291

Lueurs des lumières éclatantes et l'éclairs des secrets traditionnels expliquant la perle précieuse dans le contrat de la secte approuvée

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Maison d'édition

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

دمشق

رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ ". فَجَمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فِي الْحَدِيثِ، إِنَّهُ لَوْ عَذَّبَهُمْ لَعَذَّبَهُمْ بِاسْتِحْقَاقِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ ظَالِمًا، وَأَنَّهُ لَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَ ذَلِكَ مُجَرَّدَ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، لَا بِأَعْمَالِهِمْ إِذْ رَحْمَتُهُ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، فَطَاعَاتُ الْعَبْدِ كُلُّهَا لَا تَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَلَا مُسَاوِيَةً لَهَا، بَلْ وَلَا لِلْقَلِيلِ مِنْهَا، فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّونَ بِهَا عَلَى اللَّهِ النَّجَاةَ، وَطَاعَةُ الْمُطِيعِ لَا نِسْبَةَ لَهَا إِلَى نِعْمَةٍ مِنْ نَعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَتَبْقَى سَائِرُ النِّعَمِ تَتَقَاضَاهُ شُكْرًا، وَالْعَبْدُ لَا يَقُومُ بِمَقْدُورِهِ الَّذِي يَجِبُ لِلَّهِ عَلَيْهِ، فَجَمِيعُ عِبَادِهِ تَحْتَ عَفْوِهِ وَرَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ، فَمَا نَجَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا بِعَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، وَلَا فَازَ بِالْجَنَّةِ إِلَّا بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَ الْعِبَادِ، فَلَوْ عَذَّبَهُمْ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَادِرًا عَلَيْهِمْ، وَهُمْ مِلْكٌ لَهُ، بَلْ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَ ذَلِكَ بِفَضْلِهِ لَا بِأَعْمَالِهِمْ، وَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ تَحْرِيرٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ:
[أفعال العباد]
[أفعال العباد خلق لله وكسب لهم]
«أَفْعَالُنَا مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ ... لَكِنَّهَا كَسْبٌ لَنَا يَا لَاهِي»
«وَكُلُّ مَا يَفْعَلُهُ الْعِبَادُ ... مِنْ طَاعَةٍ أَوْ ضِدِّهَا مُرَادُ»
«لِرَبِّنَا مِنْ غَيْرِمَا اضْطِرَارِ ... مِنْهُ لَنَا فَافْهَمْ وَلَا تُمَارِ»
«أَفْعَالُنَا» - مَعْشَرَ الْخَلْقِ - جَمِيعُهَا خَيْرُهَا وَشَرُّهَا، كَبِيرُهَا وَصَغِيرُهَا «مَخْلُوقَةٌ» وَمَصْنُوعَةٌ «لِلَّهِ» تَعَالَى خَلَقَهَا وَأَوْجَدَهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [غافر: ٦٢]- ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٠١]- ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات: ٩٦] وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ﴾ [الأنعام: ١٠٢] وَ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٣] .
قَالَ الْعُلَمَاءُ: اتَّفَقَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ قَبْلَ ظُهُورِ الْبِدَعِ، وَالْأَهْوَاءِ عَلَى أَنَّ الْخَالِقَ هُوَ اللَّهُ لَا سِوَاهُ، وَأَنَّ الْحَوَادِثَ كُلَّهَا حَادِثَةٌ بِقُدْرَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا يَتَعَلَّقُ بِقُدْرَةِ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، فَهِيَ مَقْدُورَةٌ بِقُدْرَةِ اللَّهِ اخْتِرَاعًا وَبِقُدْرَةِ الْعَبْدِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: «لَكِنَّهَا» أَيْ أَفْعَالَنَا الَّتِي تَصْدُرُ عَنَّا فِي بَادِي الرَّأْيِ «كَسْبٌ لَنَا» - مَعْشَرَ الْخَلْقِ. وَالْكَسْبُ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ: مَا وَقَعَ مِنَ الْفَاعِلِ مُقَارِنًا لِقُدْرَةٍ مُحْدَثَةٍ وَاخْتِيَارٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَا وُجِدَ بِقُدْرَةٍ مُحْدَثَةٍ فِي الْمُكْتَسِبِ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَمْدَانَ، مِنْ عُلَمَائِنَا: الْكَسْبُ هُوَ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ فِي مَحَلِّ قُدْرَةِ الْمُكْتَسِبِ عَلَى وِفْقِ إِرَادَتِهِ فِي كَسْبِهِ،

1 / 291