وهو أيضا عاشق .. ولعل ذلك ما جعل نور الدين يتابع شبحه بقلب مبهم وتأثر عميق.
13
ألقي عليه العشق عندما سقط النقاب عن وجه دنيازاد فوق الهودج في حفل عاشوراء .. خفق قلبه الغارق في هموم الأعمال كما يبرق برق في سحاب مكفهر .. ومال نحو بيومي الأرمل كبير الشرطة، وهو من عبيد جوده: من الجارية؟
فأجابه باسما: دنيازاد أخت السلطانة!
انقبض صدره وأيقن أنها لا تشترى بالمال.
هكذا يمضي في الليل في رفقة من ذكريات غير سارة .. ولما لمح نور الدين تجاهله .. إنه يحسده لجماله ويحتج غاضبا على حسده لشخص من البشر .. ومر بدار سحلول تاجر المزادات والتحف .. قال لنفسه: «سيمسي ذلك الرجل منافسا لي في الثراء». وكان يعتبره من القلة النادرة التي تلزم الآخرين باحترامها فكرهه أكثر مما يكره الآخرين .. واتجه نحو داره وهو يقول: كرم الأصيل، عبد الله البلخي، من ذا يقرأ لنا الغيب؟ كان يجب أن تكون ثروتي من السرور أضعاف أضعاف ما أحرزه!
14
قال له البواب: مولاي، حسام الفقي كاتم السر ينتظر عودتكم في البهو.
ماذا جاء به في هذه الساعة المتأخرة؟ .. مضى إليه من فوره .. تعانقا .. قال كاتم السر: سيدي يوسف الطاهر حاكم الحي ينتظرك الآن في داره. - أي أمر عاجل وراءك؟ - لا أدري إلا أنه أمر هام.
ذهبا مسرعين .. وانفرد به يوسف الطاهر وهو يقول مداعبا: على قدر أهل العزم.
Page inconnue