قبل أن يستدير الصباح كان قد حصل من جليل البزاز على عشرة آلاف دينار، ومضى عنه مشيعا بحقده المكتوم .. قال إن عليه أن يوثق علاقته بكبير الشرطة بيومي الأرمل اتقاء لأي غدر في المستقبل .. عليه أيضا أن يلتحم بحاكم الحي وكاتم سره كما يفعل الأثرياء، وفي ذلك ما فيه من العزة والأمان .. أما فاضل صنعان فقد خلا به في دكانه وهو يمر أمامه .. تفحصه بزراية وسأله: ماذا عندك لي جزاء إنقاذ رأسك يا فاضل؟
فضحك فاضل مرتبكا، وقال: عندي رأسي فهي أثمن ما أملك.
فقال عجر بمرارة: سبق أن رفضت يدي بإباء.
فقال فاضل معتذرا: لك علي أن أكفر عن خطئي.
فصمت لحظات، وقال: وهبني الله من هي خير منها، ولكن تذكر أنني أنقذت رأسك بلا مقابل مراعاة لفقرك!
15
وفي عصر اليوم تمت المراسيم الشرعية لزواج عجر من قمر العطار في جو أشبه ما يكون بجو المآتم .. تركز هم عجر في الاحتفاظ بشملول الأحدب في داره حتى تزف إليه العروس .. من ناحية أخرى اكترى دارا جميلة وشرع يعدها لاستقبال العروس .. ولم يكن مطمئنا للمستقبل كل الاطمئنان، فخدعته ستنكشف عاجلا أو آجلا، أكثر من ذلك ستعلم فتوحة بزواجه من قمر وتتجمع سحب المتاعب والأكدار .. غير أنه قد ينجو من السقوط إذا ضم إليه عروسه فانضم بطريقة ما إلى آل العطار، وإذا استثمر ماله فواتاه الربح الوفير والثراء المقيم .. وذهب إلى السوق فقابل المعلم سحلول، وقال له: لدي مال أريد أن أستثمره عندك فأنت خير المستثمرين.
فسأله سحلول، ولم يكن يعلن عن دهشته قط: من أين لك المال يا عجر؟ - الله يرزق من يشاء.
فقال باقتضاب: لا أشرك أحدا في مالي.
فقال برجاء: علمني؛ فالتعليم ثواب.
Page inconnue