لجميع الأمور، وما سواه مخلوق مُدبَّر ليس له من الأمر شيء (٥)، فهو المستحق للعبادة وحده.
سادسًا: قال ﷾: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (٦).
سابعًا: قال ﷾: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِين * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (٧): أمر الله
_________
(١» سورة الزخرف، الآية: ٤٥.
(٢» سورة الإسراء، الآية: ٢٣.
(٣» انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، ١٧/ ٤١٣، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ٣/ ٣٤، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص ٤٠٧.
(٤» سورة الأعراف، الآيات: ٥٩ - ٦٥.
(٥» انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص ٢٥٥.
(٦» سورة البينة، الآية: ٥.
(٧» سورة الأنعام، الآيتان: ١٦٢ - ١٦٣.
1 / 8
﷿ نبيه محمدًا ﷺ أن يقول للمشركين: إن صلاتي وذبحي، وحياتي، وما آتيه فيها، وما يجريه الله عليَّ، وما يُقَدِّر عليَّ فالجميع لله رب العالمين، لا شريك له في العبادة، كما أنه لا شريك له في الملك والتدبير، وبذلك أمرني ربي، وأنا أول من أقرَّ، وأذعن، وخضع من هذه الأمة لربه (١).
ثامنًا: عن معاذ بن جبل ﵁ أن النبي ﷺ قال: له: «يا معاذ هل تدري ما حق الله على عباده»؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا»، ثم سار ساعة ثم قال:
«يا معاذ، هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟» قلت: الله ورسوله أعلم. ال: «حقّ العباد على الله أن لا يعذِّبَ من لا يشرك به شيئًا» (٢)، وهذا الحديث العظيم يبيّن أن حقّ الله على عباده أن يعبدوه وحده لا شريك له بما شرعه لهم من العبادات، ولا يشركوا معه غيره، وأن حق العباد على الله ﷿ أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا، ولا شك أن حق العباد على الله: هو ما وعدهم به من الثواب، فحق ذلك ووجب بحكم وعده الصدق، وقوله الحق، الذي لا يجوز عليه الكذب في الخبر، ولا الخلف في الوعد، فهو حق جعله الله سبحانه على نفسه، تفضلًا، وكرمًا، فهو سبحانه الذي أوجب على نفسه حقًّا لعباده المؤمنين، كما حرّم الظلم
_________
(١» انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، ١٢/ ٢٨٣، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص ٢٤٥.
(٢» متفق عليه: البخاري، كتاب اللباس، باب إرداف الرجل خلف الرجل، ٧/ ٨٩، برقم ٥٩٦٧، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، قطعًا، ١/ ٥٨، برقم ٣٠، واللفظ للبخاري، برقم ٢٨٥٦، ورقم ٦٥٠٠.
1 / 9
على نفسه، لم يوجب ذلك مخلوق عليه، ولا يقاس بمخلوقاته، بل هو بحكم رحمته، وعدله، كتب على نفسه الرحمة، وحرّم على نفسه الظلم (١).
تاسعًا: عن عتبان بن مالك ﵁، يرفعه إلى النبي ﷺ: «.. فإن الله حرّم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله» (٢).
المطلب الثالث: أنواع التوحيد
الله ﷾: هو ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، فإفراده تعالى وحده بالعبادة كلها وإخلاص الدين كله لله، هذا هو توحيد الألوهية: وهو معنى «لا إله إلا الله»، وهذا التوحيد يتضمن جميع أنواع التوحيد (٣) ويستلزمها؛ فإن التوحيد نوعان:
النوع الأول: التوحيد الخبري العلمي الاعتقادي (٤): وهو توحيد في المعرفة والإثبات، وهو: توحيد الربوبية، والأسماء، والصفات، وهو إثبات حقيقة ذات الرب تعالى، وصفاته، وأفعاله، وأسمائه، وتكلّمه بكتبه لمن شاء من عباده، وإثبات عموم قضائه، وقدره، وحكمته، وتنزيهه عمَّا لا يليق به.
_________
(١» انظر: المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، ١/ ٢٠٣، وشرح النووي على صحيح مسلم، ١/ ٣٤٥، ومجموع فتاوى ابن تيمية، ١/ ٢١٣.
(٢» متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت،١/ ١٢٥،برقم ٤٢٥،ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، ١/ ٤٥٥،برقم ٣٣.
(٣» انظر: تيسير العزيز الحميد، للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، ص ٧٤، والقول السديد، للسعدي، ص ١٧، وبيان حقيقة التوحيد، للشيخ صالح الفوزان، ص ٢٠.
