السندباد
1
رفع معروف حاكم الحي - بكل خشوع - اقتراحا للسلطان بنقل سامي شكري كاتم السر، وخليل فارس كبير الشرطة إلى حي آخر، على أن يتفضل السلطان بتعيين نور الدين كاتما للسر، والمجنون كبيرا للشرطة باسم جديد هو «عبد الله العاقل» .. ومن عجب أن السلطان استجاب له، ولو أنه سأله: أتطمئن حقا إلى المجنون كبيرا لشرطتك؟
فقال معروف بثقة: كل الاطمئنان يا مولاي.
فدعا له بالتوفيق، ثم سأله: ماذا عن سياستك يا معروف؟
فقال الرجل بتواضع: عشت عمري يا مولاي أصلح النعال حتى استقر الإصلاح في دمي.
وقد قلق الوزير دندان، فقال للسلطان عقب انصراف معروف: ألا ترى يا مولاي أن حكم الحي أصبح بيد نفر لا خبرة لهم؟
فقال السلطان بهدوء: دعنا نقدم على تجربة جديدة.
2
وكان رواد مقهى الأمراء يتسامرون في مرح يوافق ما طرأ على حيهم عندما ظهر في مدخل المقهى رجل غريب، نحيل القامة مع ميل للطول، أسود اللحية، رشيقها، يستقر في عباءة بغدادية، وعمامة دمشقية، ومركوب مغربي، وبيده مسبحة فارسية حباتها من اللؤلؤ النفيس .. انعقدت الألسنة وانجذبت نحوه الأبصار .. وبالرغم من أنه غريب إلا أنه أجال بينهم عينين باسمتين مشبعتين بألفة أهل الدار .. وعلى حين فجأة، وثب رجب الحمال قائما وهو يصيح: سبحانك ربي، ما أنت إلا السندباد!
Page inconnue