فهمس شهريار في أذن دندان: يا لها من مأدبة ملكية وما نحن إلا رعية ..
وعند لحظة معينة صاح السلطان الآخر: آن لنا أن نعقد المحكمة الإلهية ..
فسأل دندان مولاه: ألا نستأذن في الانصراف حتى نرسل الجند لمحاصرتهم قبل أن يتفرقوا؟
فقال شهريار: بل نبقى لأشهد بعيني ما يجري مما لم يجر لي في خاطر ..
وسرعان ما رفع قوم السماط .. وجيء بمنصة محكمة فنصبت في صدر السرادق .. جلس عليها السلطان الآخر، وقف إلى يمينه وزيره، وإلى يساره السياف .. وانبعث في الأركان الحراس شاهري السيوف .. وجلس شهريار الحقيقي وتابعاه ضمن قلة من الصفوة أذن لها بمتابعة محكمة العدل الإلهي.
4
قال السلطان الآخر من فوق المنصة مخاطبا الصفوة الحاضرة: أحمد الله الذي يسر لي التوبة بعد انغماسي في سفك الدماء البريئة ونهب أموال المسلمين، إنه سبحانه واسع الرحمة والمغفرة.
فامتقع وجه شهريار الحقيقي، ولكن لم تند عنه حركة واحدة .. وواصل السلطان الآخر حديثه قائلا: هذه المحكمة تنعقد للتحقيق في شكوى مرفوعة من رجل بسيط، لو صح ما جاء بها لكشف عن جريمة بشعة، اغتيلت فيها البراءة لحساب الخسة والدناءة والظلم، والله المستعان أولا وأخيرا، فليدخل صاحب الشكوى عجر الحلاق ..
ودخل الرجل، فوقف أمام المنصة في حذر وخشوع، فقال له السلطان: ما شكواك يا عجر؟
فقال الرجل بصوت متهدج: ابني الوحيد علاء الدين راح ضحية مؤامرة وحشية غادرة. - ما التهمة التي ضرب عنقه من أجلها؟ - التآمر ضد السلطان وسرقة جوهرة الست قمر الزمان زوجة الحاكم الفضل بن خاقان. - من المدبر للمؤامرة في رأيك؟ - حبظلم بظاظا وأبوه كبير الشرطة درويش عمران، وقد استعانا بالمعين بن ساوي المنبوذ لانحرافاته، فنجح في سرقة الجوهرة كما نجح في دسها في صوان علاء الدين مع رسائل مزورة تنطق بخيانته لمولانا السلطان. - وما الدافع وراء المؤامرة؟ - الانتقام من علاء الدين؛ لأنه تزوج زبيدة كريمة ولي الله البلخي الذي رفض أن يزوجها من حبظلم بظاظا لسوء خلقه وخلقه. - هل لديك دليل على ما تقول؟ - براءة علاء الدين فوق أي دليل، سل عنه أهل الحي جميعا، والمؤامرة حقيقية يؤمن بها الجميع، ولو كان عندي دليل واضح لأنقذت عنق البريء الطاهر، ولكني أضع أملي على عدل السلطان وتأثيره الذي لا يقاوم.
Page inconnue