القطعة
العجعجة: في قضاعة
العنعنة
الكشكشة
الكسكسة
التلتلة
الطمطمانية والطمطمة
الوكم
الوهم
الاستنطاء
الوتم
الشنشنة
اللخلخانية
العجرفية
التضجع
الفشفشة
الغمغمة
الفراتية
الفحفحة
لغة طيئ
القطعة
العجعجة: في قضاعة
العنعنة
الكشكشة
الكسكسة
التلتلة
الطمطمانية والطمطمة
الوكم
الوهم
الاستنطاء
الوتم
الشنشنة
اللخلخانية
العجرفية
التضجع
الفشفشة
الغمغمة
الفراتية
الفحفحة
لغة طيئ
لهجات العرب
لهجات العرب
تأليف
أحمد تيمور باشا
القطعة
يا بلحكم - بدل: يا أبا الحكم.
في «القاموس» و«شرحه»: «والقطعة أيضا لثغة في بني طيئ كالعنعنة في تميم، وهي أن يقول: يا أبا الحكا - يريد: يا أبا الحكم - فيقطع كلامه وهو مجاز.» ا.ه.
وفي «اللسان»: «القطعة في طيئ كالعنعنة في تميم، وهو أن يقول: يا أبا الحكا - يريد: يا أبا الحكم - فيقطع كلامه.» ا.ه.
وفي «شفاء الغليل» ص181: «القطعة في طيئ كالعنعنة في تميم. وهو أن يقول يا أبا الحكا - يريد: يا أبا الحكم، فيقطع الكلام، ذكره في «التهذيب»، وعلى هذا قول العامة: «بايزيد ونحوه».» ا.ه.
وفي «سواء السبيل» للمحبي: «نقل عبارة الخفاجي ولم يزد عليها. وفي «أقرب الموارد»: نقل عبارتهم إلا أنه رسم «يا أبا الحكأ» بالهمزة. وفي «ما يعول عليه في المضاف والمضاف إليه» للمحبي، في باب القاف: «قطعة طيئ معروفة ببلاد اليمن، وهي أن يقول: يا بلحكم - فيقطع الكلام - ذكره في «التهذيب»، وعلى هذا قول العامة: بايزيد ونحوه».» ا.ه.
العجعجة: في قضاعة
إبدال الجيم من الياء
في «السيرافي على سيبويه»، ج1، ص279: «إبدال الياء المشددة والمخففة جيما، ولم يعزها لأحد.» وفي ج5، ص441 وص562: «ناس من بني سعد، في إبدال الياء جيما في الوقف، نحو: «تميمج في: تميمي».»
وفي «القاموس» في أول باب الجيم: ذكر «العجعجة»، فقال: «قد تبدل الجيم من الياء المشددة والمخففة، كفقيمج وحجتج في فقيمي وحجتي.»
وفي «شرح القاموس» ما نصه: «قال أبو عمرو: قد تبدل الجيم من الياء المشددة، وقد أبدلوها من الياء المخففة أيضا كفقيمج مثال المشددة، قال: وقلت لرجل من حنظلة: ممن أنت؟ فقال: فقيمج، فقلت: من أيهم؟ فقال : مرج»، وأنشد أبو زيد في المخففة :
يا رب إن كنت قبلت حجتج
فلا يزال شاحج يأتيك بج
أقمر نهاز ينزي وفرتج
وأنشد أبو عمرو لهميان بن قحافة السعدي:
يطير عنها الوبر الصهابجا
يريد: الصهابيا، من الصهبة.
وقال خلف الأحمر: أنشدني رجل من أهل البادية:
خالي عويف وأبو علج
المطعمان اللحم بالعشج
وبالغداة كسرا البرنج
يريد: علي، والعشي، والبرني وهو معرب برنيك؛ أي: الحمل المبارك، ذكر ذلك الجوهري في «الصحاح» وابن مالك في شرحيه: «الكافية» و«التسهيل»، والرضي في «شرح شواهد الشافية» وابن عصفور في كتاب «الضرائر»، وصرح بأنها لا تجوز في غير الضرورة، وأوردها ابن جني في كتاب «سر الصناعة»، وسبقهم بذلك أستاذ الصنعة سيبويه فكتابه «البحر الجامع».
قال شيخنا: وقوله: المشددة؛ أي سواء أكانت للنسب - كما حكاه أبو عمرو - أم لا كالأبيات، وقوله: والمخففة أي: التي لا تكون للنسب كإبدالها من ياء الضمير، وياء أمسيت وأمسى في قوله: «حتى إذا ما أمسجت وأمسج» ونحوهما.
وصرح ابن عصفور وغيره بأن ذلك كله قبيح وهو مأخوذ من كلام سيبويه وغيره من الأئمة.
ومن العرب طائفة، منهم قضاعة، يبدلون الياء إذا وقعت بعد العين جيما، فيقولون في «هذا راعي خرج معي»: «هذا راعج خرج معج» وهي التي يقولون لها: العجعجة. وصرح القرافي بأن ذلك لغة طيئ، ولبعض أسد، وأنشد الفراء:
بكيت والمحترز البكج
وإنما يأتي الصبا الصبج
أي: البكي والصبي.
والعجعجة لم يذكرها صاحب «القاموس» في «عج»، واستدركها عليه الشارح فنقل عبارة «اللسان» وهي: «والعجعجة في قضاعة كالعنعنة في تميم - يحولون الياء جيما مع العين - يقولون: هذا راعج خرج معج، أي: راعي خرج معي، كما قال الراجز:
خالي لقيط وأبو علج
المطعمان اللحم بالعشج
وبالغداة كسر البرنج
يقلع بالود وبالصيصج
أراد: علي، والعشي، والبرني، والصيصي.» ا.ه.
وفي «التوضيح» لابن هشام، وشرحه المسمى ب «التصريح» للشيخ خالد، ج2، ص459: وقال أعرابي من البادية:
خالي عويف وأبو علج
المطعمان اللحم بالعشج
يريد: أبو علي، والعشي؛ فأبدل «الجيم من الياء المشددة» وهذا من إجراء الوصل مجرى الوقف، قاله السيد في «شرح الشافية » وتسمى هذه اللغة: «عجعجة قضاعة»، قال الجوهري: وعجعجة
1
قضاعة؛ يحولون «الياء جيما مع العين» يقولون: «هذا راعج خرج معج؛ أي: راعي خرج معي.» ا.ه.
وقد تبدل من الياء المخففة حملا على المشددة كقوله:
لا هم إن كنت قبلت حجتج
فلا يزال شاحج يأتيك بج
أقمر نهات ينزى وفرتج
2
يريد: اللهم إن كنت قبلت حجتي فلا يزال يأتي بي شاحج هذه صفته. «والشاحج - بمعجمة فمهملة فجيم - من: شحج البغل؛ أي: صوت، والأقمر: الأبيض، والنهات: النهاق، وينزى: يحرك، ووفرتج؛ أي وفرتي، وهي: الشعر إلى شحمة الأذن.» ا.ه.
وفي «موارد البصائر فيما يجوز من الضرورات» للشاعر الشيخ محمد سليم ص265: «إبدال الجيم من الياء المشددة» قال أعرابي من أهل البادية:
خالي عويف وأبو علج
المطعمان اللحم بالعشج
يريد: أبو علي، والعشي، فحول الياء المشددة جيما، وفي «الاقتراح» للسيوطي ص99: نقل عبارة «المزهر» إلا أن فيه: في قضاعة بدل: في لغة قضاعة.
وفي «حاشية الاقتراح» لابن الطيب المسماة «نشر الانشراح» ص442 ما نصه قوله: «العجعجة بمهملتين وجيمين، وقوله: يجعلون الياء ... إلخ؛ أي الدالة على النسب في الأكثر، كما يدل له المثال، وقد يبدلون غير النسبية كقولهم في علي: علج، والله أعلم.» ا.ه.
وفي «المزهر» في باب الرديء المعلوم من اللغات، ج1، ص109: «ومن ذلك العجعجة - في لغة قضاعة، يجعلون الياء المشددة جيما، يقولون في تميمي: تميمج.» ا.ه.
وفي «أمالي أبي علي القالي»، ج2، ص79: «وقال الأصمعي: حدثني خلف الأحمر، قال: أنشدني رجل من أهل البادية: [...] قال: قال أبو عمرو بن العلاء: قلت لرجل من بني حنظلة: ممن أنت؟
قال: فقيمج. فقلت: من أيهم؟ قال: مرج. أراد: فقيمي ومري. وأنشد لهميان بن قحافة السعدي:
يطير عنها الوبر الصهابجا
3
قال: أراد الصهابي من الصهبة. وقال يعقوب بن السكيت: بعض العرب إذا شدد الياء جعلها جيما، وأنشد عن ابن الأعرابي:
كأن في أذنابهن الشول
من عبس الصيف قرون الإجل
أراد: «الإيل بدل: الإجل.» وأنشد الفراء :
لا هم إن كنت قبلت حجتج
فلا يزال شاحج يأتيك بج
أقمر نهات ينزي وفرتج
أراد: وفرتي.» ا.ه.
وفي شرح الإمام ابن جني على تصريف أبي عثمان المازني ص481: وأما قول الآخر:
خالي عويف وأبو علج
المطعمان اللحم بالعشج
وبالغداة فلق البرنج
يقلع بالود وبالصيصج
فمعناه: بالصيصة، والذي عندي فيه أنه لما اضطر إلى جيم مشددة عدل فيه إلى لفظ النسب، وإن لم يكن منسوبا في المعنى كما تقول: أحمر وأحمري، وأشقر وأشقري، وحداد قراقر وقراقري، وأنشدنا أبو علي:
كأن حدادا قراقريا
فلم تحدث ياء الإضافة هنا معنى زائدا لم يكن في «قراقر». وكذلك قول العجاج أنشدنا أيضا:
والدهر بالإنسان دواري
فإنما معناه: دوار، فألحقه ياء الإضافة، وأنشد أيضا:
نظل لنسوة النعمان يوما
على سفوان يوم أروناني
يريد: أرونان، ومعنى أروناني؛ أي فتي، وهو: الشديد.
وفي «فقه اللغة» - المسمى بالصاحبي - لابن فارس ص25: «وكذلك الياء تجعل جيما في النسب، يقولون: غلامج؛ أي غلامي، وكذلك الياء المشددة تحول جيما في النسب، يقولون: بصرج وكوفج»، قال الراجز:
خالي عويف وأبو علج
المطعمان اللحم بالعشج
وبالغداة فلق البرنج
وفي «الأمالي» أيضا، ج2، ص217: «وممكن أن يكون جار لغة في يار، كما قالوا: الصهاريج والصهاري، وصهريج، وصهري، وصهري لغة تميم، وكما قالوا: شيرة: للشجرة، وحقروه فقالوا: شييرة.
قال الرياشي: قال أبو زيد: كنا يوما عند المفضل، وعنده الأعراب، فقلت: أيهم يقول: شيرة؟ فقالوها، فقلت له: قل لهم يحقرونها، فقالوا: شييرة.
وحدثني أبو بكر بن دريد، قال: حدثني أبو حاتم، قال: سمعت أم الهيثم تقول: شيرة، وأنشدت:
إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى
فأبعدكن الله من شيرات
فقلت: يا أم الهيثم: صغريها، فقالت: شييرة.» انتهى وهو عكس المتقدم.
وفي «المزهر»، ج1، ص226: «وفي «شرح التسهيل» لأبي حيان، قال أبو حاتم: قلت لأم الهيثم، واسمها عثيمة: هل تبدل العرب من الجيم ياء في شيء من الكلام؟ فقالت: نعم، ثم أنشدتني:
إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى
فأبعدكن الله من شيرات»
وفي «شرح العلامة البغدادي على شواهد الشافية الحاجبية» - للرضي ص239: ومن شواهد «س»:
خالي عويف
4
وأبو علج
المطعمان اللحم بالعشج
وبالغداة فلق البرنج
يقلع بالود وبالصيصج
أراد بالعشج: العشي، والصيصج: الصيصية،
5
وهي: قرن البقرة.
على أن بعض بني سعد يبدلون الياء - شديدة كانت أو خفيفة - جيما في الوقف، كما في قوافي هذه الأبيات، فإن الجيم في أواخر ما عدا الأخير بدل من ياء مشددة.
وأما الأخير فالجيم فيه بدل من ياء خفيفة كما يأتي بيانه، وإنما حركها الشاعر هنا؛ لأنه أجرى الوصل مجرى الوقف، قال «س»: «وأما ناس من بني سعد فإنهم يبدلون الجيم مكان الياء في الوقف؛ لأنها خفية، فأبدلوا من موضعها أبين الحروف، وذلك قولهم: هذا تميمج، يريدون: تميمي، وهذا علج يريدون: علي. وسمعت بعضهم يقول: عربانج، يريد: عرباني، وحدثني من سمعهم يقولون:
خالي عويف وأبو علج
المطعمان اللحم بالعشج
وبالغداة فلق البرنج
يريدون: بالعشي والبرني، فزعم أنهم أنشدوه هكذا.» انتهى كلامه.
ولم يذكر إجراء الوصل مجرى الوقف، وذكره الزمخشري في «المفصل»، وكلام ابن جني في «سر الصناعة» وغيره ككلام سيبويه.
قال ابن المستوفي في شرح أبيات «المفصل»: «ومتى خرج هذا الإبدال عن هذين الشرطين، وهما: الياء المشددة والوقف، عدوه شاذا؛ ولذلك قال الزمخشري: وقد أجري الوصل مجرى الوقف.» انتهى.
وهذه الأبيات لبدوي، قال ابن جني في «سر الصناعة»: «قرأت على أبي بكر، عن بعض أصحاب يعقوب بن السكيت، عن يعقوب قال: قال الأصمعي: حدثني خلف قال: أنشدني رجل من أهل البادية: عمي عويف وأبو علج ... إلى آخر الأبيات الأربعة، يريد: أبو علي، وبالعشي
6
والصيصية وهي قرن البقرة.» انتهى.
وقال شارح «شواهد أبي علي الفارسي»: «جاء به أبو علي شاهدا على أن ناسا من العرب يبدلون من الياء جيما، لما كان الوقف على الحرف يخفيه،
7
والإدغام فيه يقتضي الإظهار ويستدعيه، أبدلوا من الياء المشددة في الوقف الجيم؛ لأنها أبين وهي قريبة من مخرجها. وزعم أبو الفتح أنه احتاج إلى جيم مشددة للقافية فحذف الياء، ثم ألحق ياء النسب كما ألحقوها في الصفات مبالغة، وإن لم يكن منسوبا في المعنى نحو: «أحمري في: أحمر.» ثم أبدل من الياء المشددة جيما.»
قال الشيخ: «أقرب من هذا وأشبه بالمعنى أن يكون أراد الصيصاء، وهو رديء التمر الذي لا يعقد نوى، ألحقه بقنديل فقال: صيصيء، ثم أبدل من الياء جيما في الوقف، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف في هذا.» انتهى كلامه.
افتخر بخاليه أو بعميه. والمطعمان صفة لهما، واللحم والشحم مفعوله. والعشي قيل: ما بين الزوال إلى الغروب، وقيل: هو آخر النهار، وقيل: من الزوال إلى الصباح، وقيل: من صلاة المغرب إلى العتمة، كذا في «المصباح». والغداة: الضحوة. والفلق بكسر الفاء وفتح اللام جمع فلقة، وهي: القطعة. وروى: «قطع» بدله، وروى أيضا: كتل البرنج؛ وهو جمع كتلة بضم الكاف، قال الجوهري: الكتلة: القطعة المجتمعة من الصمغ وغيره، والبرني بفتح الموحدة نوع من أجود التمر، ونقل السهيلي أنه عجمي ومعناه: حمل مبارك، قال: «بر»: حمل، و«ني»: جيد. وأدخلته العرب في كلامها وتكلمت به. كذا في «المصباح»، وأقول: «برني»، لغة الفرس: ثمرة الشجرة؛ أي شجرة كانت، وأما حملها فهو عندهم: بار بزيادة ألف، والفرق أن بر: الثمر الذي يؤكل، وأما بار فعام، سواء أكان مما يؤكل أم لا، فصوابه أن يقول: «بر: ثمر الشجرة، لا حملها» وأما: ني: فأصله نيك - بكسر النون - فعند التعريب حذفت الكاف وشددت الياء، ونيك في لغة الفرس: الجيد، ويقلع بالبناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير البرنج، وبالجملة حال منه، وقال العيني: صفة له. والود بفتح الواو - لغة في: وتد، والصيصية - بكسر الصادين وتخفيف الياء: القرن، واحد الصيصي، والجمع الصياصي، وصياصي البقر: قرونها، وكان يقلع التمر المرصوص بالوتد وبالقرن.
قال ابن المستوفي: «الصيصي جمع صيصية، وهي القرن، كأنه شدد في الوقف على لغة من يشدد، ثم أبدل وزادها أن أجرى الوقف مجرى الوصل كما قال: «مثل الحريق وافق القصبا»، وقال الزمخشري في «الحواشي»: شدد الصيصي في الوقف، كما لو وقف على «القاضي».» انتهى.
وقال ابن جني في «شرح تصريف المازني»: «الذي عندي فيه أنه لما اضطر إلى جيم مشددة عدل فيه إلى لفظ النسب، وإن لم يكن منسوبا في المعنى كما تقول: أحمر وأحمري، وهو كثير في كلامهم، فإذا كان الأمر كذلك جاز أن يراد بالصيصج لفظ النسب، فلما اعتزمت على ذلك حذفت تاء التأنيث؛ لأنها لا تجتمع مع ياء النسبة، فلما حذفت الهاء بقيت الكلمة في التقدير: صيص بمنزلة: قاض - فلما ألحقتها ياء النسبة حذفت الياء لياء النسبة كما تقول في النسبة إلى قاض: قاضي، فصارت في التقدير صيصي، ثم إنها
8
أبدلت من الياء المشددة الجيم كما فعلت في القوافي التي قبلها فصارت صيصيج. كما ترى.
فهذا الذي عندي في هذا، وما رأيت أحدا عرض تفسيره إلا أن يكون أبا علي فيما أظنه انتهى.» ا.ه.
ثم قال عقب هذا في شرحه المذكور ص243:
يا رب إن كنت قبلت «حجتج»
فلا يزال شاحج يأتيك بج
أقمر نهات ينزى وفرتج
على أنه أبدل الجيم من الياء الخفيفة، وأصله حجتي، وبي، ووفرتي - بياء المتكلم في الثلاثة.
وأنشد أبو زيد هذه الأبيات الثلاثة في أوائل الجزء الثالث من «نوادره» قال: قال المفضل: أنشدني أبو الفوال هذه الأبيات لبعض أهل اليمن، ولم يخطر ببال أبي علي، ولا على بال ابن جني رواية هذه الأبيات عن أبي زيد في «نوادره»؛ ولهذا نسباها إلى الفراء، وقالا: أنشدها الفراء ألبتة؛ لأن لهما غراما بالنقل عن نوادره، ولو أمكنهما ألا ينقلا شيئا إلا منها فعلا.
قال ابن جني في «سر الصناعة»: «وكان شيخنا أبو علي يكاد يصلي بنوادر أبي زيد إعظاما لها، وقال لي وقت قراءتي إياها عليه: ليس فيها حرف إلا لأبي زيد تحته غرض ما؛ وهو كذلك لأنها محشوة بالنكات والأسرار.» انتهى كلامه، رحمه الله.
ولله در الشارح المحقق في سعة اطلاعه، فإنه لم يشاركه أحد في نقل هذه الأبيات عن أبي زيد إلا ابن المستوفي، وقد ذهب ابن عصفور في كتاب «الضرائر» إلى أن إبدال الياء الخفيفة نحو قول هميان بن قحافة: «يطير عنها الوبر الصهابجا» يريد : الصهابي، فحذف إحدى الياءين تخفيفا، وأبدل من الأخرى جيما لتتفق القوافي، وسهل ذلك كون الجيم والياء متقاربتين في المخرج. ومثل ذلك قول الآخر ، وأنشد الفراء:
يا رب إن كنت قبلت حجتج
إلى آخر الأبيات يريد: حجتي، ويأتيك بي وينزني وفرتي - فأبدل من الياء جيما، وقول الآخر: «حتى إذا ما أمسجت وأمسجا
9
يريد: أمست وأمسى؛ لأنه ردهما إلى أصلهما وهو: أمسيت وأمسيا ثم أبدل الياء جيما لتقاربهما لما اضطر إلى ذلك.» انتهى.
وجعله ابن المستوفي من الشاذ، قال: ومن الإبدال الشاذ قوله، وهو مما أنشده أبو زيد:
يا رب إن كنت قبلت حجتج
وهذا أسهل من الأول؛ لأنه أورده الشاعر في الوقف، إلا أن الياء غير مشددة. انتهى.
وقوله: «يا رب إن كنت ...» إلخ، أنشده الزمخشري في «المفصل»: «لا هم إن كنت»، وكذا أنشده ابن مالك في «شرح الشافية»، والحجة بالكسر: المرة من الحج، قال الفيومي في «المصباح»: حج حجا من باب «قتل-قصد» فهو حاج، هذا أصله ثم قصر استعماله في الشرح على قصد الكعبة للحج أو العمرة، يقال: ما حج ولكن دج، فالحج القصد للنسك، والدج لقصد التجارة، والاسم: الحج بالكسر، والحجة: المرة بالكسر على غير قياس، والجمع: حجج، مثل سدرة وسدر، قال ثعلب: قياسه الفتح ولم يسمع من العرب، وبها سمى الشهر: ذا الحجة بالكسر وبعضهم يفتح في الشهر، وجمعه ذوات الحجة. انتهى.
والشاحج بالشين المعجمة والحاء المهملة قبل الجيم: البغل أو الحمار، من شحج البغل والحمار، والغراب بالفتح يشحج بالفتح والكسر شحيجا وشحاجا، إذا صوت.
وقال بعض أفاضل العجم في شرح أبيات المفصل: «قال صدر الأفاضل: أراد بشاحج: حمارا؛ أي عيرا، قيل في نسخة الطباخي بخطه: شبه ناقته أو جمله بالعير.» انتهى.
وروى ابن جني عن أبي علي في «سر الفصاحة»: شامخ أيضا بالخاء المعجمة بعد الميم، وقال: يعني مستكبرا. انتهى. وهذا لا يناسبه أقمر نهات، وقوله: يأتيك؛ أي يأتي بيتك بي، والأقمر: الأبيض، والنهات: النهاق، يقال: نهت الحمار ينهت - بالكسر - أي: نهق، ونهت الأسد أيضا؛ أي زأر، والنهيت دون الزئير، وينزى - بالنون والزاي المعجمة - أي: يحرك لسرعة مشيه.
وقال بعض أفاضل العجم في شرح أبيات المفصل: قيل: عبر بالوفرة عن نفسه كما يعبر بالناصية من تسمية المحل باسم الحال، يقول: اللهم إن قبلت حجتي هذه، فلا تزال دابتي تأتي بيتك وأنا عليها تحرك وفرتي، أو جسدي في سيرها إلى بيتك؛ أي: إن علمت أن حجتي هذه مقبولة، فأنا أبدا أزور بيتك. ا.ه.
العنعنة
إبدال العين من الهمزة
في «القاموس» وشرحه: وعنعنة تميم: إبدالهم العين من الهمزة، يقولون: «عن، موضع: أن» وأنشد يعقوب:
فلا تلهك الدنيا عن الدين واعتمل
لآخرة لا بد عن ستصيرها
يريد: أن. وقال ذو الرمة:
أعن ترسمت من خرقاء منزلة
ماء الصبابة من عينيك مسجوم؟
أراد: أن. قال الفراء: لغة قريش ومن جاورهم: «أن»،
1
وتميم وقيس وأسد ومن جاورهم يجعلون ألف «أن» إذا كانت مفتوحة عينا، يقولون: «أشهد عنك رسول الله»، فإذا كسروا رجعوا إلى الألف.
وفي حديث قيلة: تحسب عني نائمة. وفي حديث حصين بن مشمت: أخبرنا فلان عن فلانا حدثه، أي: أن فلانا. قال ابن الأثير - رحمه الله تعالى: كأنهم يفعلونه لبحح في أصواتهم، والعرب تقول: لأنك ولعنك، بمعنى: لعلك، قال ابن الأعرابي: لعنك، لبني تميم.
وبنو تيم الله بن ثعلبة، يقولون: رعنك، ومن العرب من يقول: رغنك ولغنك بمعنى: لعلك. ا.ه.
والعبارة منقولة من «اللسان» باختلاف يسير، وزاد في «اللسان» الاستشهاد بقول جران العود:
فما أبن حتى قلن: يا ليت عننا
تراب وعن الأرض بالناس تخسف
وفي «أزاهير الرياض المربعة» للبيهقي وسط ص20: «سوى عن عظم الساق منك رقيق»؛ أي: أن، وقد ذكرناه في الكشكشة.
وفي «السيرافي على سيبويه»، ج1، ص278: عنعنة تميم وسبب تسميتها بذلك.
وفي «رءوس القوارير» لابن الجوزي ص30: ومن العرب من يبدل الهمزة الثانية عينا لتقاربهما في المسلك، وأن العين عندهم أخف من الهمزة، ويروى في بيت ذي الرمة:
أعن ترسمت من خرقاء منزلة
ماء الصبابة من عينيك مسجوم؟
يريد: أأن، وقال أيضا فيما لا استفهام فيه:
فعيناك عيناها، وجيدك جيدها
مثغرك إلا عنها غير عاطل
يريد: إلا أنها، وهذه التي يقال لها: عنعنة تميم. ا.ه.
وفي «فقه اللغة» - الصاحبي - لابن فارس، في باب اللغات المذمومة ص24:
أما العنعنة التي تذكر عن تميم، فقلبهم الهمزة في بعض كلامهم عينا، يقولون: سمعت «عن» فلانا قال كذا، يريدون: «أن».
وروي في حديث قيلة: «تحسب عني نائمة»، قال أبو عبيد: أرادت تحسب: أني، وهذه لغة تميم، قال ذو الرمة:
أعن ترسمت من خرقاء منزلة
ماء الصبابة من عينيك مسجوم؟
أراد: «أن» فجعل مكان الهمزة: عينا. ا.ه.
وأعاد الكلام عليها في ص76 بما لا يخرج عن هذا.
وفي «الخصائص» لابن جني، ج1، ص399: فأما عنعنة تميم، فإن تميما تقول في موضع «أن»: «عن»، تقول: عن عبد الله قائم، وأنشد ذو الرمة عبد الملك:
أعن ترسمت من خرقاء منزلة
وقال الأصمعي: سمعت ابن هرمة ينشد هرون الرشيد:
أعن تغنت على ساق مطوقة
ورقاء تدعو هديلا فوق أعواد
وفي «ما يعول عليه في المضاف والمضاف إليه» للمحبي، ج3، ص215: عنعنة تميم هي إبدال الهمزة في «أن» المفتوحة بعين، يقولون: أعجبني عن تقوم، وعلى ذلك أنشدوا بيت ذي الرمة:
أعن ترسمت من خرقاء منزلة
ماء الصبابة من عينيك مسجوم؟
أنشده ابن يعيش في إبدال العين من الهمزة، وهو من النادر؛ لأن العين ليست من حروف البدل، وقال ابن هشام: إن بني تميم يقولون في نحو «أعجبني أن نفعل كذا»: «عن تفعل»، وكذا يفعلون في أن المشددة، فيقولون: أشهد عن محمدا رسول الله، وتسمى: عنعنة بني تميم. انتهى.
والبيت لذي الرمة، ترسمت الدار: نظرت إلى رسومها.
وفي «الصحاح»: «والخرقاء صاحبة ذي الرمة، وهي من بني عامر بن ربيعة بن صعصعة.»
وفي «أساس البلاغة»: «دمع ساجم ومسجوم ومنسجم، ودموع سواجم، وعيون سواجم، وسجمت العين دمعها سجما، وسجم الدموع سجوما.» انتهى.
وفي «سر الصناعة» قال: سمعت ابن هرمة ينشد لهرون:
أعن تغنت على ساق مطوقة
ورقاء تدعو هديلا فوق أعواد
قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن، قراءة عليه، عن أبي العباس أحمد بن يحيى أحسبه أخبرنا عن الأصمعي قال: ارتفعت قريش في الفصاحة عن عنعنة تميم، وتلتلة بهراء، وكشكشة ربيعة، وكسكسة هوازن، وتضجع قيس ، وعجرفية ضبة. انتهى.
وفي «المزهر»، ج1، ص109: ومن ذلك العنعنة، وهي في كثير من العرب، وفي لغة قيس وتميم تجعل الهمزة المبدوء بها عينا، فيقولون في «أنك»: «عنك»، وفي «أسلم»: «عسلم»، وفي «أذن»: «عذن». ا.ه.
وفي «الاقتراح» للسيوطي ص99: نقل عبارته في «المزهر».
وفي «حاشية الاقتراح» لابن الطيب المسماة «نشر الانشراح» ص441 ما نصه قوله «العنعنة: بعينين مهملتين ونونين. قوله: المبدوء بها أي: التي في ابتداء الكلمة؛ أي في أولها، قوله: إنك أي: سواء كان بكسر الهمزة أو فتحها فالإبدال عندهم جائز، وإذن هي الجوابية، فيبدلون الهمزة في ذلك كله وما أشبهه عينا.» ا.ه.
وفي «فقه اللغة» للثعالبي ص107 من النسخة رقم 149 لغة: العنعنة تعرض في لغة قضاعة كقولهم: ظننت عنك ذاهب؛ أي: أنك، وكما قال ذو الرمة:
أعن ترسمت
2
من خرقاء منزلة
ماء الصبابة من عينيك مسجوم؟
وفي «شرح البغدادي لشواهد شرح الشافية الحاجبية» للرضي ص486:
أعن ترسمت من خرقاء منزلة
ماء الصبابة من عينيك مسجوم؟
على أن الأصل: أأن ترسمت، فأبدلت الهمزة المفتوحة عينا في لغة تميم، قال الشارح: وهذا الإبدال في الأبيات وغيرها شاذ؛ ولهذا لم يذكرها ابن الحاجب، وأقول: سيأتي إن شاء الله تعالى في شروح قوله: «أباب بحر ضاحك هزوق» إن هذا كثير. ا.ه.
ثم تكلم عن معنى مفردات البيت بما هو خارج عما هنا. وذكر في ص280 أنها عنعنة تميم. أما الموضع الذي أحال عليه هنا فهو قوله في ص492: «أباب بحر ضاحك هزوق» على أن أصله: «عباب بحر»، فأبدلت العين همزة، وهذا أشذ مما قبله؛ لأنه لم يثبت قلب العين همزة في موضع. وما نقله عن ابن جني قاله في «سر الصناعة»، وهذه عبارته: «فأما ما أنشده الأصمعي من قول الراجز: «أباب بحر ضاحك هزوق»، فليست الهمزة فيه بدلا من عين «عباب» وإن كان بمعناه، وإنما هو «فعال» من أب إذا تهيأ، قال الأعشى:
وكان طوى كشحا وأب ليذهبا
وذلك أن البحر يتهيأ لما يزخر به؛ فلهذا كانت الهمزة أصلا غير بدل من عين، ولو قلت: إنها بدل منها، فهو وجه وليس بالقوي.» انتهى.
ومفهومه أن إبدال العين همزة ضعيف لقلته، وإليه ذهب ابن مالك، قال في «التسهيل»: «وتبدل الهمزة قليلا من الهاء والعين.» ومثل شراحه بالبيت. ولم يقيده الزمخشري في «المفصل» بقلة، بل قال: الهمزة أبدلت من حروف اللين ومن الهاء والعين، ثم مثل إلى أن قال: فإبدالها من الهاء في ماء وأمواء، ومن العين في قوله: «أباب بحر ...» البيت. نعم تفهم القلة من ذكره أخيرا بالنسبة إلى ما قبله، ولم يقيده بشيء شارحه ابن يعيش، وإنما قال: «أبدل الهمزة من العين لقرب مخرجيهما، كما أبدلت العين من الهمزة في نحو: «أعن ترسمت ...» البيت، فليس في هذا شذوذ فضلا عن الأشذية، وتوجيه الشارح بالأشذية بما قاله تبعا للمصنف ممنوع، فإنه جاءت كلمات كثيرة.
وقد ذكر له ابن السكيت في كتابه «القلب والإبدال» بابا، وكذا عقد له فصلا أبو القاسم الزجاجي في «أماليه الكبرى».
أما ابن السكيت، فقد قال في باب العين والهمزة: قال الأصمعي: يقال: «أديته على كذا وكذا وأعديته»؛ أي: قويته وأعنته، ويقال: «استأديت الأمير على فلان» في معنى: استعديت، ويقال: «قد كثأ اللبن وكثع»، وهي الكثأة والكثعة؛ وهو أن يعلو دسمه وخثورته على رأسه في الإناء، قال:
وأنت امرؤ قد كثأت لك لحية
كأنك منها بين تيسين قاعد
والعرب تقول: صوت زعاف وزؤاف، وذعاف وذؤاف، وهو الذي يعجل القتل، ويقال: عباب الموج وأبابه.
ويقال: لأطه بعين ولأطه بسهم، ولعطه: إذا أصاب به. أبو زيد: يقال: صبأت على القوم أصبأ صبأ، وصبعت عليهم أصبع صبعا، وهما واحد، وهو أن تدخل عليهم غيرهم. وقال الفراء: يقال: يوم عك، ويوم أك، أي: شديد الحر، ويقال: ذهب القوم عباديد وأباديد، وعبابيد وأبابيد، ويقال: انجأفت النخلة وانجعفت: إذا تعلقت من أصلها. وقال الأصمعي: سمعت أبا الصقر ينشد:
أريني جوادا مات هزلا لأنني
أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا
يريد: لعلني. وقال أبو عمرو: سمعت أبا الحصين يقول: الأسن: قديم الشحم، وبعضهم يقول: العسن. قال الأصمعي: التمئ لونه، والتمع لونه، وهو السأف والسعف.
قال الفراء: سمعت بعض بني نبهان - من طيئ - يقول: «دأني» يريد: دعني، وقال: «تآله» يريد: تعاله، فيجعلون مكان العين همزة، كما جعلوا مكان الهمزة عينا في قوله: لعنك قائم، وأشهد عنك رسول الله، وهي لغة في تميم وقيس كثيرة.
ويقال: ذأته، وذعته: إذا خنقه، هذا ما أورده ابن السكيت، ولا شك أن هذه الكلمات المشهورة فيها بالعين والهمزة بدل منها، وقد أسقطنا من كلامه ما المشهور فيه الهمزة والعين بدل منها. أما ثعلب فأنشد بيت طفيل:
فنحن منعنا يوم جرس نساءكم
غداة دعانا عامر غير معتل
يريد: مؤتل؛ يعني غير مقصر. ومن ذلك قولهم: أردت عن تفعل كذا؛ أي «أن تفعل».
أما ما أورده الزجاجي فهو: «عبد عليه وأبد عليه»، أي: غضب عليه. وهو «عيصك وأيصك»، أي: أصلك. وهو يوم «عك وأك وعكيك وأكيك»، أي: حار.
وذكر محمد بن يحيى العنبري أن رجلا من فصحاء ربيعة أخبره أنه سمع كثيرا من أهل مكة يقولون:
3
يا أبد الله، يريدون: يا عبد الله. ويقال: الخنأبة والخنعبة، لخنابة الأنف، وهي صفحته تهمز ولا تهمز، وهي دون المحجر مما يلي الفم. ويقال: تكعكع وتكأكأ عن الشيء، قال الأعشى:
تكأكأ ملاحها فوقها
من الخوف كوثلها يلتزم
وهذا ما أورده الزجاجي، وقد أسقطنا منه أيضا ما توافق فيه مع ابن السكيت وما المشهور فيه الهمزة وأبدلت عينا.
وقلب العين همزة أقيس من العكس؛ لأن الهمزة أخف من العين، ولو استحضر ابن جني هذه
4
الكلمات لم يقل ما قال، ولا ذهب ابن الحاجب إلى ما ذهب، ولله در الزمخشري في صنعه، والله الموفق تبارك وتعالى.
والهزوق، فسره «الشارح» بالمستغرق في الضحك، وهو كذلك في «سر الصناعة» وغيره. وفي «العباب» للصاغاني: وأهزق الرجل في الضحك : إذا أكثر منه. انتهى.
ولم أر فيه أكثر من هذا، وعليه يكون العزوق فعولا من أهزق، والقياس أن يكون من الثلاثي. وفي «المفصل»: زهوق بتقديم الزاي على الهاء. وقال بعض أفاضل العجم في شرح أبياته: الأباب: العباب، وهو معظم الماء وكثرته وارتفاعه، أبدل الهمزة من العين، وضحك البحر كناية عن امتلائه، وقال بعض الشارحين: الظاهر أنه كناية عن أمواجه، وقال الجوهري: البئر البعيدة القعر.
وعن المصنف: زهوق: مرتفع؛ يصف بحرا ممتلئا أو ذا أمواج بعيد القعر أو مرتفع الماء. انتهى كلامه.
وقال ابن المستوفي: «عباب البحر: معظم مائه، وكثرته وارتفاعه، والضاحك من السحاب كالعارض إلا
5
أنه إذا برق: ضحك. وقال الخوارزمي: «الزهوق»: البئر البعيدة القعر. وقال في الحواشي: ضاحك؛ أي يضحك بالموج، وزهوق: مرتفع، والزهوق المرتفع أولى بالوصف من البئر البعيدة القعر؛ لأن العباب إذا كان الكثير المرتفع، فإنما يكون ذلك لارتفاع ماء البحر.» انتهى.
ولم أقف عليه بأكثر من هذا، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى.
وفي «شرح البغدادي» أيضا ل «شواهد شرح الرضي على الكافية الحاجبية»، ج4، ص596، كلام مختصر جدا في عنعنة تميم، وهو أنهم يقولون موضع «أن»: عن، و«أن»: عن، واستشهد ببيت ذي الرمة المتقدم ذكره.
وفي كتاب الإبدال والمعاقبة والنظائر وهو عندنا في مجموعة لغوية رقم 332 لغة ص56 (باب العين والهمزة): هو يستعدي ويستأدي، وامرأة وامرعة، وربما قيل هذا، وفي المثل:
حدث حديثين امرعه
فإن أبت فأربعه
ويقال: عكيك، وأكيك، قال طرفة:
تطرد القر بحر ساخن
وعكيك الصيف إن جاء بقر
ويقال: امرأة خبأة وخبعة، وهي التي تختبئ. وأراد أن يذهب، وعن يذهب، كما يقال: أما والله، وعما والله لأفعلن. انتهى.
وفي كتاب «الأضداد» لأبي حاتم السجستاني ص130-131 من المجموعة المذكورة: «ومما ليس في هذا الباب، وإن تقارب اللفظان، قولهم: رجل مود؛ أي هالك، ومود أي: تام السلاح، ويقال للسلاح: الأداة، ومنه قيل: المؤدي، إلا أن الواو مهموزة، والأولى غير مهموزة، وأما لغة أهل الحجاز: «استأديت الأمير فآداني» في معنى: استعديته فأعداني، فليست من هذا في شيء، وكذلك استأديته الخراج، ليس من هذا في شيء.» انتهى.
وفي كتاب «تبيين المناسبات بين الأسماء والمسميات» ص15: وجماعة من العرب يبدلون الهمزة من «أشهد أن محمدا رسول الله»، فيقولون: أشهد عن محمدا رسول الله، ويجوز في العربية: أشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد إن محمدا رسول الله، ولا يجوز أن تبدل الهمزة عينا إنما يفعل ذلك إذا انفتحت. انتهى.
وفي «شرح التبريزي على الحماسة»، ج3، ص152، عند شرح قوله:
رعاك ضمان الله يا أم مالك
ولله عن يشقيك أغنى وأوسع
ما نصه قوله: ولله عن يشقيك، يحتمل وجهين؛ أحدهما: عن أن يشقيك، والثاني: أن تكون العين مبدلة من همزة أن؛ لأن بعض العرب يفعل ذلك بكل همزة مفتوحة، فينشدون قول ذي الرمة:
أعن ترسمت من خرقاء منزلة
ماء الصبابة من عينيك مسجوم؟
وفي «محاضرات الراغب» رقم 72 - أدب تيمور - ج1، ص36: الآفات المعترضة للسان من العي: اللثغة: تغيير في القاف والسين واللام والراء.
والتمتمة: التتعتع في التاء. والفأفاة في الفاء. واللفف: إدخال حرف في حرف، وإياه عنى الشاعر بقوله: كأن فيها لففا إذا نطق. والتلجلج يقارب ذلك. والحبسة: ثقل في الكلام. والعقلة: اعتقال اللسان. والحكلة: نقصان آلة النطق حتى لا تعرف معانيه إلا بالاستدلال، وأصله في الفحل إذا عجز عن الضراب، وقيل: لا يصفو كلام من يكون منزوع الثنيتين!
ما يعرض في بعض اللغات من العي: كشكشة تميم؛ وهي «قلب كاف المؤنث شينا»، ونحوه: فعيناش عيناها وجيدش جيدها؛ أي: فعيناك عيناها وجيدك جيدها. وكسكسة تميم وهي «قلبها سينا».
وعنعنة تميم، كقوله: ظننت عنك ذاهب.
والعجرفة: جفاء في الكلام. واللخلحانية تعرض في أعراب الشحر وعمان. والطمطمانية: لغة في حمير كقولهم: طاب امهواء؛ أي: طاب الهواء.
