أجابته في حدة: «أنت تفهم ما أعني!»
ران الصمت على السيارة، وتحولت إليهما أنظار الركاب وقد تراقصت في أغلبها ابتسامة تندر واستمتاع.
رفع الرجل يده وأهوى بها على وجهها في عنف وهو يصيح: «يا فاجرة!»
انكفأت المرأة فوق الجالس بجوارها وهي تضع يدها على خدها، وانفجرت باكية. ولم يحرك أحد من الركاب ساكنا.
خاطبهم العملاق دون أن يقصد بكلامه شخصا بالتحديد: «لم يبق إلا هذا!»
لم يكن من عادتي أن أعرض نفسي لمواقف لا ترتفع إمكانياتي البدنية المحدودة إلى مستوى مواجهتها، لكني كنت أغلي منذ الصباح، بعد أن عجزت عن التفوه أمام اللجنة بما كنت أنتويه، ثم لم أجن فائدة من خنوعي، ولم أملك شيئا لبائع «الكوكاكولا» الذي سرقني، كما أن الزحام والحر أخذا يضغطان على أعصابي. وباختصار بلغ السيل الزبى.
ولا أستبعد أن أكون استمديت بعض الشجاعة من مواجهتي لشخص واحد لا لجنة، ومن تصوري أن كافة الركاب - الذين يعرفون جيدا حقيقة ما حدث، وتابعوا الأمر كله من بدايته - سيقفون إلى جانبي، انطلاقا من اعتبارات دينية أو أخلاقية تستنكر المسلك الجنسي للعملاق، أو اعتداءه بالضرب على امرأة عزلاء، أو تنتصف للحقيقة وحسب.
هكذا ألفيتني أخاطب العملاق على غير انتظار: «السيدة لم تدع عليك.»
حدق في غير مصدق، وتساءل بلهجة تهديدية: «ماذا تقصد؟»
قلت بثبات: «لقد رأيتك وأنت تلزق بها. ولما كانت قد رفضت الاستجابة لك، كان المفروض أن تتركها وشأنها.»
Page inconnue