Lueurs des lumières éclatantes et l'éclairs des secrets traditionnels expliquant la perle précieuse dans le contrat de la secte approuvée
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Maison d'édition
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1402 AH
Lieu d'édition
دمشق
Genres
Croyances et sectes
وَالْأَخْبَارِ، وَاللَّهُ وَلِيُّ الْأَسْرَارِ.
[صفة القدرة]
(السَّابِعَةُ) مَا أَشَارَ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَاقْتَدَرَ)، جَلَّ شَأْنُهُ عَلَى إِيجَادِ الْمَوْجُودَاتِ وَخَلْقِ الْمُمْكِنَاتِ (بِقُدْرَةٍ)، وَهِيَ صِفَةٌ أَزَلِيَّةٌ تُؤَثِّرُ فِي الْمَقْدُورَاتِ عِنْدَ تَعَلُّقِهَا بِهَا، فَإِنَّهُ - جَلَّ شَأْنُهُ - قَادِرٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ بِاتِّفَاقِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَكَذَا الْحُكَمَاءُ، لَكِنَّ الْقُدْرَةَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ عِبَارَةٌ عَنْ صِحَّةِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، وَعِنْدَ الْحُكَمَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِهِ إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَفْعَلْ. وَمُقَدِّمَةُ الشَّرْطِيَّةِ الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ إِلَى وُجُودِ الْعَالَمِ دَائِمُ الْوُقُوعِ، وَمُقَدِّمَةُ الشَّرْطِيَّةِ الثَّانِيَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى وُجُودِ الْعَالَمِ دَائِمٌ أَنْ لَا وُقُوعَ، وَصِدْقُ الشَّرْطِيَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ صِدْقَ طَرَفَيْهَا، وَلَا يُنَافِي كَذِبَهُمَا، وَدَوَامُ الْفِعْلِ وَامْتِنَاعُ التَّرْكِ بِسَبَبِ الْغَيْرِ لَا يُنَافِي الِاخْتِيَارَ، كَمَا أَنَّ الْعَاقِلَ مَا دَامَ عَاقِلًا يُغْمِضُ عَيْنَهُ كُلَّمَا قَرَّبَ إِبْرَةً مِنْ عَيْنِهِ بِقَصْدِ الْغَمْزِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ مَعَ أَنَّهُ يُغْمِضُهَا بِالِاخْتِيَارِ، وَامْتِنَاعُ تَرْكِ الْإِغْمَاضِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ عَالِمًا بِضَرَرِ التَّرْكِ لَا يُنَافِي الِاخْتِيَارَ، فَمَا ظَنُّكَ بِمَنْ يَكُونُ عِلْمُهُ عَيْنَ ذَاتِهِ، كُلُّ هَذَا عَلَى رَأْيِ الْحُكَمَاءِ الْقَائِلِينَ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِقُدْرَتِهِ هُوَ الذَّاتُ، وَالْمُصَحِّحَ لِلْمَقْدُورِيَّةِ هُوَ الْإِمْكَانُ، فَإِذَا ثَبَتَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْبَعْضِ ثَبَتَتْ عَلَى الْكُلِّ ; لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنِ الْبَعْضِ نَقْصٌ، وَهُوَ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - مُحَالٌ، مَعَ أَنَّ النُّصُوصَ قَاطِعَةٌ بِعُمُومِ الْقُدْرَةِ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [المائدة: ١٢٠]، قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي عَقِيدَتِهِ: الدَّلِيلُ عَلَى قُدْرَتِهِ إِيجَادُهُ الْأَشْيَاءَ، وَهُوَ إِمَّا بِالذَّاتِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَإِلَّا لَكَانَ الْعَالَمُ وَكُلُّ مَخْلُوقَاتِهِ قَدِيمًا وَهُوَ بَاطِلٌ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا بِالِاخْتِيَارِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ: قَدْ يُقَالُ هَذَا إِنَّمَا أُثْبِتَ بِهِ كَوْنُهُ فَاعِلًا بِالِاخْتِيَارِ يُثْبِتُ الْإِرَادَةَ لَا يُثْبِتُ الْقُدْرَةَ، ثُمَّ قَالَ فِي إِثْبَاتِ الْقُدْرَةِ: وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُبْدِعُ لِلْأَشْيَاءِ مُجَرَّدَ ذَاتٍ عَرِيَّةٍ عَنِ الصِّفَاتِ مُسْتَلْزِمَةٍ وُجُودَ الْمَفْعُولِ، كَمَا يَقُولُهُ الْمُتَفَلْسِفَةُ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْأَفْلَاكِ وَصُدُورِهَا عَنْ ذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتًا مَوْصُوفَةً بِصِفَاتٍ لَا يَجِبُ مَعَهَا وُجُودُ الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْمِلَلِ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا يَحْدُثَ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّامَّةَ الْقَدِيمَةَ يَجِبُ أَنْ تَسْتَلْزِمَ مَعْلُولَهَا، فَلَا يَتَأَخَّرُ شَيْءٌ مِنْ مَعْلُولِهَا ; لِأَنَّهَا عَنِ الْأَزَلِ وَهُوَ خِلَافُ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ، وَهَذَا الْوَجْهُ يُبْطِلُ قَوْلَهُمْ بِالْمُوجِبِ
1 / 150