من لي بحظ النائمين بحفرة
قامت على أحجارها الصلوات
يسعى الأنام لها ويجري حولها
بحر النذور وتقرأ الآيات
ويقال هذا القطب باب المصطفى
ووسيلة تقضى بها الحاجات
قال الثاني: لقد صدقت في تعريفك، وأنصفت في وصفك، ولكني أعرف للسعادة منهجا آخر قد سلك فيه بعض الأقوام، فأصبحوا أسعد الأنام. ألم تعلم - وفقك الله - أن السعادة كل السعادة في الوصاية على اليتيم، وفي النظارة على وقف حبس على العظم الرميم؛ يأكل الأول ما شاء ولا محاسبة، ويلتهم الثاني ما أراد ولا مراقبة.
وإني أعرف في مصر قوما قد احترفوا الوصاية على الأيتام، فهم كلما حدث يتم بالبلد رشحوا أنفسهم لتلك الوصاية، وعملوا جهدهم للوصول إلى هذه الغاية.
قال صاحبه: صدقت يا أخي، ولكن أتعرف السعيدة من النساء كما عرفت السعيد من الرجال؟
قال: السعيدة من النساء من سهلت لها الأقدار، فأصبحت تدعى شيخة الزار؛ فهي تملأ يديها ذهبا، وبيتها نشبا، وترفل في الحرائر من هبات الحرائر، ورأس مالها في تلك التجارة رقية بأسماء بعض العفاريت الطيارة. تدخل على المقصورات في القصور، والمخدورات في الخدور، فتفتق بطبلها طبل آذانهن، وتهز بأسماء الجن نواعم أبدانهن، وتعمي بدخان البخور نجل أعينهن، حتى إذا امتلكت منهن الوجدان، وصار لها عليهن أي سلطان ، حكمت فيهن حكم المنوم البارع على النائم الخاضع.
Page inconnue