128

Letters and Fatwas of Abdul Aziz Al Sheikh

رسائل وفتاوى عبد العزيز آل الشيخ

Genres

ومنها ما يكون فيه بذل للمال كالزكاة. ومنها ما يكون فيه حبس للنفس عن مشتهياتها كالصيام، ومنها ما يكون فيه بذل للمال وعمل بالجوارح كالحج، ومنها ما يكون فيه بذل للنفس والمال كالجهاد في سبيل الله.
ومن أنواع العبادة إراقة الدم تعظيما وتقربا لله ﷿، وذلك هو الذبح أو النحر.
ولعل فاتحة هذا العدد المبارك من مجلة البحوث الإسلامية، تكون حول بعض جوانب هذه العبادة العظيمة التي قرنها الله في كتابه بالصلاة ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ (١) ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ (٢) ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ (٣) .
وأصل معنى الذبح في اللغة هو الشق، وعرفه بعضهم بأنه إزهاق الروح بإصابة الحلق أو النحر، فيشمل الذبح والنحر.
والذبيحة تسمى أيضا بالنسيكة ومنه قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (٤) وفي الجمع بين الصلاة والنحر حكمة عظيمة، وبيان لعظيم منزلة الذبح والنحر في الإسلام وأنها قربة لا يجوز صرفها إلا لله، يقول شيخ الإسلام ﵀: " أمره - يعني النبي ﷺ الله أن يجمع بين هاتين العبادتين وهما الصلاة والنسك الدالتان على القرب والتواضع والافتقار وحسن الظن وقوة اليقين، وطمأنينة القلب إلى الله وإلى عونه، عكس حال أهل الكبر والنفرة وأهل الغنى عن الله الذين لا حاجة لهم في صلاتهم إلى ربهم، والذين لا ينحرون له خوفا من الفقر، ولهذا جمع بينهما في قوله: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي﴾ (٥) الآية، والنسك: الذبيحة لله تعالى ابتغاء وجهه فإنهما أجل ما يتقرب به إلى الله، إلى أن قال ﵀: وأجل العبادات البدنية الصلاة، وأجل العبادات المالية النحر، وما يجتمع للعبد في الصلاة لا يجتمع له في غيرها، كما عرفه أرباب القلوب الحية، وما يجتمع له في النحر إذا قارنه الإيمان والإخلاص في قوة اليقين وحسن الظن، أمر عجيب، وكان النبي ﷺ كثير الصلاة كثير النحر " اهـ.

(١) سورة الكوثر الآية ١
(٢) سورة الكوثر الآية ٢
(٣) سورة الكوثر الآية ٣
(٤) سورة الأنعام الآية ١٦٢
(٥) سورة الأنعام الآية ١٦٢

1 / 127