267

دروس للشيخ ياسر برهامي

دروس للشيخ ياسر برهامي

Genres

الأعمال بخواتيمها
فهذا الرجل قتل تسعة وتسعين نفسًا إلا أن الله ﷿ أراد له خاتمة السعادة فقذف في قلبه حب التوبة، وكان ذلك قبيل موته، وبدون مقدمات يعلمها فقد كان في كامل قوته وفي عنفوان شدته، وهو ما زال على عادته من الاستهتار بسفك الدماء، وربما غاضه الإنسان بكلمة فقتله، ولكن حسن الخاتمة كانت له عند الله ﷾، وهذا يدفعنا دائمًا إلى ألا نُيئس أحدًا من رحمة الله، وأن نعلم أن الأعمال بالخواتيم، وأنها بيد الله ﷾، فأنت لا تدري هذا الذي يفعل كل هذه المعاصي، أو كل هذه الفواحش ما تكون خاتمته فلعله كتبت له خاتمة السعادة، ويختم له بعمل صالح حتى ولو كان بقلبه دون جوارحه، فيموت عليه فيقبل الله ﷿ منه، ولذا لا تحكم على الناس بجنة ولا بنار، وإياك أن تقول لأحد: لا يغفر الله لك، وإياك أن تقول: هلك الناس، فالله أعلم، وبهم هو ﷾ الشكور الذي يشكر القليل من العمل، ويغفر الكثير من الزلل، وهو ﷾ الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.
فهذه بغي من بغايا بني إسرائيل سقت كلبًا فشكر الله لها فغفر لها، وهذا رجل نحى غصنًا من شوك عن طريق المسلمين فدخل به الجنة، فشكر الله له فغفر له فأدخله الجنة.
ورحمة الله واسعة فتسعة وتسعين رحمة مدخرة ليوم القيامة، وأنزل ﷿ رحمة واحدة بها تتراحم الخلائق، وبها ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه، فادخر سبحانه تسعة وتسعين رحمة إلى يوم القيامة، فأنت لا تدري ماذا يكون حال الناس! ولذا لا تحتقر أحدًا وأنت تدعوه إلى التوبة، بل تدعوه وأنت محب مشفق ناصح أمين، ولا تنظر إليه بعين الاستعلاء؛ لأنك لا تدري بما يختم لك وبما يختم له، فالله ﷾ هو الذي يجب أن يتعلق برجائه قلبك، وهو ﷾ الذي تجعله أملك، وهو ﷾ الذي ترجوه ليوم فاقتك وحاجتك، فلا تعتمد على عملك بل عليك أن تتوكل على الله ﷾، فالله قذف في قلب هذا العبد البحث عن التوبة، وكان السؤال في موضعه فقد سأل عن أعلم أهل الأرض.

23 / 4