Leçons par Cheikh Muhammad Al-Mukhtar Al-Shanqiti
دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي
Genres
المقصود من قول الرسول ﷺ: (اصنعوا لآل جعفر طعامًا)
السؤال
نريد المزيد عن قول رسول الله ﷺ: (اصنعوا لآل جعفر طعامًا) لعله أن يكون السبب لأنه استشهد معه زيد بن حارثة واستشهد عبد الله بن رواحة وكذلك حمزة وكثير من الصحابة ما قال الرسول ﷺ (اصنعوا لآل جعفر طعامًا) لأن هذا الحديث احتج به كثير من الناس حتى الآن يأتوا بالذبائح ونحن نصنعه في المطابخ، فلعلك تعطينا المزيد جزاك الله خيرا؟
الجواب
هذا الحديث الناس فيه على طوائف بين إفراط وتفريط، قوم قالوا: (اصنعوا لآل جعفر طعامًا) فأخذت الذبائح تنهال على أهل الميت، وأصبح بيت الميت أشبه ببيت فيه وليمة عرس، وهؤلاء القوم قد أفرطوا في ذلك وبالغوا وجاوزا هدي الشرع.
والقسم الثاني فرطوا وقالوا: أبدًا ما نصنع شيئًا، وتراهم يقصرون في حق أهل الميت، نعم وردت السنة عن النبي ﷺ أنه قال: (اصنعوا لآل جعفر طعامًا) وهذا قاله وخصه؛ لأنه كان من قرابته ﵊، فكانت سنة للأمة وليست خاصة بـ جعفر؛ لأنه لو أخذ بهذه القاعدة لعم الخبر على الكل، لو أخذ بهذه القاعدة لتركت كثير من السنن، ولقيل: أن النبي ﷺ ما قال ذلك في غير هذا، ألا ترى في تعزية ابنه إبراهيم حينما قال: (إن لله ما أعطى وله ما أخذ ...) ما قال هذا الكلمة حينما بلغه استشهاد كثير من الصحابة، فالمقصود أنه لا يقال بالتخصيص، فقوله ﵊ عند ورود الحادثة المعينة لا يقتضي التخصيص، والذي نص عليه العلماء ﵏ تعميم هذه السنة؛ لأن العلة المذكورة في النص تقتضي التعميم؛ لأنه قال: (فقد جاءهم ما يشغلهم) وهذه العلة يستوي فيها آل جعفر وغيرهم.
فنقول: إن السنة باقية ولكن في حدود الشرع وهذا أمر مجرب، تجد الإنسان تأتيه الفاجعة -مثلًا- قبل صلاة الظهر، يموت الميت عنده، وتراه في شغل وحزن وأهله في حزن حينما يأتي جاره بالطعام أو يأتي قريبه بالطعام يحس أن إخوانه معه وقرابته والأمة بأكملها، وهذه أمور لها مقاصد شرعية نبيلة يتعزى ببعض مصابه، لكن لو جاع يومه لربما بلغ ما به ما بلغ ولاجتمعت عليه مصيبتان: ظاهرة وباطنة، فالمقصود: أنه ليس المقصود الطعام بذاته ولكن المقصود تأليف القلوب والربط بين عباد الله وتآلف المجتمع، فالذي نص العلماء عليه بقاء هذه السنة، ولا يقال: بأن النبي ﷺ خصها فالعلة عامة، ويبقى هذا على الأصل الذي قررناه، صحيح أن الناس توسعوا وأفرطوا وزادوا فهذا أمر منكر ليس له أصل في الشرع، والله تعالى أعلم.
12 / 16