سألني بدوره وهو يشير إلى الفراش: «أليس هذا سريرك؟»
أجبت: «أجل. بوسعي أن أعد لك فراشا آخر في الصالة، أو تنام أنت هنا، وأنام أنا في الصالة.»
قال في حسم: «لا هذا ولا ذاك، سأنام بجوارك على هذا السرير.»
انزعجت للغاية من قوله؛ فلم أكن قد نسيت بعد ما جرى لي في المقابلة الأولى مع اللجنة. وتأملته فوجدته قويا مدكوكا رغم كهولته، لا قبل لي بمقاومته، أو الاشتباك معه.
واكتشفت أنه أحضر معه حقيبة «سامسونايت»، فتحها الآن وأخرج منها حافظة جلدية لأدوات الزينة، ومنشفة وخفا من القماش. وحرص أثناء ذلك على ألا يمكنني من رؤية محتويات الحقيبة إلى أن أغلقها. وانتظر حتى رآني أتقدم إلى الحمام فألقى بمنشفته على كتفه وتبعني.
باشرت بغسل أسناني، بينما أخرج هو من حافظته الجلدية فرشاة للأسنان، ومعجونا أجنبيا، وصابونة فرنسية معطرة. وانتهيت من الاغتسال بسرعة، فتركت له الحوض، وانتهزت الفرصة لأتبول وأملأ الأواني البلاستيكية من صنبور حوض الحمام. فلأن المياه لا تصل إلى الطابقين الأخيرين إلا ليلا؛ يتعين علي أن أجمع منها، كل ليلة، ما يكفي للنهار التالي.
وقد شرحت هذا كله للقصير عندما سألني عن حكمة ما أفعل. وأبقيته واقفا في مدخل الحمام ريثما ملأت عدة أوعية، فلاحظ أن مياه الحنفية لا يلبث لونها في الوعاء أن يتحول إلى صفرة داكنة، ثم يميل إلى السواد. وكان هذا أمرا عاديا في نظري، إلا أنه أعرب عن دهشته قائلا إنه لم يسبق له أن رأى مياه الحنفية بهذا اللون.
قلت: «لا بد أنك تستخدم جهازا للتقطير.»
قال مستغربا: «أجل. كيف عرفت؟»
ابتسمت وأنا أغلق الحنفية بعد امتلاء الوعاء الأخير، ثم أجبته: «لقد عرفت أشياء كثيرة في الآونة الأخيرة.»
Page inconnue