Leçons par Cheikh Muhammad Al-Mukhtar Al-Shanqiti
دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي
Genres
التفصيل فيمن اعتمر متمتعًا إلى الحج ثم خرج إلى جدة
السؤال
إذا ذهب المتمتع إلى جدة بعد عمرته، فهل يبقى حكمه حكم المتمتع أثابكم الله؟
الجواب
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: التمتع يشترط فيه أن يؤدي الإنسان العمرة في أشهر الحج أي: بعد دخول شهر شوال من ليلة العيد، فإذا أدى العمرة بعد دخول شهر شوال وفرغ منها يبقى بمكة إلى أن يحج من ذلك العام، فإذا رجع بعد العمرة نظرنا في رجوعه: فإن كان رجوعه إلى بلده فهو مفرد بإجماع العلماء إلا قولًا شاذًا وهو قول طاوس بن كيسان تلميذ ابن عباس أنه متمتع وإن رجع إلى بلده.
وظاهر القرآن يرد هذا القول، كما ذكر الأئمة في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾ [البقرة:١٩٦] ومن رجع إلى بلده لم يتمتع بالعمرة، ولذلك يعتبر مفردًا وليس عليه دم التمتع.
وأما إذا رجع إلى غير بلده فإن كان آفاقيًا -يعني: من أهل الآفاق من أهل المواقيت- فما فوق، فإنه اختلف فيه العلماء، وأصح الأقوال أن العبرة بمسافة القصر؛ لأنه إذا سافر سفرًا بعد عمرته الأولى فقد قطع السفر الأول للعمرة، ولم يتمتع بسفره الأول، وحينئذ يكون مفردًا لا متمتعًا.
وتوضيح ذلك: لو أنه قدم -مثلًا- من المدينة، وأدى العمرة في أشهر الحج، ثم رجع إلى الطائف وأحرم بالحج من الطائف فهو مفرد؛ لأنه في هذه الحالة قطع السفر الأول بالسفر الثاني، ويحرم من ميقات الطائف ويصبح مفردًا.
وأما إذا رجع إلى جدة فهي ليست على مسافة القصر في زماننا، وكانت في القديم على مسافة القصر؛ وعلى هذا فإن رجوعه إلى جدة لا يسقط دم التمتع؛ وأيضًا يتفرع على قولنا: إن جدة ليست على مسافة القصر أن أهل جدة يتمتعون، ويكونون في حكم حاضر المسجد الحرام؛ لأنهم دون مسافة القصر، فإذا تمتعوا لم يلزمهم دم؛ لأنهم من حاضري المسجد الحرام، وهذا هو مذهب طائفة من أئمة العلم ﵏.
وعليه: فإنه من رجع إلى جدة ننظر فيه: إن كان من أهل جدة صار مفردًا، وإذا أراد أن يتمتع يأتي بعمرة ثانية قبل حجه.
وإن كان من غير أهل جدة من الذين هم آفاقيون فإنه حينئذٍ يكون متمتعًا، ورجوعه إلى جدة لا يسقط سفره الأول؛ لأنها ليست مسافة قصر.
وأما إذا كان دون المواقيت مثل أن تكون مسافة بيته وأهله بينها وبين مكة كما بين جدة ومكة فإنه أيضًا مفرد، كما لو كان من الجموم وجاء بعمرة ثم سافر إلى جدة؛ فإنه ليس بمتمتع، وعليه أن يأتي بعمرة ثانية.
والله تعالى أعلم.
6 / 20