277

Lueurs des lumières éclatantes et l'éclairs des secrets traditionnels expliquant la perle précieuse dans le contrat de la secte approuvée

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Maison d'édition

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

دمشق

مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْفَلَاسِفَةِ، كَأَرِسْطُو الْقَائِلِ بِقِدَمِ الْعَالَمِ، وَخِلَافًا لِدِيمَقْرَاطِيسَ الْقَائِلِ بِقِدَمِ الْعِلَّةِ وَالنَّفْسِ وَالْهَيُولَى وَالْخَلَاءِ وَالدَّهْرِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي (جَوَابِ الْمَسَائِلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ): قَدْ نَقَلُوا عَنْ أَسَاطِينِ الْفَلَاسِفَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقِرُّونَ بِحُدُوثِ صُورَةِ الْفَلَكِ وَلَكِنَّهُمْ مُضْطَرِبُونَ فِي الْمَادَّةِ وَمُتَنَازِعُونَ فِيهَا، نَعَمْ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعُهُ قَائِلُونَ بِقِدَمِ صُورَتِهِ.
قَالَ: وَلَيْسَ لَهُمْ دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى قِدَمِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ أَلْبَتَّةَ، وَلِهَذَا قَالَ: «وَضَلَّ» عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالنَّهْجِ الْبَيِّنِ الْقَوِيمِ «مَنْ» أَيُّ شَخْصٍ وَكُلُّ «إِنْسَانٍ مِنْ كُلِّ» طَائِفَةٍ مِنْ طَوَائِفِ الْعَالَمِ «أَثْنَى عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى سَائِرِ الْأَشْيَاءِ سِوَى الذَّاتِ الْمُقَدَّسَةِ وَصِفَاتِهَا الْقَدِيمَةِ، فَسَائِرُ مَا عَدَا ذَلِكَ مَنْ أَثْنَى عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا «بِالْقِدَمِ» فَقَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ فِي مُحْكَمِ الذِّكْرِ بِأَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» " أَيْ مَقَادِيرُ الْخَلَائِقِ الَّتِي خَلَقَهَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ، كَمَا فِي السُّنَنِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ: فَقَالَ: اكْتُبْ قَالَ وَمَا أَكْتُبُ؟ قَالَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» " فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْقَلَمَ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ إِنَّمَا كَتَبَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا هُوَ التَّقْدِيرُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ.
وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَطَبَ أَصْحَابَهُ فَذَكَرَ بَدْءَ الْخَلْقِ حَتَّى دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنَازِلَهُمْ، وَأَهْلُ النَّارِ مَنَازِلَهُمْ» .
وَقَدْ جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنَ الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ مِنْ هَذَا النَّهْجِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَفِي التَّوْرَاةِ مَا يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ مِنْ ذِكْرِ الْمَاءِ الَّذِي كَانَ مَخْلُوقًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاءَ مِنْ بُخَارِ ذَلِكَ الْمَاءِ. وَذَلِكَ الْبُخَارُ هُوَ الدُّخَانُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ [فصلت: ١١] وَالْعَرْشُ أَيْضًا خُلِقَ

1 / 277