الكشكشة
إبدال الشين من كاف الخطاب
في «القاموس» وشرحه: والكشكشة - في «بني سعد» كما قال الجوهري، أو في «ربيعة» كما قال الليث: إبدال الشين من كاف الخطاب المؤنث خاصة، كعليش ومنش وبش، في: عليك ومنك وبك، في موضع التأنيث، وينشدون للمجنون:
فعيناش عيناها وجيدش جيدها
ولكن عظم الساق منش رقيق
أو زيادة شين بعد الكاف المجرورة، تقول: عليكش، وإليكش، وبكش، ومنكش، وذلك في الوقف خاصة، ولا تقول عليكش بالنصب.
وقد حكي: كذاكش بالنصب. وإنما زادوا الشين بعد الكاف المجرورة لتبين كسرة الكاف فيؤكد التأنيث؛ وذلك لأن الكسرة الدالة على التأنيث فيها تخفى في الوقف، فاحتاطوا للبيان بأن أبدلوها شينا، فإذا وصلوا حذفوا لبيان الحركة.
ومنهم من يجري الوصل مجرى الوقف، فيبدل فيه أيضا، كما تقدم في قول المجنون.
ونادت أعرابية جارية: «تعالي إلي، مولاش يناديش» أي: مولاك يناديك، وقال ابن سيده: قال ابن جني: وقرأت على أبي بكر محمد بن الحسن، عن أبي العباس أحمد بن يحيى، لبعضهم:
علي فيما
1
أبتغي أبغيش
بيضاء ترضيني ولا ترضيش
وتطبي ود بني أبيش
إذا دنوت جعلت تنئيش
وإن نأيت جعلت تدنيش
وإن تكلمت حثث في فيش
حتى تنقي كنقيق الديش
أبدل من «كاف المؤنث» شينا في كل ذلك، وشبه كاف الديك لكسرتها بكاف المؤنث، وجعله المصنف - رحمه الله - لغة مستقلة فأوردها في «د ي ش»، وصدرها في الترجمة من غير تنبيه عليه، وقد سبق الكلام فيه، قال: وربما زادوا على الكاف في الوقف شينا حرصا على البيان أيضا، فإذا وصلوا حذفوا الجميع،
2
وربما ألحقوا الشين أيضا. وفي حديث معاوية: تياسروا عن كشكشة تميم، أي: إبدالهم الشين من كاف الخطاب مع المؤنث، وقد تقدم البحث فيه في المقدمة. انتهى. وهو منقول عن «اللسان» باختلاف يسير.
وفي «غلمج» من «اللسان» وكذا في «شرح القاموس»: هو غلامجك، وغلامشك، وفي «السيرافي على سيبويه»، ج1، ص279: «كشكشة بكر بن وائل.» وفي ج5، ص466، 467، 468: ناس من أسد يقلبون كاف المؤنث شينا في الوقف. وفي ص468 و572 من هذا الجزء: من يلحق كاف المؤنث شينا في الوقف، ويقال: إنها لقوم من بكر بن وائل.
وفي «الخصائص» لابن جني، ج1، ص399: «وأما كشكشة ربيعة فإنما تريد قولها مع كاف الضمير المؤنث: إنكش، ورأيتكش، وأعطيتكش، تفعل هذا في الوقف، فإذا وصلت أسقطن الشين.» ا.ه.
وفي «محاضرات الراغب»، ج1، ص36: في «ما يعرض في بعض اللغات من العي»: «كشكشة تميم، وهي قلب كاف المؤنث شينا، نحو: فعيناش عيناها وجيدش جيدها.» ا.ه.
وفي «فقه اللغة» للصاحبي ص24: «وأما الكشكشة التي في أسد، فقال قوم: إنهم يبدلون الكاف شينا، فيقولون: عليش، بمعنى: عليك، وينشدون:
فعيناش عيناها وجيدش جيدها
ولونش إلا أنها غير عاطل
وقال آخرون: يصلون بالكاف شينا فيقولون : عليكش.» انتهى.
وفي «رءوس القوارير» لابن الجوزي ص30:
فعيناك عيناها وجيدك جيدها
وثغرك إلا عنها غير عاطل
يريد: إلا أنها، وهذه هي التي يقال لها: عنعنة تميم.
ومن الرواة من يروي هذا البيت:
فعيناش عيناها وجيدش جيدها
وثغرش إلا عنها غير عاطل
وتسمى: كشكشة سليم،
3
وهي إبدال كاف المخاطبة شينا. ا.ه.
وفي «أزاهير الرياض المريعة» للبيهقي، في اللغة وسط، ص20:
سوى عن عظم الساق منك دقيق
يذكر لروايته «عن» بدل أن، وقد ذكرناه في «العنعنة» آنفا.
وفي «فقه اللغة» للثعالبي رقم 149 لغة تيمور ص107: الكشكشة، تعرض في لغة تميم، كقولهم في خطاب المؤنث: «ما الذي جاء بش» - يريدون: بك، وقرأ بعضهم: «قد جعل ربش تحتش سريا» لقول القرآن:
قد جعل ربك تحتك سريا .
الكسكسة، تعرض في لغة بكر، كقولهم في خطاب المؤنث: أبوس وأمس، يريدون: أبوك وأمك.
العنعنة، تعرض في لغة قضاعة، كقوله: ظننت عنك ذاهب؛ أي: أنك ... وكما قال ذو الرمة:
أعن توسمت
4
من خرقاء منزلة
ماء الصبابة من عينيك مسجوم
5
وفي «موارد البصائر»، فيما يجوز من الضرورات للشاعر الشيخ محمد سليم ص39: ومن غريب هذا الباب؛ أعني: «إجراء الوصل مجرى الوقف، ما أنشده ابن جني في «سر الصناعة»:
فعيناش عيناها وجيدش جيدها
خلا أن عظم الساق منش رقيق
وذلك لأن من العرب من يبدل كاف المؤنث في الوقف شينا، فيقول: عليش ومنش، ومررت بش؛ يريد: عليك ومنك، ومررت بك، كذا في «سر الصناعة».» ا.ه.
وذكر في ص165: «أن الكشكشة في ربيعة ...»
وفي ص168 منه أيضا: «وأما كشكشة ربيعة، فإنما يريد بها قولها مع كاف ضمير المؤنث: أنكش، ورأيتكش وأعطيتكش، تفعل هذا في الوقف، فإذا وصلت أسقطت الشين.» انتهى.
وقد تكلم عنها في ص153 بما تقدم ذكره في عبارة «شرح القاموس».
وفي «ألف باء»، ج2، ص431: «ومن العرب من يبدل كاف المؤنث شينا في الوقف، وهم ربيعة، وهم الكشكشة، يفعلون ذلك حرصا على البيان؛ لأن الكسرة الدالة على التأنيث فيها تخفى عند الوقف، فقالوا: عليش ومنش.
وذكر هذه اللغة الخطابي، وقال: هم بكر وبها قرأ من قرأ: «إن الله اصطفاش وطهرش ...» لقول القرآن:
إن الله اصطفاك وطهرك .»
ويروى أن معاوية قال يوما لجلسائه: أي الناس أفصح؟ فقال رجل من السماط: يا أمير المؤمنين، قوم قد ارتفعوا عن فراتية العراق وتياسروا عن كشكشة بكر وتيامنوا عن فشفشة تغلب ليس فيهم غمغمة قضاعة ولا طمطمانية حمير ... قال: من هم؟ قال: قومك يا أمير المؤمنين؛ قريش، قال: صدقت ... فمن أنت؟ قال: ابن جرم.
قال الأصمعي: جرم فصحاء الناس، وهذا الحديث قد وقع في فضائل قريش وهذا كان موضعه فذكرناه ...
ومنهم من يجري مجرى الوقف، فيبدل أيضا، قال شاعرهم وهو المجنون:
فعيناش عيناها وجيدش جيدها
سوى عن عظم الساق منش دقيق
أراد: عيناك، وجيدك، وأراد بعن: أن، وهي لغة معروفة في «قيس»، وهي التي يقال لها: «عنعنة قيس» على وجه الذم لها.
وقرأ قارئهم: «فعسى الله عن يأتي بالفتح.»
أي: أن يأتي بالفتح، وينشد فيقول:
فعيناك عيناها، وثغرك ثغرها
وجيدك إلا عنها غير عاطل
وربما أدخلوا
6
كاف الخطاب معها، كما قال:
إذا دنوت جعلت تنئيش
وإن نأيت جعلت تدنيش
وإن تكلمت حثت في فيش
حتى تزقي كزقيق الديش
أراد: الديك، فشبهه بكاف خطاب المؤنث فساقه مساقه، ومن كلامهم:
إذا أعياش جاراتش
فأقبلي على ذي بيتش
ومن العرب من يلفظ بهذه الكاف بين الجيم والشين، وذلك من اللغات المرغوب عنها لما لم يتهيأ له أن يفرد الجيم ولا الشين. ا.ه.
وفي «المزهر»، ج1، ص109: «الكشكشة وهي في ربيعة ومضر، يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شينا، فيقولون: رأيتكش، وبكش، وعليكش ، فمنهم من يثبتها في حالة الوقف ومنهم من يثبتها في الوصل أيضا، ومنهم من يجعلها مكان الكاف، ويكسرها في الوصل ويسكنها في الوقف، فيقول: منش، وعليش.» ا.ه.
وذكر في ص104 أن الكشكشة في «أسد»، ثم ذكر بعده أنها في «هوازن».
وفي «الاقتراح» للسيوطي ص99 ذكر العبارة نفسها، وفي حاشية ابن الطيب المسماة «نشر الانشراح» ومضر قبيلتان مشهورتان. قوله: بعد كاف الخطاب؛ أي: مجرورة أو منصوبة. قوله: رأيتكش مثال للمنصوب، والمثالان بعد للمجرور والكاف مكسورة على أصلها في الجميع. قوله: مكان الكاف؛ أي: يجعلها بدلا منها، وهم بنو أسد كما قاله الجوهري، وقال الرضي: ناس كثير من تميم ومن أسد يجعلون مكان الكاف في الوقف شينا. قوله: بكسرها ... إلخ؛ أي: إعطاء المبدل حكم المبدل منه، وظاهر عبارته أنه في المنصوب أيضا، وتمثيله وصريح كلام غيره يدل على أن البدل في المجرور. ا.ه.
وفي كلامه: الكسكسة، ضبط الكشكشة والكسكسة بالكسر قال: وأجازوا فيها الفتح أيضا.
وفي «صبح الأعشى» للقلقشندي ص98: «ومنها أن تبدل حرفا من الكلمة بحرف آخر، كما تبدل حمير كاف الخطاب
7
شينا معجمة فيقولون: في «قلت لك»: قلت لش.» انتهى.
وفي «العقد الفريد» لابن عبد ربه، ج1، ص294: وأما كشكشة تميم فإن بني عمرو بن تميم إذا ذكرت كاف المؤنث فوقفت عليها أبدلت منها شينا لقرب الشين من الكاف في المخرج، وقال راجزهم:
هل لش أن تنتفعي وأنفعش
وذكر في الجزء الثاني ص48: أن الكشكشة في تغلب.
وفي «شرح البغدادي على شواهد الرضي» المسمى «بخزانة الأدب»، ج1، ص593: شين الكشكشة:
تضحك مني أن رأتني أحترش
على أن ناسا من تميم ومن أسد يجعلون مكان كاف المؤنث شينا في الوقف، قال المبرد في «الكامل»: بنو عمرو بن تميم إذا ذكرت كاف المؤنث فوقفت عليها أبدلت منها شينا، لقرب الشين من الكاف في المخرج، فإنها مهموسة مثلها، فأرادوا البيان في الوقف؛ لأن في الشين تفشيا، فيقولون للمرأة: جعل الله البركة في دارش، والتي يدرجونها يدعونها كافا. ا.ه.
وربما فعلوا هذا في الكاف الأصلية المكسورة، أنشد ثعلب في «أماليه»، عن ابن الأعرابي:
علي فيما أبتغي أبغيش
بيضاء ترضيني ولا ترضيش
وتطلبي ود بني أبيش
إذا دنوت جعلت تنئيش
وإن نأيت جعلت تدنيش
وإن تكلمت حثت في فيش
حتى تنقي كنقيق الديش
قال ثعلب: «يجعلون مكان الكاف الشين، وربما جعلوا بعد الكاف الشين والسين، يقولون: «إنكش وإنكس» وهي الكاف المكسورة لا غير. يفعلون هذا توكيدا لكسر الكاف بالشين والسين، كما يقولون: ضربتيه وضربته لقرب مخرجها منها.» ا.ه.
والشاهد في قوله : كنقيق الديش؛ فإن أصله: الديك، وكافه أصلية، وفي جميع ما عدا الشين بدل من كاف المخاطبة، والبيت الشاهد أنشده ابن الأعرابي في «نوادره» كما هو هنا.
ثم شرع في حل ألفاظ البيت الشاهد إلى أن قال: ورواه الزجاجي في «أماليه»:
تعجبت لما رأتني أحترش ... ... ... ...
ثم قال بعده:
فعيناش عيناها وجيدش جيدها
سوى أن عظم الساق منش رقيق
على أنه كان القياس في هذه الشين المبدلة من كاف المخاطبة أن تحذف، لكنها أجريت في الوصل مجرى حالة الوقف، قال ابن جني في «سر الصناعة»: ومن العرب من يبدل كاف المؤنث في الوقف شينا حرصا على البيان؛ لأن الكسرة الدالة على التأنيث فيها تخفى في الوقف، فاحتاطوا للبيان بأن أبدلوها شينا فقالوا: عليش، ومنش، ومررت بش، وتحذف في الوصل. ومنهم من يجري الوصل مجرى الوقف فيبدل فيه أيضا، وأنشدوا للمجنون:
فعيناش عيناها وجيدش جيدها
البيت. ا.ه.
