171

Lueurs des lumières éclatantes et l'éclairs des secrets traditionnels expliquant la perle précieuse dans le contrat de la secte approuvée

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Maison d'édition

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

دمشق

سُوَرٍ هُمْ وَمَنِ اسْتَطَاعُوا، قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ ﴿فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [هود: ١٤] كَمَا قَالَ ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ١٦٦] أَيْ هُوَ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُفْتَرًى.
كَمَا قَالَ ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [يونس: ٣٧] أَيْ مَا كَانَ لِأَنْ يُفْتَرَى، يَقُولُ مَا كَانَ لِيَفْعَلَ هَذَا فَلَمْ يَنْفِ مُجَرَّدَ فِعْلِهِ بَلْ نَفَى احْتِمَالَ فِعْلِهِ، وَأَخْبَرَ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَقَعُ بَلْ يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى لَا يُمْكِنُ، وَلَا يُحْتَمَلُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتَرَى هَذَا الْقُرْآنُ مَنْ دُونِ اللَّهِ، فَإِنَّ الَّذِي يَفْتَرِيهِ مَنْ دُونِ اللَّهِ مَخْلُوقٌ.
«وَلَيْسَ فِي طَوْقِ»
أَيْ لَيْسَ فِي وُسْعِ «الْوَرَى» مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ وَطَاقَتِهِمْ فَالطَّوْقُ الْوُسْعُ وَالطَّاقَةُ، كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ - رِضَى اللَّهُ عَنْهُ - وَمُرَاجَعَتِهِ النَّبِيَّ ﷺ فِي الصَّوْمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ " «وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ» " أَيْ لَيْتَهُ جُعِلَ دَاخِلًا فِي طَاقَتِي وَقُدْرَتِي، وَلَمْ يَكُنْ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَيْهِ لِضَعْفٍ فِيهِ، وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ خَافَ الْعَجْزَ عَنْهُ لِلْحُقُوقِ الَّتِي تَلْزَمُهُ لِنِسَائِهِ، فَإِنْ إِدَامَةَ الصَّوْمِ تُخِلُّ بِحُظُوظِهِنَّ مِنْهُ، كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ - رِضَى اللَّهِ عَنْهُ -: «كُلُّ امْرِئٍ مُجَاهِدٌ بِطَوْقِهِ» . أَيْ أَقْصَى غَايَتِهِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمِقْدَارِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِمَشَقَّةٍ مِنْهُ، فَالْمَعْنَى لَيْسَ فِي قُدْرَةِ الْخَلْقِ وَلَا طَاقَتِهِمْ، وَلَوْ بَذَلُوا جُهْدَهُمْ بِغَايَةِ مَا يُمْكِنُهُمْ وَلَوْ مَعَ تَمَامِ الْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ لَهُمْ «مِنْ أَصْلِهِ» أَيِ الْوَرَى يَعْنِي الْخَلْقَ أَيْ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ.
وَيُحْتَمَلُ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي طَوْقِ الْخَلْقِ مِنَ الْأَصْلِ «أَنْ يَسْتَطِيعُوا» الْإِتْيَانَ بِأَقْصَرِ «سُورَةٍ» مِنَ الْقُرْآنِ فَلَيْسَ فِي طَوْقِ جَمِيعِ الْخَلْقِ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِمْ وَجِبِلَّتِهِمْ وَقُدْرَتِهِمْ وَاسْتِطَاعَتِهِمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْلُبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ الْإِتْيَانَ بِأَقْصَرِ سُورَةٍ.
«مِنْ مِثْلِهِ» أَيِ الْقُرْآنِ كَمَا تَحَدَّى الدَّيَّانُ أَهْلَ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ وَاللُّسُنِ وَذَوِي الرَّزَانَةِ وَالدِّرَايَةِ وَالْفِطَنِ، فَاعْتَرَفُوا بِالْعَجْزِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ أَقْصَرِ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ. قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى -: لَمَّا تَحَيَّرُوا عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ، وَأَدْهَشَهُمْ أُسْلُوبُهُ نُودِيَ عَلَيْهِمْ بِالْعَجْزِ عَنْ مُمَاثَلَتِهِ بِقَوْلِهِ ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ [البقرة: ٢٣] انْتَهَى. هَذَا وَهُمْ مَصَاقِيعُ الْكَلَامِ، وَبُلَغَاءِ النَّثْرِ، وَالنِّظَامِ

1 / 171