Les Subtilités des Connaissances sur Ce Qui Concerne les Fonctions des Saisons de l’Année
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
Enquêteur
ياسين محمد السواس
Maison d'édition
دار ابن كثير
Numéro d'édition
الخامسة
Année de publication
1420 AH
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Soufisme
اكتَنَفَه شهرانِ عظيمانِ؛ الشهرُ الحَرَامُ، وشهرُ الصِّيام، اشتغَلَ النَّاسُ بهما عنه، فصارَ مغفولًا عنه. وكثيرٌ مِنَ النَّاسِ يَظُنُّ أن صِيامَ رجبٍ أفَضَلُ من صيامِهِ لأنَّه شهر حرام، وليس كذلك. ورَوَى ابنُ وَهْبٍ (^١)، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن أزهرَ بن سَعْدٍ (^٢)، عن أبيه، عن عائشةَ، قالت: ذُكِرَ لرسولِ الله ﷺ ناسٌ يَصُومونَ رجَبًا، فقال: "فأينَ (^٣) هم عن شعبانَ".
وفي قوله "يغفُلُ النَّاسُ عنه بينَ رَجَبٍ ورمضانَ": إشارة إلى أن بعضَ ما يَشتهرُ فضلُه مِن الأزمانِ أو الأماكنِ أو الأشخاصِ قد يكونُ غيرُه أفضلَ منه (^٤)؛ إمَّا مُطلقًا أو لِخصُوصيَّةٍ فيه لا يتفطَّنُ لها أكثرُ النَّاسِ. فيشتغِلُون بالمشهور عنه، ويُفوّتون تحصيلَ فَضيلةِ ما ليسَ بمشهورٍ عندَهم. وفيه دليلٌ على استحباب عمارةِ أوقاتِ غَفْلَةِ النَّاسِ بالطَّاعة، وأنَّ ذلك محبوبٌ لله ﷿، كما كان طائفةٌ مِنَ السَّلفِ يَستحبُّونَ إحياءَ ما بينَ العِشاءَين بالصَّلاةِ، ويقولون: هي ساعةُ غَفْلَةٍ (^٥)، وكذلك فضل القيام في وسطِ اللَّيلِ؛ لِشمولِ الغَفْلَةِ لأكثرِ النَّاسِ فيه عن الذِّكْرِ، وقد قال النبيُّ ﷺ: "إن استطَعْتَ أنْ تكونَ مِمَّن يذكُرُ الله في تلك السَّاعةِ فكُنْ". ولهذا المعنى كان النبي ﷺ يُريدُ أن يؤخِّرَ العشاءَ إلى نصفِ اللَّيلِ، وإنما علَّلَ تَرْكَ ذلك؛ لِخشيةِ المشقَّةِ على النَّاس. ولمَّا خَرَجَ ﷺ على أصحابِهِ وهُم ينتظِرُونه لِصلاةِ العِشاءِ قال لهم (^٦): "ما ينتظِرُها أحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأرضِ غيرُكُم" (^٧). وفي هذا إشارةٌ إلى فضيلةِ التفرُّدِ بذكر اللهِ في وقتٍ من
(^١) في آ: "وروى ابن وهب عن معاوية بن صالح". وهو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم، أبو محمد المصري، روى عن معاوية بن صالح بن حُدَير الحضرمي وغيره، أخرج له الجماعة، وكان فقيهًا ثقة حافظًا عابدًا. مات سنة ١٩٧ هـ. (تهذيب التهذيب ٦/ ٧١).
(^٢) كذا هو في الأصول، ولعله أزهر بن سعيد الحَرَازي الحميري الحمصي، ويقال: أزهر بن عبد الله، وعنه معاوية بن صالح الحضرمي. وذكر البخاري ثالثًا وهو "أزهر بن عبد الله" وجعلهم واحدًا، مات سنة ١٢٨ أو ١٢٩ هـ، وقد سبقت ترجمته.
(^٣) في ع: "وأين".
(^٤) في آ، ع: "منها".
(^٥) في آ، ع: "الغفلة".
(^٦) لفظ "لهم" لم يرد في آ، ع.
(^٧) من حديث أخرجه البخاري رقم (٥٦٩) و(٥٧٠) في مواقيت الصلاة: باب النوم قبل العشاء لمن غلب؛ ومسلم رقم (٦٣٩) في المساجد، باب وقت العشاء وتأخيرها؛ وأبو داود رقم (٤٢٠) في وقت العشاء الآخرة؛ والنسائي ١/ ٢٦٧ و٢٦٨ في المواقيت: باب آخر وقت العشاء. ولفظه عند مسلم عن ابن عمر، قال: "مكثنا ذات ليلة ننتظر رسولَ الله ﷺ لصلاة العشاء الآخرة، فخرج =
1 / 251