صلُّوا ركعتين في ظلمة الليل لوحشة (^١) القبور، تصدَّقوا بصدقةٍ (^٢) لشرِّ يومٍ عسيرٍ (^٣) أين رجالُ الليل، أين الحسنُ وسفيانُ وفُضَيل؟
يا رجالَ الليلِ جِدُّوا … رُبَّ داعٍ لا يُرَدُّ
ما يقومُ اللَّيلَ إلَّا … مَنْ لَهُ عَزْمٌ وجِدُّ
ليسَ شيءٌ كَصَلاةِ … اللَّيل للقَبْرِ يُعَدُّ
صلَّى كثيرٌ من السَّلَفِ صلاةَ الصُّبحِ بِوضوءِ العشاءِ عشرين سنةً، ومنهم من صلَّى كذلك أربعين سنة. قال بعضُهم: منذ أربعين سنةً ما أحزنني إلا طلوعُ الفجر.
قال ثابت: كَابَدْتُ (^٤) قيامَ الليل عشرين سنةً، وتنعَّمتُ به عشرين سنة أخرى. أفضَلُ قيام الليلِ وسَطُه. قال النبيُّ ﷺ: "أفضَلُ القيامِ قيامُ داودَ، كان يَنَامُ نِصْفَ الليلِ، ويقومُ ثلثَه، وينامُ سُدُسَه" (^٥).
وكان رسول الله ﷺ إذا سمعَ الصَّارِخَ يقومُ للصَّلاة (^٦). والصَّارِخُ: الدِّيكُ، وهو يصيحُ وسَطَ الليل.
وخرَّج النسائي عن أبي ذر، قال: سألت النبيَّ ﷺ: أيُّ الليلِ خيرٌ؟ قال: جوفُهُ (^٧). وخرَّج الإمامُ أحمد (^٨)، عن أبي ذر، قال: سألت النبي ﷺ: "أيُّ قيامِ الليلِ أفضلُ؟ قال: "جَوْفُ الليل الغابِر، أو نصفُ الليلِ، وقليلٌ فاعِلُه". وخرَّج ابنُ