قال «القالي» في «شرح اللباب»: «وإنما سميت هذه اللغة - أعني إلحاق الشين بالكاف - الكشكشة؛ لاجتماع الكاف والشين فيها، وإنما كسرت الكافان في لفظ «الكشكشة»؛ لحكاية الكسر لكون الكاف للمؤنث. ومنهم من يفتحهما على حد قولهم في التعبير عن «بسم الله» بالبسملة، وكذلك الكسكسة بالوجهين.» انتهى.
وقد ذكر في آخر شرح هذا الشاهد أن المبرد في «الكامل»، وأبا علي القالي في «ذيل الأمالي» روياه:
فعيناك عيناها وجيدك جيدها
ولكن عظم الساق منك رقيق
على أن الأصل من غير إبدال.
وفي شرحه على «شواهد شرح الرضي على الشافية» ص477 ذكر للبيت الأول، وهو قوله: «تضحك مني أن رأتني أحترش ...» إلخ، إلا أنه لم يطل في شرحه وأحال على «الخزانة».
وفي «ما يعول عليه في المضاف والمضاف إليه» للمحبي، في باب الكاف: كشكشة تميم هي إبدالهم الشين من كاف الخطاب مع المؤنث، فيقولون: أبوش وأمش، وربما زادوا بعد الكاف شينا في الوقف فقالوا: مررت بكش، كما تفعل بكر.
وفي حديث معاوية رضي الله عنه: «تياسروا عن كشكشة تميم.» ا.ه.
وفي «مروج الذهب» للمسعودي، ج1، ص71: «وأهل الشحر من قضاعة وغيرهم من العرب، وهم مهرة، ولغتهم بخلاف لغة العرب؛ وذلك لأنهم يجعلون «الشين بدلا من الكاف»، مثال ذلك: «هل لش فيما قلت لش» و«أن تجعلي الذي معي في الذي معش»، يريد: هل لك فيما قلت لك، وأن تجعلي الذي معي في الذي معك، وغير ذلك من خطابهم ونوادر كلامهم.» ا.ه.
وقد أورد المؤلف ما حكاه من كلامهم كما ترى منشورا ولعله قصد ذلك، وقد أورد هذه الجملة صاحب «العقد الفريد» منظومة من الرجز كما مر.
الكسكسة
قلب كاف المؤنث سينا
في «القاموس وشرحه»: «والكسكسة لغة لتميم، لا لبكر - كما زعمه ابن عباد - وإنما لهم الكشكشة بإعجام الشين؛ هو: إلحاقهم بكاف المؤنث سينا عند الوقف دون الوصل، يقال: أكرمتكس، ومررت بكس أي: أكرمتك ومررت بك، ومنهم من يبدل السين من كاف الخطاب فيقول: أبوس وأمس؛ أي أبوك وأمك، وبه فسر حديث معاوية رضي الله عنه: «تياسروا عن كسكسة بكر.» وقيل: الكسكسة لهوازن، وفيه كلام أوردناه في المقدمة.» ا.ه.
والذي ذكره في المقدمة هو قوله: «والكشكشة في ربيعة ومضر، يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شينا، فيقولون: رأيتكش ومررت بكش، والكسكسة فيهم أيضا، يجعلون بعد الكاف أو مكانها سينا في المذكر.» ا.ه.
وفي «السيرافي على سيبويه»، ج5، ص468: «من يلحق كاف المؤنث في الوقف سينا.»
وفي «الخصائص» لابن جني، ج1، ص399: «وأما كسكسة هوازن، فقولهم أيضا: أعطيتكس، ومنكس وعنكس، وهذا في الوقف دون الوصل.» ا.ه . يريد: مع ضمير المؤنث كما أوضحه قبل هذا في الكشكشة.
وفي «محاضرات الراغب»، ج1، ص36، فيما يعرض في بعض اللغات من العي: «كسكسة بكر، وهي قلبها سينا؛ أي كاف المؤنث.» ا.ه.
وفي «فقه اللغة» للثعالبي ص107 من النسخة رقم 149 لغة: «الكسكسة تعرض في لغة بكر كقولهم في خطاب المؤنث، مثل: أبوس وأمس يريدون: «أبوك وأمك».»
وفي «فقه اللغة» لابن فارس ص24: وكذلك الكسكسة التي في ربيعة إنما هي أن يصلوا بالكاف سينا، فيقولون: عليكس. ا.ه.
وفي «موارد البصائر» ص265 أن الكسكسة لهوازن ولم يتكلم عنها.
وفي «سر الصناعة» لابن جني ص152: «ومن العرب من يزيد على كاف المؤنث في الوقف سينا ليبين كسرة الكاف، فيؤكد التأنيث فيقول: مررت بكس، ونزلت عليكس، فإذا وصلوا حذفوا لبيان الكسرة. ا.ه. ثم قال في ص168: وأما كسكسة هوازن فقولهم أيضا: أعطيتكس، ومنكس، وعنكس. وهذا أيضا في الوقف دون الوصل.» ا.ه.
وفي «ألف باء»، ج2، ص431: قال:
1
ومن العرب من يرد كاف المؤنث سينا، فيقول: أبوس، يريد: أبوك، وأمس عوض: أمك. ومنهم من يزيد على الكاف سينا فيقول: مررت بكس، ونزلت عليكس، فإذا وصلوا حذفوا لبيان الحركة، وهؤلاء يقال لهم: الكسكسية، وهم من هوازن.
وفي «العقد الفريد»، ج2، ص48، أن الكسكسة في بكر. وفي «المزهر»، ج1، ص104، أن الكسكسة في ربيعة، ثم قال في ص109: ومن ذلك الكسكسة، وهي في ربيعة ومضر، يجعلون بعد الكاف أو مكانها في المذكر سينا على ما تقدم، وقصدوا بذلك الفرق بينهما. ا.ه. أي: لأنهم خصوا السين بكاف المؤنث.
وفي «الاقتراح» للسيوطي ص99 ذكر عبارته في «المزهر» التي في ص109، وفي «حاشية الاقتراح» لابن الطيب المسماة «نشر الانشراح» ص441 ما نصه: «قوله من ذلك - أي: المستقبح المعدود قبيحا - الكسكسة كالتي قبلها، إلا أن السين في هذه عارية عن النقط للفرق كما قاله، وكلاهما ضبط بالكسر وهو الأصل فيه، وأجازوا فيهما الفتح أيضا كما قاله في «شرح اللباب»، وفيهما كلام أودعناه في «شرح القاموس»، وغيره، والله أعلم. قوله: «بينهما» أي: بين المؤنث والمذكر.» ا.ه.
وفي «خزانة الأدب» للبغدادي، ج4، أول ص596: وأما بكر فتختلف في الكسكسة، فقوم منهم يبدلون من الكاف سينا، كما فعل التميميون في الشين، وهم أقلهم، وقوم يبينون حركة كاف المؤنث في الوقف بالسين فيزيدونها بعدها فيقولون: أعيطتكس. ا.ه.
وفي «ما يعول عليه في المضاف والمضاف إليه» للمحبي، في باب الكاف: «كسكسة بكر هي إبدالهم السين من كاف الخطاب، يقولون: أبوس وأمس أي: أبوك وأمك، وقيل: هو خاص بمخاطبة المؤنث، ومنهم من يدع الكاف بحالها ويزيدها سينا في الوقف، فيقول: مررت بكس؛ أي بك، وفي حديث معاوية: «تياسروا عن كسكسة بكر».»
التلتلة
كسر أول حروف المضارعة
في «القاموس» وشرحه: وتلتلة بهراء؛ كسرهم تاء «تفعلون». وحكى بعضهم قال: رأيت أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة، وهو يقول: «رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم.» فكسر التاء من «تعلم». وقرأ يحيى بن وثاب: «ولا تركنوا إلى الذين ظلموا» بكسر التاء، ومثله: «ما لك لا تئمنا على يوسف»، وكذلك: «فتمسكم النار»، وقد بينا ذلك في كتاب «التصريف».
وقال أبو النجم:
أقبلت من عند زياد كالخرف
تخط رجلاي بخط مختلف
تكتبان في الطريق: لام ألف
هكذا بكسر التاء، قال في «اللسان»: وهي لغة بهراء وقد تقدم ذلك في «ك ت ب». ا.ه.
وعبارة «اللسان» في مادة «ك ت ب» بعد الاستشهاد بالرجز قال: ورأيت في بعض النسخ «تكتبان» بكسر التاء؛ وهي لغة بهراء، يكسرون التاء فيقولون: تعلمون، ثم أتبع الكاف كسرة التاء. ا.ه. ولم يزد في مادة «ت ل ل» على قوله: وتلتلة بهراء كسرهم تاء تفعلون، يقولون: تعلمون، وتشهدون ... ونحوه، والله أعلم. ا.ه.
وفي «الخصائص» لابن جني، ج1، ص399: وأما تلتلة بهراء فإنهم يقولون: تعلمون وتفعلون وتصنعون، بكسر أوائل الحروف. ا.ه.
وفي أوائل مادة «كتب» من «اللسان»: لغة بهراء في كسر التاء نحو: تفعلون.
وفي «البيان في مقدمة التفسير» للأستاذ الشيخ طاهر، أواخر ص52: الكسر مثل: تعلمون، والعبارة لابن فارس في «فقه اللغة ».
وفي «القرطين» ص152: أسد وطيئ، عن كسرهم أول المضارع. وفي «درة الغواص» للحريري ص114: وأما تلتلة بهراء فيكسرون حروف المضارعة فيقولون: أنت تعلم. وحدثني أحد شيوخي رحمه الله، أن الأخيلية كانت ممن يتكلم بهذه اللغة، وأنها تكلمت بها في مجلس عبد الملك بن مروان، وبحضرته الثعلبي.
وفي «شرح الدرة» للخفاجي إشارة إلى ذلك.
وفي «العقد الفريد»، ج3، ص259: كون القصة وقعت لعفان مع أبي نواس.
وممن ذكر القصة أيضا شهاب الدين الحجازي في «روض الآداب» ص442، وذكر أنها لليلى الأخيلية مع النابغة الشاعر - يريد الجعدي - بحضرة أحد الملوك، قال: ولغة بني الأخيل أنهم يكسرون حرف المضارعة ما عدا الألف.
وفي «شرح الصفدي على لامية العجم»، ج1، ص16، بعد أن ساق هذه القصة غير معزوة لشخص معين ما نصه: «وقد روى صاحب «العقد» وغيره هذه الحكاية واختلفوا فيها، وزادوها بيتا آخر، والذي أعتقده أنها موضوعة.»
وفي ج2، ص297، من هذا الشرح: «ومن قال: ييجل، بكسر الياء فعلى لغة بني أسد فإنهم يقولون: أنا إيجل ونحن نيجل وأنت تيجل، ومن قال: ييجل بناه على هذه اللغة، ولكنه فتح الياء مثل قولهم: يعلم.» ا.ه.
وفي «خزانة الأدب» للبغدادي، ج4، ص495: نقل عبارة ابن جني المتقدم ذكرها، ثم نقل في ص596: عبارة الحريري في «الدرة» ولم يعقب عليها، والذي يفهم مما سبق ومما سيأتي أن التلتلة خاصة بالتاء، وهو صريح عبارتي «القاموس» «واللسان»، فزعم الحريري أنها في حرف المضارعة مطلقا لا يخفى ما فيه.
وفي «فقه اللغة» لابن فارس ص18: «اختلاف لغات العرب من وجوه؛ أحدها: الاختلاف في الحركات كقولنا: «نستعين، ونستعين» بفتح النون وكسرها، قال الفراء: هي مفتوحة في لغة قريش وأسد، وغيرهم يقولونها بكسر النون.» ا.ه.
وفي ص23: «ولا الكسر الذي تسمعه من أسد وقيس مثل: تعلمون، ونعلم، ومثل: شعير، وبعير.» ا.ه.
وفي «التوضيح» وشرحه «التصريح»، ج2، ص149: كقوله - وهو أبو الأسود الجماني - يصف امرأة:
لو قلت: ما في قومها لم تيثم
يفضلها في حسب وميسم
ففيه حذف وتغيير وتقديم وتأخير، وأصله: لو قلت: ما في قومها أحد يفضلها لم تأثم في مقالتك، فحذف الموصول بجملة يفضلها وهو أحد، وهو بعض اسم مقدم مجرور بفي هو «قومها»، وكسر حرف المضارعة من تأثم على لغة غير الحجازيين. ا.ه.
وفي ص491: أن كسر حرف المضارعة لغة قوم.
وفي «خزانة البغدادي»، ج2، ص211: «وأصله تأثم، فكسر التاء على لغة من يكسر حروف المضارعة إلا الياء للكراهة وهم بنو أسد، قال ابن يعيش: وذلك إذا كان الفعل على وزن «فعل»، نحو: «نعلم ونسلم».» انتهى.
وفي «شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح»؛ أي البخاري لابن مالك ص136: «ومنها قول عبد الله بن عمر لأبيه: أقم فإني لا إيمنها أن ستصد عن البيت. قلت: يجوز كسر حرف المضارعة إذا كان الماضي على «فعل» ولم يكن حرف المضارعة ياء نحو يعلم، وللياء من الكسر ما لغيرها إن كانت الفاء واوا، أو كان ماضيه أبى نحو ييجل ويبى، وعلى هذه اللغة جاء إيمنها، ويجوز أيضا كسر غير الياء من حروف المضارعة إذا كان أول الماضي تاء المطاوعة أو ألف وصل مثل: يتعلم ويستبصر. وفي إيمنها عائد على الجماعة التي قصدت الحج فإن مشاهدتها تغني عن ذكرها ... إلخ.» ا.ه.
وفي «شرح البغدادي على شواهد شرح الرضي على الشافية» ص443 عند قول الشاعر: «وإخال أنك سيد مغيون»
1
ما نصه: «وإخال - بالكسر - لغة الذين كسروا حرف المضارعة مما جاء على مثال: تفعل نحو تعجب، وتعلم، وتركب - لتدل كسرته على كسر العين من عجب وعلم وركب ونحو ذلك، يقولون: أنا إعجب وأنت تعلم ونحن نركب، واستثقلوا الكسرة على الياء فألزموها الفتح.» ا.ه.
