216

Lessons by Sheikh Muhammad Hassan Abd Al-Ghaffar

دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار

Genres

تعظيم الإمام مالك للشافعي كان مالك يعظم أهل العلم كثيرًا، وكان الشافعي وهو في حداثة سنه أول ما جلس مع مالك يستمع منه الحديث، وكانت القراءة على الشيخ عند مالك أولى من قراءة الشيخ على الطلبة -وهذه مسألة حديثية في علم المصطلح- وكان يقرأ عليه الحديث والشافعي يأخذ بأصبعه ويضعه على فيه ثم يضعها على يده، وكان مالك له وقار عظيم، حتى قال عنه المترجمون: إن مالك كان إذا دخل على طلبة العلم فكأن على رءوسهم الطير من هيبته ﵀، فالله جل وعلا زرع له في قلوب الطلبة الهيبة؛ لأنه وقر وعظم حديث رسول الله ﷺ وشرع الله جل وعلا، فكان يقول: ما مشيت في المدينة إلا حافيًا توقيرًا واحترامًا لصاحب هذا القبر أي: رسول الله ﷺ، وكان لا يجلس في مجلس التحديث إلا متعطرًا مغتسلًا وقد استاك هيبةً لحديث النبي ﷺ، ولذلك زرع الله الهيبة في قلوب طلبة العلم لهذا الشيخ الجليل العالم العظيم. ولما نظر إلى الشافعي وهو يعبث بإصبعه غضب منه احترامًا لحديث النبي ﷺ، بل إن مالكًا نفسه قال: فاتني فوق العشرين حديثًا؛ لأنني كنت قائمًا فلم أكتب حديثًا واحدًا احترامًا لحديث النبي ﷺ؛ لأن مجلس التحديث كان مملوءًا بطلبة الحديث، وكان مالك يستمع من الزهري ولم يجد مكانًا يجلس فيه، فبقي قائمًا يستمع الحديث وما كتب حديثًا واحدًا، ولما سئل في ذلك قال: استحييت أن أكتب حديث النبي ﷺ قائمًا، فلا بد أن أجلس احترامًا وتوقيرًا لحديث النبي. ولما رأى الشافعي يصنع ذلك بأصبعه غضب غضبًا شديدًا هيبة لحديث النبي ﷺ، وقال: مالي أراك سيء الأدب؟ فقال الشافعي: يا إمام وما رأيت من سوء أدبي؟ قال: أتلوا عليكم حديث رسول الله وأنت تلعب بأصبعك، فقال: والله ما كنت ألعب، إني أحفظ حديثك وما عندي ورقة وقلم ومحبرة، فكنت أكتب الأحاديث التي ذكرتها بريقي وبإصبعي على يدي، ثم ذكر كل الأحاديث التي ذكرها الإمام مالك، فأخذه مالك إلى بيته وقال له: كلمته المشهورة: قد رأيت أن الله جعل لك نورًا فلا تطفئه بالمعاصي. فالغرض المقصود أنهم كانوا يعرفون لكل صاحب فضل فضله.

19 / 17