293

Lueurs des lumières éclatantes et l'éclairs des secrets traditionnels expliquant la perle précieuse dans le contrat de la secte approuvée

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Maison d'édition

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

دمشق

لِأَفْعَالِهِ بِالْقَصْدِ، وَالْإِرَادَةِ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - مُسْتَقِلٌّ بِخَلْقِ الْأَفْعَالِ وَإِيجَادِهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَقْدُورَ الْوَاحِدَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ.
قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ: قُلْنَا لَا كَلَامَ فِي قُوَّةِ هَذَا الْكَلَامِ وَمَتَانَتِهِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ بِالْبُرْهَانِ أَنَّ الْخَالِقَ هُوَ اللَّهُ - تَعَالَى -، وَبِالضَّرُورَةِ أَنَّ لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ وَإِرَادَتِهِ مَدْخَلًا فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ، كَحَرَكَةِ الْبَطْشِ دُونَ الْبَعْضِ كَحَرَكَةِ الِارْتِعَاشِ؛ احْتَجْنَا فِي التَّفَصِّي عَنْ هَذَا الْمَضِيقِ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - خَالِقٌ وَالْعَبْدَ كَاسِبٌ، وَإِيجَادَ اللَّهِ - تَعَالَى - الْفِعْلَ عَقِيبَ ذَلِكَ خَلْقٌ، وَالْمَقْدُورَ الْوَاحِدَ دَاخِلٌ تَحْتَ قُدْرَتَيْنِ، لَكِنْ بِجِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. فَإِنَّ الْفِعْلَ مَقْدُورُ اللَّهِ بِجِهَةِ الْإِيجَادِ، وَمَقْدُورُ الْعَبْدِ بِجِهَةِ الْكَسْبِ، وَهَذَا الْقَدَرُ مِنَ الْمَعْنَى الضَّرُورِيِّ، وَإِنْ لَمْ نَقْدِرْ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي تَلْخِيصِ الْعِبَارَةِ الْمُفْصِحَةِ عَنْ تَحْقِيقِ كَوْنِ الْعَبْدِ كَاسِبًا بِخَلْقِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَإِيجَادِهِ مَعَ مَا لِلْعَبْدِ مِنَ الْقُدْرَةِ وَالِاخْتِيَارِ.
وَمِنْ جُمْلَةِ مَا لَهُمْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكَسْبِ، وَالْخَلْقِ أَنَّ الْكَسْبَ وَقَعَ بِآلَةٍ، وَالْخَلْقَ لَا بِآلَةٍ، وَالْكَسْبَ لَا يَصِحُّ انْفِرَادُ الْقَادِرِ بِهِ، وَالْخَلْقَ يَصِحُّ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ أَثْبَتُّمْ مَا نَسَبْتُمْ إِلَى الْمُعْتَزِلَةِ مِنْ إِثْبَاتِ الشَّرِكَةِ، قُلْنَا: الشَّرِكَةُ أَنْ يَجْتَمِعَ اثْنَانِ عَلَى شَيْءٍ وَيَنْفَرِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا هُوَ لَهُ دُونَ الْآخَرِ كَشُرَكَاءِ الْقَرْيَةِ وَالْمَحَلَّةِ، كَمَا إِذَا جُعِلَ الْعَبْدُ خَالِقًا لِأَفْعَالِهِ، وَالصَّانِعُ خَالِقًا لِسَائِرِ الْأَعْرَاضِ وَالْأَجْسَامِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا أُضِيفَ أَمْرٌ إِلَى شَيْئَيْنِ بِجِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، كَالْأَرْضِ تَكُونُ مِلْكًا لِلَّهِ - تَعَالَى - بِجِهَةِ التَّخْلِيقِ، وَلِلْعِبَادِ بِجِهَةِ ثُبُوتِ التَّصَرُّفِ، وَكَفِعْلِ الْعَبْدِ يُنْسَبُ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - بِجِهَةِ الْخَلْقِ، وَإِلَى الْعَبْدِ بِجِهَةِ الْكَسْبِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ كَانَ كَسْبُ الْقَبِيحِ قَبِيحًا سَفَهًا مُوجِبًا لِاسْتِحْقَاقِ الذَّمِّ بِخِلَافِ خَلْقِهِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْخَالِقَ حَكِيمٌ لَا يَخْلُقُ شَيْئًا إِلَّا وَلَهُ عَاقِبَةٌ حَمِيدَةٌ، وَإِنْ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا، فَجَزَمْنَا بِأَنَّ مَا نَسْتَقْبِحُهُ مِنَ الْأَفْعَالِ قَدْ يَكُونُ لَهُ فِيهَا حِكَمٌ وَمَصَالِحُ كَمَا فِي خَلْقِ الْأَجْسَامِ الْخَبِيثَةِ الضَّارَّةِ الْمُؤْلِمَةِ، بِخِلَافِ الْكَاسِبِ فَإِنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ الْحَسَنَ وَقَدْ

1 / 293