وفي «التصريح شرح التوضيح» ص193 عند الكلام على هذا البيت: «وإخال بكسر الهمزة، وبنو أسد تفتحها على القياس.» ا.ه. ويفهم منه أنهم خالفوا أنفسهم في هذه الكلمة.
وفي شرح البغدادي على شرح ابن الوردي لمنظومته «التحفة الوردية» ص102: «وكسر همزة إخال فصيح استعمالا، شاذ قياسا، وفتحها لغة أسد.» ا.ه.
وفي «اللسان»: «وتقول في مستقبله : إخال - بكسر الألف - وهو الأفصح، وبنو أسد يقولون: أخال - بالفتح - وهو القياس، والكسر أكثر استعمالا.» ا.ه.
وفي «ألف باء»، ج1، ص262: «تقول: خلت إخال - بكسر الألف - وهو الأفصح، وبنو أسد تقول: أخال - بالفتح - وهو القياس.» ا.ه.
وفي «شرح ابن هشام على بانت سعاد» ص96: «وكسر همزة إخال فصيح استعمالا، شاذ قياسا، وفتحها لغة بني أسد وهو بالعكس، وحكم حرف المضارعة في غير هذا الفعل أن يضم بإجماع إن كان الماضي رباعيا نحو أدحرج وأكرم، ويفتح في لغة الحجازيين فيما نقص أو زاد كيضرب وينطلق ويستخرج، وأما غيرهم فيكسرون الفاء في ثلاث مسائل:
إحداها:
في تفعل بالفتح، مضارع فعل بالكسر، كعلمت تعلم، بخلاف تذهب فإن ماضيه مفتوح، وتثق فإن المضارع مكسور، ومن قال: تحسب بالفتح كسر، ومن كسر فتح، وقرئ: «ولا تركنوا ...» وقال الشاعر:
قلت لبواب لديه دارها:
تئذن فإني حمها وجارها
أي: لتئذن : أمر الفاعل المخاطب باللام وحذفها وبقي عملها وكسر أول المضارع. وسمعت بدويا يقول في المسعى: «إنك تعلم» بكسر التاء والنون.
الثانية:
أن يكون الماضي مبدوءا بهمزة وصل نحو: ينطلق وتستخرج، وقرئ: «تبيض وجوه وتسود وجوه»، و«إياك نستعين». وأما من كسر في «نعبد» فكأنه ناسب بين كسر النونين.
الثالثة:
أن يكون مبدوءا بتاء المطاوعة أو شبهها نحو: تتذكر وتتكلم، فكأنهم حملوا «تفعل» على الفعل؛ لأنهما للمطاوعة، تقول: كسرته - بالتشديد - فتكسر، وكسرته بالتخفيف فانكسر، وإنما لم يجيزوا كسر الياء لثقل الكسر عليها، ولكنهم جوزوه إذا تلاها «واو»؛ ليتوصلوا بها إلى قلبها ياء نحو: وجل ييجل.» ا.ه.
وفي «المطالع النصرية» للشيخ نصر الهوريني ص78-79: «أن كسر حرف المضارعة في لغة تميم وأسد وغيرهم من العرب سوى قريش.» ثم تكلم على الهمزة ورسمها ياء إذا أجريت هذه اللغة على نحو تئذن ... إلخ. ثم قال: وبهذه اللغة قرئ قوله تعالى: «فكيف إيسى على قوم كافرين.» ا.ه.
وفي «المحتسب» لابن جني، ج1، ص43: «ومنهم من يكسر حرف المضارعة اتباعا لكسرة فاء الفعل بعده، فيقول: «يخطف، وأنا إخطف»، وأنشدوا لأبي النجم: «تدافع الشيب ولم تقتل»؛ أراد: تقتتل، فأسكن التاء الأولى للإدغام، وحرك القاف لالتقاء السكنين بالكسر، فصار «تقتل»، ثم أتبع أول الحرف ثانيه فصار «يقتل».» إلخ.
وقال في ص226: ومن ذلك قراءة يحيى: «فإنهم ييلمون كما تيلمون»، قال أبو الفتح: العرف في نحو هذا أن من قال: إنت تئمن وتئلف وإيلف، فكسر حرف المضارعة في نحو هذا إذا صار إلى الياء، فتحها ألبتة فقال: هو يألف، ولا يقول: هو ييلف استثقالا للكسرة في الياء. فأما قولهم في: يوجل ويوحل ونحوهما، ييجل وييحل - بكسر الياء - فإنما احتمل ذلك هناك من قبل أنهم أرادوا قلب «الواو» ياء هربا من ثقل الواو؛ لأن الياء - على كل حال - أخف من الواو، وعلموا أنهم إذا قالوا: ييجل وييحل، فقلبوا الواو ياء والياء قبلها مفتوحة كان ذلك قلبا من غير قوة علة القلب، وكأنهم حملوا أنفسهم بما تجشموه من كسر الياء توصلا إلى قوة علة قلب الواو ياء، كما أبدلوا من ضمة لام «أدلو»، جمع دلو كسرة، فصار أدلو لتنقلب الواو ياء بعذر قاطع، وهو انكسار ما قبلها وهي لام، وليس كذلك الهمزة؛ لأنها إذا كسر ما قبلها لم يجب انقلابها ياء، وذلك نحو: بئر وذئب، ألا تراك إذا قلت: هو يئلف، لم يجب قلب الهمزة ياء؟ فلهذا قلنا: إن كسرة ياء ييجل لما يعقب من قلب الأثقل إلى الأخف مقبول، وليس في كسر ياء يئلف ما يدعو إلى ما تحتمل له الكسرة، وليس فيه أكثر من أنه إذا كسر الياء ثم خفف الهمزة صار ييلمون، فأشبه له في اللفظ ييجل، وهذا قدر لا يحتمل له كسر الياء فاعرفه.
وقال في ص491: ومن ذلك قراءة يحيى والأعمش وطلحة - بخلاف - ورواه إسحاق الأزرق عن حمزة: «فتمسكم النار»، قال أبو الفتح: هذه لغة تميم أن تكسر أول مضارع ما ثاني ماضيه مكسور نحو: علمت تعلم، وأنا إعلم، وهي تعلم، ونحن نركب.
وتقل الكسرة في الياء - نحو: يعلم ويركب - استثقالا للكسرة في الياء، وكذلك ما في أول ماضيه همزة وصل مكسورة - نحو: ينطلق، و«يوم تسود وجوه وتبيض وجوه»، وكذلك: «فتمسكم النار»، فتأمل قولهم: أبيت تئبى، فإنما كسرة أول مضارعه وعين ماضيه مفتوحة من قبل أن المضارع لما أتى على يفعل - بفتح العين - صار كأن ماضيه مكسور العين حتى كأنه أبي، وقد شرحنا ذلك في كتابنا «المنصف» أي: في ص471-472.
انظر كسر «إخال» عند سائر العرب، وفتحه عند أسد، في «البغدادي على بانت سعاد»، ج2، ص292-293.
وفي ص293: «الحجاز لا يجيزون كسر حرف المضارعة، وهو جائز عند جميع العرب.»
وفي ص296: «ناس من أسد يكسرون ذا التاء كقولهم: تذهب، والنون كما في: نذهب.»
وفي «تفسير أبي حيان»، ج1، ص23: «وفتح نون «نستعين» قرأ بها الجمهور وهي لغة الحجاز وهي الفصحى، وقرأ عبيد بن عمير الليثي وزر بن حبيش، ويحيى بن وثاب، والنخعي، والأعمش بكسرها، وهي لغة قيس وتميم وأسد وربيعة، وكذلك حكم حرف المضارعة في هذا الفعل وما أشبهه، وقال أبو جعفر الطوسي: هي لغة هذيل.» ا.ه.
الطمطمانية والطمطمة
ما يشبه كلام العجم «إبدال اللام ميما»
في «القاموس»: وطمطمانية حمير - بالضم: ما في لغتها من الكلمات المنكرة. ا.ه.
وفي «شرح القاموس» أنها تشبه كلام العجم. وفي صفة قريش: ليس فيهم طمطمانية حمير أي: الألفاظ المنكرة المشبهة بكلام العجم، هكذا فسره غير واحد من أئمة اللغة، وصرح به المبرد في «الكامل» والثعالبي في «المضاف والمنسوب»، وقيل: هو إبدال اللام ميما، وأشار إلى توجيه ذلك الزمخشري في «الفائق». ا.ه.
وفي «العقد الفريد»، ج1، ص294، ذكرها لحمير، ثم قال: والطمطمة: أن يكون الكلام مشبها لكلام العجم، ثم قال بعد ذلك: وأما طمطمانية حمير ففيها يقول عنترة:
تأوي له حزق النعام كأنها
حزق يمانية لأعجم طمطم
وذكرها لحمير أيضا في ص48، ج2، ولم يفسرها.
وفي «نهاية الأرب» للنويري، ج3، ص392، س2: الطمطمة إبدال الطاء تاء (هي غير الطمطمانية، تراجع).
وفي «المزهر»، ج1، ص110: «والطمطمانية تعرض في لغة حمير، كقولهم: طاب امهواء أي: طاب الهواء.» ا.ه.
وفي «التصريح» للشيخ خالد، ج2، ص456: «أم لغة في: أل عند طيئ؛ فإنهم يبدلون لام التعريف ميما فيقولون في الرجل: أم رجل.» ا.ه. (هكذا رسم بفصل أم).
وفي «خزانة البغدادي»، ج4، ص596: «والطمطمانية - بضم الطاءين - أن يكون الكلام مشبها لكلام العجم، يقال: رجل طمطم - بكسر الطاءين - أي في لسانه عجمة لا يفصح، والطمطماني مثله، وحمير أبو قبيلته، وهو حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، ومنهم كانت الملوك الأول.» ا.ه.
وفي «محاضرات الراغب»، ج1، ص36: «فيما يعرض في بعض اللغات من العي»: «الطمطمانية لغة في حمير كقولهم: طاب امهواء؛ أي: طاب الهواء.» ا.ه.
وفي «فقه اللغة» للثعالبي ص107 من النسخة رقم 149 لغة: «الطمطمانية تعرض في لغات حمير، كقولهم: طاب امهواء يريدون: طاب الهواء.»
وفي «سر الصناعة» لابن جني ص312، في باب إبدال الميم: «وأما إبدالها من اللام، فروي أن النمر بن تولب قال: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يقول: «ليس من امبر امصيام في امسفر.» يريد: «ليس من البر الصيام في السفر» فأبدل لام المعرفة ميما في: امسفر، ويقال: إن النمر لم يرو عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
غير هذا الحديث، إلا أنه شاذ لا يقاس عليه.» ا.ه.
وفي «شرح البغدادي على شواهد الرضي على الشافية» ص514، قول بحير بن عنمة الطائي الجاهلي: «يرمي ورائي بامسهم وبامسلمه» أي: يدافع عني مرة بالسهام، ومرة بالسلام.
على أن إبدال لام «ال» المعرفة ميما ضعيف، وقال ابن جني في «سر الصناعة»: هذا الإبدال شاذ لا يسوغ القياس عليه، وفيهما نظر، فإنه لغة قوم بأعيانهم، قال صاحب «الصحاح»: هي لغة حمير، قال الرضي - رضي الله عنه - في «شرح الكافية»: هي لغة حمير ونفر من طيئ.
وقال الزمخشري في «المفصل»: وأهل اليمن يجعلون مكانها الميم ومنه: «ليس من ام بر ام صيام في ام سفر.»
وحينئذ لا يجوز الحكم على لغة قوم بالضعف، ولا بالشذوذ، نعم لا يجوز القياس بإبدال كل لام ميما، ولكن يتبع إن سمع، وقد حكى الزجاجي أربع كلمات وقع التبادل بينهما، هي: غرلة، وغرمة؛ وهي القلفة - ويقال: امرأة غرلاء وغرماء - ولا يقال: قلفاء. وأصابته أزلة وأزمة أي: سنة. وانجبرت يده على عثم وعثل، وشممت ما عنده وشملت ما عنده، أي: خبرته. انتهى. ولم يرو ابن السكيت فيهم شيئا.
1
وقيل في تفسير بيت بجير الطائي: قوله: ««بامسهم»، بكسر الميم دون تنوين؛ لأنه معرف باللام لكن الكسرة مشبعة للوزن، وقوله: «وبامسلمه» بعد الواو وبهما يتزن الشعر، والسلمة - بفتح السين وكسر اللام - واحدة السلام؛ وهي الحجارة، والبيت رواه الآمدي وابن بري في آماليه على «الصحاح»، ورواه الجوهري في مادة «سلم»: «يرمي ورائي بالسهم وامسلمه»، وقال: يريد: والسلمة، وكذا رواه بعض الأفاضل، وقال: الرواية: «بالسهم» بتشديد السين على اللغة المشهورة، و«امسلمه» بالميم الساكنة بعد الواو على اللغة اليمانية.» انتهى.
قال ابن هشام في «المغني»: قيل: إن هذه اللغة مختصة بالأسماء التي لا تدغم لام التعريف في أولها، نحو غلام وكتاب بخلاف رجل وناس، وحكى لنا بعض طلبة اليمن أنه سمع في بلادهم من يقول: «خذ الرمح واركب امفرس.» ولعل ذلك لغة بعضهم ، لا لجميعهم، ألا ترى أنها في البيت السابق، وفي الحديث على نوعين؟ وأما الحديث الذي أورده الزمخشري، وهو مشهور في كتب النحو والصرف، فقد قال السخاوي في شرح «المفصل»: يجوز أن يكون النبي
صلى الله عليه وسلم
تكلم بذلك لمن كانت هذه لغته، أو تكون هذه لغة الراوي التي لا ينطق بغيرها، لا أن النبي
صلى الله عليه وسلم
أبدل اللام ميما. قال الأزهري: الوجه ألا تثبت الألف في الكتابة؛ لأنها ميم جعلت كالألف واللام.
