131

Les Subtilités des Connaissances sur Ce Qui Concerne les Fonctions des Saisons de l’Année

لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف

Chercheur

ياسين محمد السواس

Maison d'édition

دار ابن كثير

Numéro d'édition

الخامسة

Année de publication

1420 AH

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Soufisme
والمرادُ النَّهيُ عن إيراد الإبل المريضةِ على الصحيحة. ومثل قوله ﷺ: "فِرَّ من المَجْذُوم فراركَ من الأسدِ" (^١). وقوله ﷺ في الطاعون: "إذا سَمِعتم به بأرض فلا تدخلُوها" (^٢). ودخولُ النَّسخِ في هذا كما تخيَّلَه بعضُهم لا معنَى له؛ فإن قوله "لا عَدْوَى" خبرٌ محضٌ لا يُمكنُ نسْخُه إلَّا أن يقال: هو نهيٌ عن اعتقادِ العَدْوَى، لا نَفْيٌّ لها. ولكن يمكن أنْ يكونَ ناسخًا للنهي في هذه الأحاديث الثلاثةِ وما في معناها. والصحيح الذي عليه جُمهورُ العلماءِ أنه لا نَسْخَ في ذلك كلِّه (^٣)، ولكن اختلفوا في معنى قوله "لا عدوى"، وأظهرُ ما قيل في ذلك أنه نَفيٌ لما كان يعتقدُه أهلُ الجاهليةِ مِن أن هذه الأمراضَ تُعْدِي بطبعها من غير اعتقادِ تقديرِ اللهِ لذلك، ويدُلُّ على هذا قولُه "فمن أعْدَى الأول"، يشير إلى أن الأول إنما جَرِبَ بقضاءِ اللهِ وقَدَرِهِ، فكذلك الثاني وما بعده. وخرَّج الإمامُ أحمد (^٤) والترمذي من حديث ابن مسعود، قال: قال رَسُول الله ﷺ: "لا يُعدِي شيءٌ شيئًا" قالها ثلاثًا. فقال أعرابي: يا رسولَ الله! النُّقْبَةُ (^٥) مِنَ الجَرَب تكونُ بمِشْفَرِ البَعيرِ أو بِذَنَبِه في الإبل العظيمةِ، فتَجْرَبُ كلُّها. فقال رسولُ الله ﷺ: "فما أَجْرَبَ الأول؟ لَا عَدْوى ولا هَامَةَ ولا صَفَرَ، خَلَقَ الله كل نَفْس وكَتَبَ حياتَها ومُصَابَها ورِزْقَها". فأخبَرَ أن ذلك كلَّه بقضاءِ الله وقَدَرِه، كما دَلَّ عليه قوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ (^٦). فأما نهيُهُ ﷺ عن إيرادِ المُمْرِضِ على المُصِحِّ، وأمرُه بالفرارِ من المَجْذُومِ،

(^١) أخرجه البخاري ١٠/ ١٥٨ في الطب: باب الجذام، وأحمد في "مسنده" ٢/ ٤٤٣. (^٢) قطعة من حديث أخرجه مسلم رقم (٢٢١٨) و(٢٢١٩) في السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، والبخاري ١٠/ ١٧٨ في الطب، باب ما يذكر في الطاعون. (^٣) لفظ "كله" لم يرد في آ، ش، ع. (^٤) أخرجه الترمذي رقم (٢١٤٤) في القدر: باب ما جاء لا عدوى ولا هامة ولا صفر، وهو حديث حسن، قال الترمذي: وفي الباب عن أبي هريرة، وابن عباس، وأنس. ورواه أحمد في "المسند" ١/ ٤٤٠ بإسناد ضعيف، لجهالة راويه عن ابن مسعود. وفيه أيضًا ٢/ ٣٢٧ عن أبي هريرة ﵁. (^٥) النُّقْبَةُ: هي أوَّل جَرَبٍ يبدو، وجمعها نُقْبٌ. (^٦) سورة الحديد الآية ٢٢.

1 / 138