قال الله تعالى: ﴿فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ (^١). وقال تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾ (^٢). وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾ (^٣).
وأرانا دليلًا في هذه الدارِ على إعادةِ الأجسادِ مِنَ التراب بإنباتِ الزَّرْعِ مِنَ الأرضِ، وإحياءِ الأرض بعدَ مَوْتهَا بالمطرِ، ودَليلًا على إعادةِ الأرواحِ إلى أجسادِها (^٤) بعدَ المفارقةِ بقَبْضِ أرواحِ العِبادِ في مَنامِهِم، وَرَدِّهَا إليهم في يَقَظتِهم، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (^٥).
وفي "مسند البزار"، عن أنس، أن النَّبيَّ ﷺ قال لهم لمَّا ناموا عَنِ الصَّلاةِ: " [أَيها النَّاس] (^٦)، إنَّ هَذِهِ الأَرْوَاحَ عَارِيَّةٌ في أجْسَادِ العِبادِ فيقبضُها إذا شاء ويُرْسِلُها إذا شاءَ" (^٧).
استعِدِّي للموت (^٨) يا نفسُ واسْعَيْ … لِنَجَاةٍ فالحازِمُ المُسْتَعِدُّ
قَدْ تَيَقَّنْتُ أَنَّه لَيْسَ لِلْحَيِّ … خُلودٌ ولا مِنَ المَوْتِ بُدُّ
إنَّما أَنْتِ مُسْتَعِيرَةٌ ما سَوْ … فَ تَرُدِّينَ والعوارِي تُرَدّ
غيرُه:
فمَا أَهْلُ الحَياةِ لَنَا بأهْلٍ … ولا دَارُ الفَنَاءِ (^٩) لَنَا بِدارِ
وَمَا أَمْوَالُنا والأهْلُ فيها … ولا أولادُنا إلَّا عَوَارِي
وأنفُسُنا إلى أَجَلٍ قريبٍ … سيأخُذُها المُعِيرُ مِنَ المُعارِ