ووجد رسمه بخط السيوطي في كتاب «الزبرجد» هكذا: «ليس من ام بر ام صيام في ام سفر.»
الوكم
كسر الكاف المسبوقة بياء أو كسرة
في «القاموس» وشرحه: الوكم والقمع والزجر، ويقال: هم يكمون الكلام - بكسر الكاف - أي يقولون: السلام عليكم بكسر الكاف، وقلت: هي لغة أهل الروم الآن. ا.ه.
وفي «السيرافي على سيبويه»، ج5، ص463: ناس من بكر بن وائل يكسرون الكاف من: منكم وأخلافكم ونحوهما، وهي لغة رديئة. وفي ص462: من يكسر الهاء من نحو: منهم، وهم ناس من ربيعة، وهي لغة رديئة.
وفي «المزهر»، ج1، ص109: الوكم في لغة ربيعة، وهم قوم من كلب، يقولون: السلام عليكم وبكم، حيث كان قبل الكاف ياء أو كسرة.
وفي «الاقتراح» للسيوطي ص99: نقل عبارته في «المزهر»، إلا أن فيه «في لغة ربيعة قوم من كلب»؛ أي بإسقاط «وهم».
وفي حاشية الاقتراح لابن الطيب المسماة «نشر الانشراح» ص442، ما نصه قوله: «ياء أو كسرة لف ونشر مرتب، فالياء راجعة لعليكم، والكسرة لقوله: بكم، وكانوا يرون في ذلك مناسبة كما هو ظاهر.» ا.ه.
وفي مقدمة «شرح القاموس»: والوكم والوهم كلاهما في لغة بني كلب، من الأول يقولون: عليكم وبكم، حيث كان قبل الكاف ياء أو كسرة ... إلخ.
الوهم
كسر الهاء في الكلمة
لم يذكره «القاموس» وذكره الشارح في المقدمة بأنه من لغة بني كلب، وهو أنهم يقولون: منهم وعنهم - أي: بكسر الهاء - وإن لم يكن قبل الهاء ياء ولا كسرة.
وفي «المزهر»، ج1، ص109: والوهم في لغة كلب، يقولون: منهم وعنهم وبينهم، وإن لم يكن قبل الهاء ياء ولا كسرة. ا.ه.
وفي «الاقتراح» للسيوطي ص99: نقل عبارته في «المزهر».
وفي حاشية الاقتراح لابن الطيب المسماة «نشر الانشراح» ص442: ما نصه قوله: ««الوهم» هو بالهاء بدل الكاف؛ لأنه يقع في الهاء. قوله: «وعنهم» كذا في أصولنا وهو الأنسب بالتعميم، وفي نسخة الشارح
1
بدله «وعليهمم» كأنه تنويع لما قبله الياء. وهذا غير محتاج إليه؛ لأن الياء توجب كسر الهاء في مثل تلك التراكيب عند أكثر العرب، وضمها قليل. قوله: «وإن لم يكن» ... إلخ؛ أي إن هذه اللغة يطلقونها فلا يتقيدون بكسر ولا ياء كالأولى.» ا.ه.
الاستنطاء
جعل العين الساكنة نونا
في «القاموس»: «وأنطى: أعطى.» وفي الشرح قال الجوهري: هي لغة اليمن. وقال غيره: هي لغة سعد بن بكر وهذيل والأزد وقيس، والأنصار يجعلون العين الساكنة نونا إذا جاوزت الطاء، وقد مر ذلك في المقصد الخامس من خطبة هذا الكتاب.
وهؤلاء من قبائل اليمن ما عدا هذيل، وقد شرفها النبي
صلى الله عليه وسلم
قال لرجل: «أنطه كذا وكذا»؛ أي أعطه. وفي حديث آخر: «وأن مال الله مسئول ومنطى»؛ أي معطى. وفي حديث الدعاء: «لا مانع لما أنطيت.» وفي حديث آخر: «اليد المنطية خير من اليد السفلى.» وفي كتابه لوائل: «وأنطوا الثبجة.» وفي كتابه لتميم الداري: «هذا ما أنطى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ...» إلى آخره، ويسمون هذا «الإنطاء الشريف» وهو محفوظ عند أولاده ...
قال شيخنا: وقرئ بها شاذا: «إنا أنطيناك الكوثر.» ا.ه.
والذي ذكره في المقدمة هو: والاستنطاء لغة سعد بن بكر، وهذيل، والأزد، وقيس، والأنصار يجعلون العين السكنة نونا إذا جاوزت الطاء، كأنطى في: أعطى. ا.ه.
وهي عبارة «المزهر» إلا أنه قال: «تجعل»، بدل: «يجعلون».
وفي «تفسير أبي حيان»، ج8، ص519: وقرأ الجمهور «أعطيناك» بالعين، والحسن وطلحة وابن محيصن والزعفراني: «أنطيناك» بالنون، وهي قراءة مروية عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم . قال التبريزي: هي لغة للعرب العاربة من أولى قريش، ومن كلامه
صلى الله عليه وسلم : «اليد العليا المنطية، واليد السفلى المنطاة.» ومن كلامه أيضا - عليه الصلاة والسلام: «وأنطوا الثبجة.» وقال الأعشى:
جيادك خير جياد الملوك
تصان الحلال
1
وتنطي السعدا
قال أبو الفضل
2
الرازي، وأبو زكريا التبريزي: أبدل من العين نونا، فإن عنيا النون في هذه اللغة مكان العين في غيرها فحسن، وإن عنيا البدل الصناعي فليس كذلك، بل كل واحدة من اللغتين أصل بنفسها، لوجود تمام التصرف من كل واحدة، فلا تقول العين ثم أبدلت النون منها. ا.ه.
واستشهد في «اللسان» أيضا بقول القائل وأنشده ثعلب:
من المنطيات الموكب المعج بعدما
يرى في فروع المقلتين نضوب
وفي «المزهر» للسيوطي، ج1، ص109: «ومن ذلك: الاستنطاء في لغة سعد بن بكر وهذيل والأزد وقيس والأنصار، تجعل العين الساكنة نونا إذا جاوزت الطاء، كأنطى في: أعطى.» ا.ه.
وفي «الاقتراح» للسيوطي ص99: نقل عبارته في «المزهر». وفي حاشية الاقتراح لابن الطيب المسماة «نشر الانشراح» ص442 ما نصه قوله: «الاستنطاء كأنه استفعال.» من نطى؛ أي: طلب هذا اللفظ. وفي الشرح
3
أنه رآه بخط الجمالي العصامي مضبوطا بالقلم بالمهملة بعد فوقية مكسورة، فمعجمة.
قلت: وهو بعيد عن المقصود، بل لا معنى له؛ لأن ظاهره أنه يوجد في الكلام «نظى» بعجم الظاء ولا وجود له، والله أعلم. قوله: «جاورت» بالجيم والراء المهملة؛ أي: كانت لها جارة، بأن وقعت قبلها كما في المثال، من المجاورة وهي الملاصقة في البيوت، قوله: و«أنطى» بالنون في: أعطى بالعين، وقد قرئ شاذا: «إنا أنطيناك الكوثر» عن أبي وابن مسعود والحسن، وروي في الدعاء: «لا مانع لما أنطيت.» ونسبها عياض لأهل اليمن، ولا منافاة.» ا.ه.
الوتم
قلب السين تاء
لم يذكر «القاموس» هذه المادة، وذكر شارحه في المقدمة الوتم، فقال: هو في لغة اليمن يجعل الكاف شينا مطلقا. ا.ه.
وفي «المزهر»،
1
ج1، ص109: الوتم - في لغة اليمن - يجعل السين تاء كالنات في: الناس. ا.ه.
انظر في «همع الهوامع»، ج1، وسط ص235: إبدال بعض العرب سين - لا سيما: تاء - كما قالوا: النات، في: الناس.
وفي «الاقتراح» للسيوطي ص99 نقل عبارته في «المزهر». وفي حاشية الاقتراح لابن الطيب المسماة «نشر الانشراح » ص443 ما نصه قوله: ««الوتم» ضبطه في الشرح
2
بالفوقية، وهي مادة مهملة، والمعروف مادة «وثم» بالمثلثة.» ا.ه.
وفي «شرح البغدادي على شواهد شرح الرضي على الشافية» ص537:
يا قاتل الله بني السعلاة
عمرو بن يربوع شرار النات
غير أعفاء ولا أكيات
على أن الأصل «شرار الناس، ولا أكياس» فأبدلت السين فيهما تاء، كما فعل بست وأصلها: سدس، بدليل قولهم: التسديس وسديسة فقلبوا السين تاء فصارت: سدت فتقاربت مع الدال في المخرج، فأبدلت الدال تاء فأدغمت فيها. وقالوا أيضا في طس: «طست»، وفي حسيس: «حتيت». هذا ما ذكره ابن جني في «سر الصناعة» ولم يزد على هذه الأربعة، وزاد عليها ابن السكيت في كتاب «الأبدال» عن الأصمعي، يقال: هو على سوسه وتوسه؛ أي : على خليقته، ويقال: رجل خفيساء وخفيتاء، إذا كان ضخم البطن إلى القصر، وزاد الزجاجي: «الأماليس والأماليت»؛ لما استوى من الأرض، ونصيب خسيس وختيت، ومنه: أخس حقه وأخته أي: قلله، وهو شديد الخساسة والختاتة.
وهذا الشعر قد أورده أبو زيد في موضعين من نوادره، ونسبه في الموضع الأول إلى قائله وهو علياء بن أرقم اليشكري، وهو شاعر جاهلي ... إلخ.
وفي «القاموس» وشرحه: وأما قول علياء بن أرقم:
يا قبح الله بني السعلاة
عمرو بن يربوع شرار النات
ليسوا أعفاء ولا أكيات
فإنما يريد: الناس، وأكياس فقلب السين تاء؛ لموافقتها إياها في الهمس والزيادة، وتجاور المخارج، وهي لغة لبعض العرب، عن أبي زيد، وهو من البدل الشاذ. ا.ه.
والعبارة في «اللسان» أيضا، ولكنها مختصرة عما هنا.
الشنشنة
جعل الكاف شينا مطلقا
لم يذكرها «القاموس» ولا شرحه.
وفي «المزهر»، ج1، ص109: «ومن ذلك «الشنشنة» في لغة اليمن، تجعل الكاف شينا مطلقا، كلبيش اللهم لبيش؛ أي: لبيك اللهم لبيك.» ا.ه.
وقد سماها شارح القاموس في المقدمة بالوتم، ولعله وهم منه، ومر في «الكشكشة» وعن «صبح الأعشى» ما نصه: «ومنها أن تبدل حرفا من الكلمة بحرف آخر كما تبدل حمير كاف الخطاب شينا معجمة، فيقولون في قلت لك: «قلت لش».» ا.ه. فنسبته إياها لحمير، وعدم تخصيصها بكاف المؤنث، وعدم تسميتها بالكشكشة ربما يفهم منه أن مراده: الشنشنة. والله أعلم.
وفي «السيرافي على سيبويه»، ج5، ص466 وص572: قلب الكاف شينا - في الوقف المؤنث، وذكرناه في «الكشكشة».
وفي «الاقتراح» للسيوطي ص99 نقل عبارته في «المزهر».
وفي «حاشية الاقتراح» لابن الطيب المسماة: «نشر الانشراح» ص443 ما نصه قوله ««الشنشنة» ضبطها في الشرح
1
بفتح المعجمتين ونونين الأولى ساكنة. وقال: هو مصدر كالدحرجة - فليتأمل قوله. شينا أي: معجمة، وقوله: مطلقا؛ أي سواء كانت لمذكر أو مؤنث.» ا.ه.
اللخلخانية
العجمة واللكنة في المنطق
في «القاموس» وشرحه: وفي حديث «معاوية» قال: أي الناس أفصح؟ فقال: قوم ارتفعوا عن لخلخانية العراق. «اللخلخانية»: العجمة في المنطق، قال أبو عبيدة: وهو العجز عن إرداف الكلام بعضه ببعض، من قولهم: «لخ في كلامه»: إذا جاء به ملتبسا، ورجل لخلخاني: غير فصيح، وكذلك امرأة لخلخانية: إذا كانت لا تفصح، وبه جزم الزمخشري وغيره. قال البعيث:
سيتركها إن سلم الله جارها
بنو اللخلخانيات وهي رتوع
وفي «فقه الثعالبي» أن ذلك يعرض في لغة أعراب الشحر وعمان، كقولهم في «ما شاء الله»: «مشا الله»، وناس ينسبونها للعراق. انتهى.
وفسرها في «اللسان» باللكنة والعجمة في الكلام، قال: وقيل: هو منسوب إلى «لخلخان» وهي قبيلة وقيل: موضع.
وفي «المزهر»، ج1، ص110: وذكر الثعالبي في «فقه اللغة» من ذلك: اللخلخانية، تعرض في لغة أعراب الشحر وعمان، كقولهم: «مشا الله» في «ما شاء الله». ا.ه.
وفي «خزانة البغدادي»، ج4، ص596: ويروى لخلخانية العراق؛ أي في «حديث معاوية». واللخلخانية: العجمة في المنطق، يقال: رجل لخلخاني؛ إذا كان لا يفصح. ا.ه.
وفي «ما يعول عليه في المضاف والمضاف إليه» للمحبي، في باب اللام: لخلخانية العراق هي اللكنة في الكلام والعجمة فيه، وفي «حديث معاوية» قال: أي الناس أفصح؟ فقال رجل: قوم ارتفعوا عن لخلخانية العراق، وقيل: هو منسوب إلى «لخلخان»؛ قبيلة، وقيل: موضع. ا.ه.
قلت: لم أعثر على «لخلخان» اسم الموضع في «معجم البلدان» لياقوت، ولا في «معجم ما استعجم» للبكري.
وفي «محاضرات الراغب»، ج1، ص36، فيما يعرض في بعض اللغات من العي: «اللخلخانية: تعرض في أعراب الشحر وعمان.» ا.ه.
