فقال قمقام بأسى: كن بطلا يا صنعان، هذا قدرك!
ومضى الصوت يتلاشى وهو يقول: أستودعك الله، وأستغفره لي ولك.
ندت عن صنعان صرخة ترامت إلى بطيشة مرجان ورجال الحرس في الخارج.
جمصة البلطي
1
سبحت روح صنعان الجمالي في سماء مقهى الأمراء فغشي روادها الكدر، شهدوا محاكمته، سمعوا اعترافه الكامل، رأوا سيف شبيب رامة السياف وهو يطيح برأسه .. كانت له منزلة طيبة بين التجار والأعيان، وكان من القلة النادرة التي يحبها الفقراء، وأمام أولئك وهؤلاء ضربت عنقه، وشردت أسرته .. ذاعت قصته على كل لسان، هزت أفئدة الحي والمدينة، استعادها السلطان شهريار مرات ومرات .. وفي جو المقهى الملطف بطلائع الخريف، قال حمدان طنيشة المقاول: الله خالق الملك وصاحبه، المتصرف في شئونه بما يشاء، يقول للشيء كن فيكون، من منكم كان يتصور هذا المصير لصنعان الجمالي؟! صنعان يغتصب بنتا في العاشرة ويخنقها؟! صنعان يقتل حاكم الحي في أول لقاء معه؟!
فقال إبراهيم العطار: باستبعاد العفريت تصبح الحكاية لغزا من الألغاز!
فقال الطبيب عبد القادر المهيني: لعلها عضة الكلب، هي الأصل، ثم تفرع عنها خيالات مرض خبيث لم يعالج كما يجب!
فقال إبراهيم العطار محتدا: لا يوجد من هو أخبر مني بمداواة عضة الكلب، آخرهم كان معروف الإسكافي .. أليس كذلك يا معروف؟
فأجاب معروف من مجلسه في الوسط بين العامة: الحمد لله الذي أتم علي نعمة الشفاء.
Page inconnue