المُحرَّم مَعَ صَفَرَ مِن عامٍ ويُسمُّونَهما صَفَرينِ، ثم يحرِّمُونهما مِن عامٍ قابلٍ ويسمُّونَهما محرمين، قاله ابن زيد بن أسلم (^١).
وقيل: بل كانوا رُبَّما احْتَاجُوا إلى صَفَرَ أيضًا فأحَلُّوه وجَعَلوا مكانَه ربيعًا، ثمَّ يَدورُ كذلك التحريمُ والتَّحليلُ والتأخير (^٢)، إلى أن جاء الإِسلامُ ووافَقَ حجَّةَ الودَاعِ، صارَ رجوعُ التَّحريمِ إلى مُحرَّم الحقيقيّ، وهذا هو الذي رَجَّحَه أبو عبيد، وعلى هذا فالتَّغييرُ إنما وَقَعَ في عَيْنِ الأشهُرِ الحُرُمِ خاصةً. وقالت طائفة أخرى: بَلْ كانوا يَزِيدون في عددِ شهورِ السَّنَةِ، وظاهِرُ الآية يُشعِرُ بذلك، حيث قال الله تعالى: ﴿إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عندَ اللهِ اثنا عَشَرَ شَهْرًا﴾ (^٣) فذكَرَ هذا توطئةً لِهَدْمِ النَّسِيءِ وإبطالِهِ.
ثم مِن هؤلاءِ مَنْ قال: كانوا يَجعلُون السَّنَةَ ثلاثَةَ عَشَرَ شهرًا، قاله مجاهد وأبو مالك؛ قال أبو مالك: كانوا يَجعلون السَّنَةَ ثلاثَةَ عَشَرَ شهرًا، ويجعلون المُحَرمَ صَفَرًا. وقال مجاهد: كانوا يُسقِطون المُحرَّمَ، ثم يَقولون: صَفَرينِ، لصفَرَ وربيع الأوَّل وربيع الآخر، ثم يقولون: [شهرا ربيعٍ، ثم يقولون] (^٤) لرمضان شعبانُ، ولشوال رمضانُ، ولذِي القَعْدَةِ شوالٌ، ولذِي الحِجَّةِ ذو القَعْدَة، على وجهِ ما ابتدأوا. وللمحرمِ ذو الحِجَّة، فيَعدُّون ما ناسؤوا على مستقبله، على وجه ما ابتدأوا.
وعنه (^٥) قال: كانت الجاهلية يَحجُّون في كلِّ شهرٍ مِن شهورِ السَّنةِ عامينِ، فوافَقَ حجُّ رسولِ اللهِ ﷺ في ذي الحِجَّةِ، فقال: "هذا يومٌ اسْتدَار الزَّمانُ كهيئته يومَ خَلَقَ اللّهُ السَّماواتِ والأرضَ.
ومن هؤلاء مَن قال: كانت الجاهلية يجعلونَ الشهور (^٦) اثني عشَرَ شهرًا وخمسةَ