(٤» انظر: مدارج السالكين، لابن القيم، ٣/ ٤٤٩.
1 / 10
النوع الثاني: التوحيد الطلبي القصدي الإرادي: وهو توحيد في الطلب والقصد: وهو توحيد الإلهية أو العبادة (١).
وتكون أنواع التوحيد على التفصيل ثلاثة أنواع على النحو الآتي:
النوع الأول: توحيد الربوبية، وهو: الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى هو الرب المتفرّد بالخلق، والملك، والرِّزْق، والتدبير، الذي ربّى جميع خلقه بالنعم، وربّى خواص خلقه - وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم المخلصون - بالعقائد الصحيحة، والأخلاق الجميلة، والعلوم النافعة، والأعمال الصالحة، وهذه التربية النافعة للقلوب والأرواح المثمرة لسعادة الدنيا والآخرة.
وتوحيد الربوبية باختصار: هو توحيد الله تعالى بأفعاله.
النوع الثاني: توحيد الأسماء والصفات: وهو الاعتقاد الجازم بأن الله هو المنفرد بالكمال المطلق من جميع الوجوه، وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله ﷺ من جميع الأسماء والصفات، ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق بعظمته وجلاله من غير نفيٍ لشيءٍ منها، ولا تعطيل، ولا تحريف، ولا تمثيل، ولا تكييف. ونفي ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله ﷺ من النقائص والعيوب، وعن كل ما ينافي كماله.
وتوحيد الربوبية والأسماء والصفات قد وضَّحه الله في كتابه كما في
_________
(١» انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، لابن القيم، ٢/ ٩٤، ومعارج القبول، لحافظ الحكمي، ١/ ٩٨، وفتح المجيد، لعبد الرحمن بن حسن، ص ١٧.
1 / 11
أول سورة الحديد، وسورة طه، وآخر سورة الحشر، وأول سورة آل عمران، وسورة الإخلاص بكاملها، وغير ذلك (١).
النوع الثالث: توحيد الإلهية، ويقال له: توحيد العبادة، وهو الاعتقاد الجازم - مع العلم والعمل والاعتراف - بأن الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، وإفراده وحده بالعبادة كلها، وإخلاص الدين كله لله، وهو يستلزم توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات ويتضمنهما؛ لأن الألوهية التي هي صفة تعمُّ أوصاف الكمال، وجميع أوصاف الربوبية والعظمة؛ فإنه المألوه المعبود لما له من أوصاف العظمة والجلال، ولما أسداه إلى خلقه من الفواضل والإفضال، فتوحُّدُهُ سبحانه بصفات الكمال، وتفرّدُه بالربوبية، يلزم منه أن لا يستحقّ العبادة أحد سواه.
وتوحيد الألوهية باختصار: هو إفراد الله تعالى بعبادة العباد.
وتوحيد الألوهية: هو مقصود دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام من أولهم إلى آخرهم. وهذا النوع قد تضمنته سورة ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا
الْكَافِرُونَ﴾، و﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ الله وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ الله فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ (٢)، وأول سورة السجدة وآخرها، وأول سورة غافر ووسطها وآخرها، وأول سورة الأعراف
_________
(١» انظر: فتح المجيد، ص ١٧، والقول السديد في مقاصد التوحيد لعبد الرحمن السعدي، ص ١٤ - ١٧، ومعارج القبول، ١/ ٩٩.
(٢» سورة آل عمران، الآية: ٦٤.
1 / 12
وآخرها، وغالب سور القرآن.
وكل سور القرآن قد تضمنت أنواع التوحيد، فالقرآن كله من أوله إلى آخره في تقرير أنواع التوحيد؛ لأن القرآن كله:
إما خبر عن الله تعالى وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأقواله، فهذا هو التوحيد العلمي الخبري الاعتقادي: «توحيد الربوبية والأسماء والصفات».
وإما دعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وخلع ما يُعبد من دونه، وهذا هو التوحيد الإرادي الطلبي - «توحيد الألوهية» -.
وإما أمر ونهي وإلزام بطاعة الله، وذلك من حقوق التوحيد ومكملاته.
وإما خبر عن إكرام أهل التوحيد، وما فعل بهم في الدنيا من النصر والتأييد، وما يكرمهم به في الآخرة، وهو جزاء توحيده سبحانه.
وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحلّ بهم في الآخرة من العذاب، فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد.
فالقرآن كله في التوحيد، وحقوقه، وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم (١).
_________
(١» انظر: مدارج السالكين، لابن القيم، ٣/ ٤٥٠، وفتح المجيد، ص ١٧ - ١٨، والقول السديد،
ص ١٦، ومعارج القبول، ١/ ٩٨.
1 / 13
المطلب الرابع: ثمرات التوحيد وفوائده
التوحيد له فضائل عظيمة، وآثار حميدة، ونتائج جميلة، ومن ذلك ما يأتي:
أولًا: خير الدنيا والآخرة من فضائل التوحيد وثمراته.
ثانيًا: التوحيد هو السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، يدفع الله به العقوبات في الدارين، ويبسط به النعم والخيرات.
ثالثًا: التوحيد الخالص يثمر الأمن التام في الدنيا والآخرة، قال الله ﷿: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾ (١).
رابعًا: يحصل لصاحبه الهدى الكامل، والتوفيق لكل أجر وغنيمة
خامسًا: يغفر الله بالتوحيد الذنوب، ويكفّر به السيئات، ففي الحديث القدسي عن أنس ﵁ يرفعه: «يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة» (٢).
سادسًا: يدخل الله به الجنة، فعن عبادة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» (٣).
_________
(١» سورة الأنعام، الآية: ٨٢.
(٢» الترمذي، كتاب الدعوات، باب فضل التوبة والاستغفار، ٥/ ٥٤٨، برقم ٣٥٤٠، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، ٣/ ١٧٦، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ١٢٧، ١٢٨.
(٣» متفق عليه: البخاري، كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ﴾
٤/ ١٦٨، برقم ٣٢٥٢، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا، ١/ ٥٧، برقم ٢٨.
1 / 14
وفي حديث جابر بن عبد الله ﵄ عن النبي ﷺ أنه قال: «من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة» (١).
سابعًا: التوحيد يمنع دخول النار بالكلية إذا كمل في القلب، ففي حديث عتبان ﵁ عن النبي ﷺ: «... فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله» (٢).
ثامنًا: يمنع الخلود في النار إذا كان في القلب منه أدنى حبة من خردل من إيمان (٣).
تاسعًا: التوحيد هو السبب الأعظم في نيل رضا الله وثوابه، وأسعد الناس بشفاعة محمد ﷺ: «من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه» (٤).
عاشرًا: جميع الأعمال، والأقوال الظاهرة والباطنة متوقفة في قبولها وفي كمالها، وفي ترتيب الثواب عليها على التوحيد، فكلما قوي التوحيد والإخلاص لله كملت هذه الأمور وتمّت.
_________
(١» مسلم، كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، ١/ ٩٤، برقم ٩٣.
(٢» متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، ١/ ١٢٦، برقم ٤٢٥، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، ١/ ٤٥٥ - ٤٥٦، برقم ٣٣.
(٣» انظر: صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾، برقم ٧٤١٠، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، ١/ ١٧٠، برقم ١٨٣، ورقم ١٩٣.
(٤» البخاري، كتاب العلم، باب الحرص على الحديث، ١/ ٣٨، برقم ٩٩.
1 / 15
الحادي عشر: يُسَهِّل على العبد فعل الخيرات، وترك المنكرات، ويسلِّيه عن المصائب، فالموحِّد المخلص لله في توحيده تخفُّ عليه الطاعات؛ لِمَا يرجو من ثواب ربه ورضوانه، ويهوِّن عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي؛ لِمَا يخشى من سخط الله وعقابه.
الثاني عشر: التوحيد إذا كَمُل في القلب حبّب الله لصاحبه الإيمان، وزيّنه في قلبه، وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان، وجعله من الراشدين.
الثالث عشر: التوحيد يخفف عن العبد المكاره، ويهوِّن عليه الآلام، فبحسب كمال التوحيد في قلب العبد يتلقَّى المكاره والآلام بقلب منشرح ونفس مطمئنة، وتسليمٍ ورضًا بأقدار الله المؤلمة، وهو من أعظم أسباب انشراح الصدر.
الرابع عشر: يحرِّر العبد من رِقّ المخلوقين والتعلُّقِ بهم، وخوفهم ورجائهم، والعمل لأجلهم، وهذا هو العزُّ الحقيقي، والشرف العالي، ويكون مع ذلك متعبِّدًا لله لا يرجو سواه، ولا يخشى إلا إيَّاه، وبذلك يتمُّ فلاحه، ويتحقّق نجاحه.
الخامس عشر: التوحيد إذا كَمُلَ في القلب، وتحقَّق تحققًا كاملًا بالإخلاص التامّ فإنه يصير القليل من عمل العبد كثيرًا، وتُضاعف أعماله وأقواله الطيبة بغير حصر، ولا حساب.
السادس عشر: تكفَّل الله لأهل التوحيد بالفتح، والنصر في الدنيا، والعزّ والشرف، وحصول الهداية، والتيسير لليسرى، وإصلاح
1 / 16
الأحوال، والتسديد في الأقوال والأفعال.
السابع عشر: الله ﷿ يدفع عن الموحِّدين أهل الإيمان شرور الدنيا والآخرة، ويمنُّ عليهم بالحياة الطيبة، والطمأنينة إليه، والأُنس بذكره.
قال العلامة السعدي ﵀: «وشواهد هذه الجمل من الكتاب والسنة كثيرة معروفة، والله أعلم» (١).
وقال ابن تيمية ﵀: «وليس للقلوب سرور ولذة تامة إلا في محبة الله تعالى، والتقرّب إليه بما يحبّه، ولا تتمّ محبّة الله إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه، وهذا حقيقة لا إله إلا الله» (٢).
_________
(١» القول السديد في مقاصد التوحيد، ص ٢٥.
(٢» مجموع الفتاوى، ٢٨/ ٣٢.
1 / 17
المبحث الثاني: ظلمات الشرك
المطلب الأول: مفهوم الشرك
الشِّرْكُ، والشِّرْكَةُ بمعنىً، وقد اشتركا، وتشاركا، وشارك أحدهما الآخر، وأشرك بالله: كفر، فهو مشركٌ ومشركي، والاسم الشرك فيهما، ورغبنا في شرككم: مشاركتكم في النسب (١)، وأشرك بالله: جعل له شريكًا في ملكه، أو عبادته، فالشرك: هو أن تجعل لله ندًا وهو خلقك، وهو أكبر الكبائر، وهو الماحق للأعمال، والمبطل لها، والحارم المانع من ثوابها، فكل من عدل بالله غيره: بالحب، أو التعظيم، أو اتبع خطواته، ومبادئه المخالفة لملة إبراهيم ﷺ فهو مشرك (٢).
والشرك هو: مساواة غير الله بالله فيما هو من خصائص الله تعالى، كما في قوله تعالى: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِين﴾ (٣).
والشرك شركان: شرك أكبر يخرج من المِلَّة، وشرك أصغر لا يخرج من الملة (٤).
وذكر العلامة السعدي ﵀ أن حدَّ الشرك الأكبر الذي يجمع أنواعه وأفراده أن يصرف العبد نوعًا أو فردًا من أفراد العبادة لغير الله،
_________
(١» انظر: القاموس المحيط، باب الكاف، فصل الشين، ص ١٢٤٠.
(٢» الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة، لعبد الرحمن الدوسري، ص ٤١.
(٣» سورة الشعراء، الآيتان: ٩٧ - ٩٨.
(٤» انظر: قضية التكفير، للمؤلف، ص ١١٩.
1 / 18
فكل: اعتقاد، أو قول، أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه لغيره شرك وكفر، وهذا ضابط للشرك الأكبر لا يشذ عنه شيء.
وأما حدّ الشرك الأصغر فهو: كل وسيلة وذريعة يتطرّق منها إلى الشرك الأكبر، من: الإرادات، والأقوال، والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة (١).
المطلب الثاني: البراهين الواضحات في إبطال الشرك
الأدلّة القاطعة الواضحة في إبطال الشرك، وذمّ أهله كثيرة، منها ما يأتي:
أولًا: كل من دعا نبيًّا، أو وليًّا، أو مَلَكًا، أو جنيًّا، أو صرف له شيئًا من أنواع العبادة فقد اتخذه إلهًا من دون الله (٢)، وهذا هو حقيقة الشّرك الأكبر الذي قال الله تعالى فيه: ﴿إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ (٣).
ثانيًا: من البراهين القطعية التي ينبغي تبيينها وتوضيحها لمن اتَّخَذَ من دون الله آلهة أخرى، قوله تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا الله لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ الله رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ (٤).
فقد أنكر سبحانه على من اتخذ من دونه آلهة من الأرض، سواء كانت
_________
(١» انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد، لعبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص ٣١، ٣٢، ٥٤.
(٢» انظر: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ص ٢٤٢.
(٣» سورة النساء، الآية: ٤٨.
(٤» سورة الأنبياء، الآيات: ٢١ - ٢٣.
