رجبٌ؟ إنَّ رجبًا كان يُعظِّمُه أهلُ الجاهلية، فلمَّا كان الإسلامُ تُرِكَ. وفي رواية: كُرِهَ أنْ يكونَ صيامُهُ سُنةً.
وعن أبي بَكرة (^١) أنه رأى أهلَه يتهيأون لصيامِ رجبٍ، فقال لهم: أجعلتم رَجَبًا (^٢) كرمضانَ، وألقى السِّلالَ وكسر الكِيزانَ (^٣).
وعن ابن عباس أنه كره أن يُصامَ رجبٌ كله. وعن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يَرَيان أن يفطرَ منه أيامًا. وكرهَه أنسٌ أيضًا، وسعيدُ بن جُبَير. وكره صيامَ رجبٍ كلِّه يحيى بن سعيد الأنصاري، والإمامُ أحمدُ، وقال: يُفطِرُ منه يومًا أو يومين، وحكاه عن ابن عمر وابن عباس. وقال الشافعي في "القديم": أكرهُ أن يتَّخذَ الرجلُ صومَ شهرٍ يُكمِلُه كما يكمِلُ رمضانَ، واحتجَّ بحديثِ عائشة: "ما رأيتُ رسولَ الله ﷺ استكملَ شهرًا قط إلا رمضانَ" (^٤). قال: وكذلكَ يومًا من الأيام. قال: وإنما كرهتُه أن لا يتأسى رجلٌ جاهلٌ فيظن أن ذلك واجبٌ، إن فَعَلَ فحسَنٌ.
وتزولُ كراهةُ إفرادِ رجبٍ بالصَّوم بأن يصومَ معه شهرًا آخرَ تطوعًا عند بعض أصحابنا، مثلُ أن يصومَ الأشهرَ الحُرُمَ، أو يصومَ رجبَ وشعبانَ، وقد تقدّم عن ابن عمر وغيرِه صيامُ الأشهرِ الحُرُمِ. والمنصوصُ عن أحمدَ أنه لا يصومُه بتمامه إلا مَن صامَ الدهرَ.
ورُوي عن ابن عُمَرَ ما يدُلُّ عليه؛ فإنه بلغه أن قومًا أنكروا عليه أنه حرم صومَ رجب، فقال: كيفَ بمَنْ يَصومُ الدَّهرَ؟ وهذا يدل على أنه لا يُصامُ رجبٌ إلا مع صومِ الدَّهْرِ. ورَوَى يوسفُ بن عطية (^٥)، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن