Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Maison d'édition
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Année de publication
1315 هـ
وكان يقول: من أسكرته أنوار الترحيب، حجبته عن عبارة التجريد، بل من أسكرته أنوار التجريد نطق عن حقائق التوحيد، لأن السكران هو الذي ينطق بكل مكنون، وكان يقول: من التمس الحق بنور الإيمان، كان كمن طلب الشمس بنور الكواكب، وكان يقول: ما انفصلت عنه، ولا اتصلت به، وكان يقول: المتوكل المحق لا يأكل وفي البلد من هو: أحق منه بذلك الأكل، وسئل عن الصوفي فقال: هو وحداني الذات لا يقبله أحد، وهو المشير عن الله تعالى، وإلى الله، ووقف عليه رجل فقال: من الحق الذي تشيرون إليه فقال معل الأنام فلا يعل، وسئل عن حال موسى عليه السلام في وقت الكلام فقال: بدا لموسى من الحق باد فلم يبق لموسى ثم أثر فني موسى عن موسى، ولم يكن لموسى خبر عن موسى ثم كلم فقال المكلم هو المتكلم بحصول موسى في حال الجمع، وفنائه عنه، ومتى كان موسى يطيق حمل الخطاب أو يأباه، ولكن بالله قام، وبه سمع، وكان يقول: إذا دام البلاء بالعبد ألفه، وقال أبو العباس الرازي كان أخي خادما للحسين بن منصور قال: فسمعته يقول لما كان الليلة التي وعد من الغد بقتله قلت يا سيدي أوصني قال عليك بنفسك إن لم تشغلها شغلتك فلما كان من الغد، وأخرج للقتل قال حسب الواحد إفراد الواحد له ثم خرج يتبختر في قيده ويقول:
نديمي غير منسوب ... إلى شيء من الحيف
سقاني مثل ما يشرب ... بفعل الضيف للضيف
فلما دارت الكاسا ... ت دعا بالنطع، والسيف
كذا من يشرب الراح ... مع التنين بالصيف
ثم قال يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها، والذين آمنوا مشفقون منها، ويعلمون أنها الحق ثم ما نطق بعد ذلك بشيء حتى فعل به ما فعل. قال القضاعي، وقتل في خلافة جعفر بن المعتضد، وقطعت يداه، ورجلاه أولا ثم جز رأسه، وأحرق بالنار رحمه الله.
وقال الفناد لقيت الحلاج يوما فأنشدني:
ولي نفس ستتلف أو سترقى ... لعمرك بي إلى أمر عظيم
وقال:
لم يبق بيني، وبين الحق إثنان ... ولا دليل بآيات، وبرهان
كان الدليل له منه إليه به ... حقا وجدناه في علم، وفرقان
هذا وجودي، وتصريحي ومعتقدي ... هذا توحد توحيدي، وإيماني
هذا تجلي نور الحق نائرة ... قد أزهرت في تلاليها بسلطان
لا يستدل على الباري بصنعته ... وأنتم حدث ينبي عن أزماني
وكتب إلي أبي العباس بن عطاء رحمه الله تعالى: أطال الله حياتك، وأعدمني، وفاتك على أحسن ما جرى به قدر أو نطق به خبر مع مالك في قلبي من لواعج أسرار محبتك، وأفانين ذخائر مودتك ما لا يترجمه كتاب، ولا يحصيه حساب، ولا يفنيه عتاب ثم كتب تحت ذلك:
كتبت، ولم أكتب إليك، وإنما ... كتبت إلى روحي بغير كتاب
وذلك أن الروح لا قرب بينها ... وبين محبيها بفصل خطاب
وكل كتاب صادر منك وارد ... إليك بلا رد الجواب جوابي
رضي الله عنه.
ومنهم أبو الخير الأقطع التيناتي
رحمه الله تعالى
أصله من المغرب، وسكن التينات، وله آيات، وكرامات يطول شرحها. صحب أبا عبد الله بن الجلاء، وغيره من المشايخ رحمهما الله تعالى، وكان أوحد أهل زمانه في التوكل كانت السباع، والهوام تأنس به وله فراسة حادة. مات بمصر سنة نيف وأربعين، وثلاثمائة، ودفن بجنب منارة الديلمية بالقرافة الصغرى رضي الله عنه كان رضي الله عنه يقول : أتيت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا جائع فقلت أنا ضيفك يا رسول الله، وتنحيت، ونمت خلف المنبر فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبلت ما بين عينيه فدفع لي رغيفا فأكلت نصفه، وانتبهت، وبيدي النصف الآخر، وكتب إلى أبي جعفر الخلدي قد جهل الفقراء عليكم في هذا الزمان، وأصل ذلك منكم لأنكم تصدرتم للمشيخة قبل الكمال فاشتغلتم بتأديب نفوسكم عن تأديبهم، وكان يقول: الذاكر لله لا يقوم له في ذكره عوض فإذا قام له عوض خرج عن ذكره.
ودخل عليه جماعة من البغداديين يتكلمون بشطحهم فضاق صدره من كلامهم فخرج عنهم فجاء السبع فدخل البيت فانضم بعضهم إلى بعض، وسكتوا وتغيرت أحوالهم،
Page 93