من شياطينِ الإِنسِ، وهم أضرُّ مِن شياطينِ الجنِّ. قال بعضُ السَّلَفِ: شيطانُ الجنِّ تَستعيذُ بالله منه، فينصرف؛ وشيطانُ الإِنس لا يبرَحُ حتَّى يُوقعَكَ في المعصيةِ. وفي الحديث: "يُحشَرُ المرءُ على دينِ خليله؛ فلينظرْ أحدُكُم من يُخالِلُ" (^١). وفي حديثٍ آخرَ: "لا تَصْحَبْ إلَّا مؤمنًا ولا يأكُل طعامَكَ إلَّا تقِيٌّ" (^٢). ومما يُروى لعليٍّ ﵁ (^٣):
فلا (^٤) تصحَبْ أخا الجَهْلِ … وإياكَ وإياهُ
فكم مِنْ جاهلٍ أرْدَى … حكيمًا حينَ آخاهُ (^٥)
يُقاسُ المرءُ بالمرءِ … إذا ما المرءُ ماشاهُ (^٦)
وللشيءِ على الشيءِ … مقاييسٌ وأَشْبَاهُ
وللقلبِ عَلَى القلبِ … دَليلٌ حينَ يَلْقَاهُ
فالعاصي مشؤومٌ على نفسِهِ وعلى غيرِهِ؛ فإنَّه لا يُؤمنُ أنْ ينزلَ عليه عذابٌ فيعمُ النَّاسَ، خصوصًا مَنْ لم يُنكِرْ عليه عَمَلَهُ (^٧)، فالبعدُ عنه متعيِّنٌ، فإذا كَثُرَ الخبثُ هَلَكَ الناسُ عمومًا.
وكذلك أماكنُ المعاصِي وعقوباتُها يتعيَّنُ البُعْدُ عنها، والهربُ منها، خشيةَ نزولِ العذابِ، كما قال النبيُّ ﷺ لأصحابِهِ لمَّا مَرَّ (^٨) على ديارِ ثمودَ بالحِجْرِ: "لا تَدْخُلُوا