1 / 19
أحجارًا أو خشبًا، أو غير ذلك من الأوثان التي تعبد من دون الله! فهل هم يحيون الأموات ويبعثونهم؟ الجواب: كلا، لا يقدرون على شيء من ذلك، ولو كان في السَّموات والأرض آلهة تستحق العبادة غير الله لفسدتا وفسد ما فيهما من المخلوقات؛ لأن تعدد الآلهة يقتضي التمانع والتنازع والاختلاف، فيحدث بسببه الهلاك، فلو فُرِضَ وجود إلهين، وأراد أحدهما أن يخلق شيئًا والآخر لا يريد ذلك، أو أراد أن يُعطي والآخر أراد أن يمنع، أو أراد أحدهما تحريك جسم والآخر يريد تسكينه، فحينئذ يختل نظام العالم، وتفسد الحياة! وذلك:
* لأنه يستحيل وجود مرادهما معًا، وهو من أبطل الباطل؛ فإنه لو وجد مرادهما جميعًا للزم اجتماع الضدين، وأن يكون الشيء الواحد حيًّا ميتًا، متحركًا ساكنًا.
* وإذا لم يحصل مراد واحد منهما لزم عجز كل منهما، وذلك يناقض الربوبية.
* وإن وُجِدَ مراد أحدهما ونفذ دون مراد الآخر، كان النافذ مراده هو الإله القادر، والآخر عاجز ضعيف مخذول.
* واتفاقهما على مراد واحد في جميع الأمور غير ممكن.
وحينئذ يتعيَّن أن القاهر الغالب على أمره هو الذي يوجد مراده وحده غير مُمانع ولا مُدافع، ولا مُنازع، ولا مُخالف، ولا شريك، وهو الله الخالق الإله الواحد، لا إله إلا هو، ولا ربَّ سواه؛ ولهذا ذكر سبحانه دليل التمانع في قوله ﷿: ﴿مَا اتَّخَذَ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا
1 / 20
لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (١).
وإتقان العالم العلوي والسفلي، وانتظامه منذ خلقه، واتساقه، وارتباط بعضه ببعض في غاية الدقة والكمال: ﴿مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ﴾ (٢). وكل ذلك مُسخَّر، ومُدَبَّر بالحكمة لمصالح الخلق كلِّهم، يدل على أن مُدبِّره واحد، وربّه واحد، وإلهه واحد، لا معبود غيره، ولا خالق سواه (٣).
ثالثًا: من المعلوم عند جميع العقلاء أن كل ما عُبِدَ من دون الله من الآلهة ضعيف من كل الوجوه، وعاجز ومخذول، وهذه الآلهة لا تملك لنفسها ولا لغيرها شيئًا من ضر أو نفع، أو حياة أو موت، أو إعطاء أو منع، أو خفض أو رفع، أو عزّ أو ذلّ، وأنها لا تتصف بأي صفة من الصفات التي يتصف بها الإله الحق، فكيف يعبد من هذه حاله؟ وكيف يُرجى أو يُخاف من هذه صفاته؟ وكيف يُسئَل من لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم شيئًا (٤).
_________
(١» سورة المؤمنون، الآيتان: ٩١ - ٩٢.
(٢» سورة الملك، الآية: ٣.
(٣» انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية، ٩/ ٣٥٢، ٣٥٤، ٣٣٧ - ٣٨٢، ١/ ٣٥ - ٣٧، وتفسير البغوي، ٣/ ٢٤١، ٣١٦،وابن كثير، ٣/ ٢٥٥، ١٧٦،وفتح القدير للشوكاني، ٣/ ٤٠٢، ٤٩٦، وتفسير عبد الرحمن السعدي، ٥/ ٢٢٠، ٣٧٤، وأيسر التفاسير لأبي بكر جابر الجزائري، ٣/ ٩٩، ومناهج الجدل في القرآن الكريم للدكتور زاهر بن عواض الألمعي، ص ١٥٨ - ١٦١.
(٤» انظر: تفسير ابن كثير، ٢/ ٨٣، ٢١٩، ٢٧٧، ٤١٧، ٣/ ٤٧، ٢١١، ٣١٠، وتفسير السعدي،
٢/ ٣٢٧، ٤٢٠، ٣/ ٢٩٠، ٤٥١، ٥/ ٢٧٩، ٤٥٧، ٦/ ١٥٣، وأضواء البيان للشنقيطي،
٢/ ٤٨٢، ٣/ ١٠١، ٣٢٢، ٥٩٨، ٥/ ٤٤، ٦/ ٢٦٨.
1 / 21