وفي «فقه اللغة» للثعالبي ص107 من النسخة رقم 149 لغة: اللخلخانية تعرض في لغات أعراب الشحر وعمان، كقولهم: «مشا الله كان» يريدون: «ما شاء الله كان.»
العجرفية
التقعر والجفاء في الكلام
في «لسان العرب» قال ابن سيده: وعجرفية ضبة، أراها تقعرهم في الكلام. ا.ه. ونقله شارح «القاموس» ولم يذكره صاحب المتن.
وذكرها في «موارد البصائر» ص265 ولم يفسرها، وكذلك في «المزهر»، ج1، ص104، ذكرها الضبة ولم يفسرها.
وكذلك في «خزانة البغدادي»، ج4، ص496.
وفي «محاضرات الراغب»، ج1، ص36: «فيما يعرض في بعض اللغات من العي»: و«العجرفية جفاء في الكلام.» ا.ه.
التضجع
إمالة الحرف إلى الكسر
في «موارد البصائر» ص265 ذكر أنه لقيس، ولم يفسره.
وكذلك في «المزهر»، ج1، ص104، ولم يفسره.
وفي «القاموس»: والإضجاع في القوافي كالإكفاء أو كالإقواء، وفي الحركات، كالإمالة والخفض. ا.ه.
وفي «شرح القاموس»: «يقال: أضجع الحرف أي: أماله إلى الكسر.» ا.ه.
وفي «خزانة البغدادي»، ج4، ص496، ذكره لقيس ولم يفسره.
الفشفشة
لم يذكرها «القاموس» ولا «اللسان».
وذكر صاحب «العقد الفريد» في ج1، ص294، أنها في تغلب، ولم يفسرها.
الغمغمة
عدم تبيين الكلام
لم يذكر «القاموس» ولا شرحه غمغمة قضاعة.
وفي «العقد الفريد»، ج1، ص294، ذكر أنها لقضاعة، ثم قال: وأما الغمغمة فإنها قد تكون من الكلام وغيره؛ لأنها صورة لا يفهم تقطيع حروفها. وأعاد ذكرها وأنها لقضاعة في ج2، ص48، ولم يفسرها.
وفي «خزانة البغدادي»، ج4، ص596: «وأما الغمغمة فقد تكون من الكلام وغيره؛ لأنها صوت لا يفهم تقطيع حروفه.» ا.ه. ثم قال: «والغمغمة ألا يتبين الكلام، وأصله أصوات الثيران عند الذعر، وأصوات الأبطال عند القتال، وقضاعة أبو حي من اليمن، وهو قضاعة بن مالك بن سبأ.»
وفي «ما يعول عليه في المضاف والمضاف إليه» للمحبي، ج3، ص256: «غمغمة قضاعة، الغمغمة: كلام غير بين - قاله رجل من العرب لمعاوية.» ا.ه.
الفراتية
لم يذكرها «القاموس» ولا شرحه، واقتصر في «العقد الفريد»، ج2، ص48، على أنها في العراق، ولم يفسرها.
1
وفي «خزانة البغدادي»، ج4، ص596: «والفراتية لغة أهل الفرات؛ الذي هو نهر الكوفة.» ا.ه.
الفحفحة
جعل الحاء عينا
لم يذكرها «القاموس»، وقال في شرحه في «المستدرك»: ومما يستدرك عليه «الفحفحة» الكلام عن كراع، ورجل فحفاح: متكلم، وقيل: هو الكثير الكلام. واستدرك شيخنا فحفحة هذيل، وهي جعلهم الحاء المهملة عينا. نقلها السيوطي في «المزهر» و«الاقتراح». ا.ه.
وعبارة «المزهر» للسيوطي، ج1، ص109، في باب الرديء المذموم من اللغات: «ومن ذلك الغمغمة في هذيل؛ يجعلون الحاء عينا.» ا.ه.
وهي عبارته أيضا في «الاقتراح» ص99.
وفي «حاشية الاقتراح» لابن الطيب، المسماة «نشر الانشراح» ص442 لم يتكلم على لفظ الفحفحة لبياض بالنسخة، والذي فيها قوله: يجعلون الحاء عينا، ومنه قراءة ابن مسعود: «عتى عين» يعني: حتى حين. ا.ه.
لغة طيئ
قلب الياء ألفا
في مادة «ج ع د» ص95 من «اللسان»: روى قول الراجز:
قد تيمتني طفلة أملود
بفاحم زينه التجعيد
وضبط «طفلة» بكسر الطاء، والصواب فتحها؛ لأن المراد هنا: المرأة الرخصة الناعمة التي في سن الطفولة.
1
وفي مادة «س أ د» ص184: روي لبعضهم:
لم تلق خيل قبلها ما لقيت
من غب هاجرة وسير مسأد
وضبط «لقيت» بثلاث فتحات، ثم جاء بعده «أراد: لقيت وهي لغة طيئ.» قلت: المراد بلغة طيئ أنهم يقولون في مثل لقيه يلقاه: لقاه يلقاه، كما تقدم الكلام عليها قبل هذا، لا أنهم ينطقون بالفعل على ما رسم به في البيت.
ومن المعلوم أن الفعل الناقص إذا كان بالألف، واتصلت به تاء التأنيث سقطت ألفه، فيقال في مثل «رمى وغزا»: «رمت وغزت»؛ فالصواب في البيت: «ما قد لقت»، كما روي في مادة «ل ق ى» وبه يستقيم الوزن.
وفي «همع الهوامع»، ج2، أوائل ص164: قلى يقلى - بفتحهما عند بني عامر - وبقى يبقى - عند طيئ.
وفي «السيرافي على سيبويه»، ج2، ص448 وأواخر ص449: رضا في: رضي.
وقد رأينا من الفائدة بسط الكلام على هذه اللغة الطائية، وجمع ما تفرق فيها من الأقوال وتشعب من الآراء ملتقطة من عدة أسفار، فنقول: ذكر الصرفيون عن طيئ أنهم يجوزون قلب «الياء ألفا» في كل ما آخره «ياء» مفتوحة مكسور ما قبلها؛ وذلك لخفة الألف، وقيده الرضي بألا تكون فتحة الياء فتحة إعرابية، فيقولون في «رضي ورضي - المعلوم والمجهول: رضا ورضا»، وفي «ناصية: ناصاة»، واستشهد غالبهم بقول الشاعر:
نستوقد النبل بالحضيض ونص
طاد نفوسا بنت على الكرم
على أن أصله: بنيت؛ قال التبريزي في شرحه على الحماسة: أخرجه على لغة طيئ؛ لأنهم يقولون في «بقي: بقى، وفي رضي: رضا، وفي بادية: باداة» كأنهم يقرون من الكسرة بعدها ياء إلى الفتحة فتنقلب ألفا. ا.ه.
وقال العلامة البغدادي في «شرح شواهد الرضي على الشافية» عند الكلام على هذا البيت ما نصه: «طيئ يفتح قياسا ما قبل الياء إذا تحركت الياء بفتحة غير إعرابية، وكانت طرفا، فتنقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار بنات؛ فحذفت الألف لالتقاء الساكنين.» قال ابن جني في «إعراب الحماسة»: هذه لغة طائية، وهو كثير إلا أنه ينبغي أن تعلم أن الكسرة المبدلة في نحو هذا فتحة مبقاة الحكم غير منسية ولا مطروحة الاعتداد بها، ألا ترى أن من قال في «بقي: بقى، وفي رضى: رضا» لا يقول في مضارعه إلا يبقى ألبتة، ولو كان الفعل مبنيا عنده على «فعل» أو منصرفا به عن إرادة «فعل» معنى كما انصرف به عنه لفظا لوجب أن تقول في رضا: «يرضو» كما تقول في غزا: «يغزو»، وفي فنا: «يفنو»؛ لأنه عندي من الواوي، وذلك أنه من معنى الفناء للدار ... وغيرها إلى آخر ما ذكره.
ولتوضيح مراد ابن جني ننقل لك ما جاء في تمام عبارته من شرحه على الحماسة، فقد قال بعد استدلاله على أن «فنا» من الواوي ما نصه: «فقولهم إذن: فنا يفنى، ورضا يرضى؛ يريد بذلك على أن الكسرة عندهم في الماضي مرادة معتدة، وفي حكم الملفوظ به ألبتة، بل إذا كانوا قد اعتدوا بحركة العين في نحو: خاف ونام، وإن لم تظهر في العين ألبتة، فأن يعتدوا بكسرة العين - التي تظهر في أكثر اللغات عند أغلب الأحوال - أجدر وأخلق.» ا.ه.
قلت: مراد ابن جني أن يستدل على شيئين في وزن «بقى» الطائية وأمثالها؛ الأول: أنها ليست على «فعل» أصالة، والثاني: أنها ليست على «فعل» محولا عن «فعل» ومقطوعا النظر فيه عن إرادة الكسر، بل هي مع هذا الفتح العارض على عينها في اللفظ لم يزل الكسر ملحوظا فيها، ودليله أنهم قالوا: يرضى في مضارع رضا، ولو كان على «فعل»، أصالة أو منصرفا عن إرادة «فعل» المكسور العين لوجب أن يقال مضارعه: يرضو؛ لأنه واوي، كما قالوا في غزا: يغزو، وفي فنا: يفنو؛ لأن «فنا» عنده من الواوي
2
ولما لم يقولوا فيه إلا «يرضى»؛ دل على أن الفعل لم يزل على «فعل» مكسور العين حكما، وإن كان مفتوحها لفظا.
وإذا ثبت هذا في البعض ثبت في بقية الباب.
بقي هنا أن المفهوم مما تقدم أن هذه اللغة قياسية عند طيئ في الأفعال والأسماء على السواء، ولكن صاحب «اللسان» حكى عن ابن سيده في مادة «ن ص و» أن الناصاة لغة طائية في الناصية، وليس لها نظير إلا بادية وباداة، وقارية وقاراة، وهي الحاضرة، وهو صريح في أنها سماعية في هذه الثلاثة فقط؛ وفيه نظر لأننا رأيناهم ذكروا «الباناة» في البانية، وهي القوس التي لصق وترها بكبدها، ونصوا على أنها طائية، و«الحاناة» في الحانية بمعنى: الدكان، وقال صاحب «اللسان»: إنها كناصية وناصاة، أي: طائية، و«الناحاة» في الناحية. وربما أدى التتبع إلى العثور على غيرها وهو يرجح ما ذهب إليه الصرفيون من قياسها في الأسماء أيضا، والله أعلم.
وفي مادة «ب ق ى» من «اللسان»: «وبقى بقيا، لغة بلحرث بن كعب.» ثم قال في موضع آخر من هذه المادة: «ولغة طيئ: بقى يبقى، وكذلك لغتهم في كل ياء انكسر ما قبلها يجعلونها ألفا، نحو بقى ورضا وفنى.» ا.ه.
وقد أوضح ذلك الشريف الغرناطي في شرحه على «مقصورة حازم» بأن قال: إنها على لغة بلحرث بن كعب أصلا، وعلى لغة طيئ فرع من «فعل»؛ وذلك أنه مطرد في لغتهم تحويل كل ما كان على «فعل أو فعل» من المعتل اللازم إلى «فعل». ا.ه.
وفي «حاشية ابن جماعة» على «شرح الشافية» «للجار بردى» عند الكلام على قوله: «وأما قلى يقلى فلغة بني عامر» ما نصه: «عزا ذلك ابن مالك لطيئ في صورة دعوى أعم، فقال: وطيئ تبدل الكسرة فتحة والياء ألفا نحو: يقلى» قيل: ولم يذكر غيره ذلك عن طيئ، ولم يرو عنهم في يمشي ويرمي ونحوهما يمشى ويرمى. ا.ه.
قلت: الظاهر أن ابن مالك لم يرد إلا ما تقرر في القاعدة السابقة، ولكنه تساهل في عبارته فأوهمت هذا الإيهام، وإنما الذي توسع في هذه اللغة وذكر ما لم يذكروه هو أبو عبد الله التميمي في كتاب «ما يجوز للشاعر في الضرورة» حيث قال: «ومما يجوز له إبدال الياء ألفا في سائر الكلام، فيقول في «أعطيت»: أعطات، وفي «دهي»: دهى؛ وهي لغة لطيئ، فإذا اضطر الشاعر أجرى كلامه عليها. وقد زعم قوم أنه يجوز في الكلام إذا كان من لغات العرب، ومما جاء منه قول الشاعر:
ألا أذنت أهل اليمامة طيئ
بحرب كناصاة الأغر المشهر
3
فقال: كناصاة وهو يريد: كناصية، فأبدل الياء ألفا. ومثله:
لعمرك ما أخشى التصعلك ما بقى
على الأرض قيسي يسوق الأباعرا
فقال: بقى، والوجه بقي. ومثله قول الآخر:
وقد لقت فزارة الفجور
منا ومن مرهفة الذكور
يريد: لقيت، ولكن لما أبدل الياء ألفا، ثم أدخل التاء وهي ساكنة، حذف الألف لالتقاء الساكنين، كما تقول في رمى: رمت، فتحذف الألف التي كانت في لفظ الفعل.
وكذلك يجوز له أيضا أن يفعل في الواو، وحكي أن ذلك في طيئ أيضا، وأنهم يقولون في «قرنوة وترقوة وعزقوة»: قرناة وترقاة وعزقاة، فيصنعون في الواو ما صنعوا في الياء من البدل.» ا.ه.
ولم نقف في كتب اللغة التي بأيدينا إلا على العرقاة في: «العرقوة»، فقد ذكرها «القاموس» و«اللسان» ولم يعزواها لطيئ ولا لغيرها، واستشهد عليها «اللسان» بقول القائل:
احذر على عينيك والمشافر
عرقاة دلو كالعقاب الكاسر
وذكر الأشنانداني في «معاني الشعر» عند تفسر قول الشاعر:
ولما رأت للصبح في غسق الدجى
تباشير لم تستر بما تنبت الأرض
4
رعت ما بقى من ليله ونهاره
تحن إلى بعض ويذعرها بعض
أن «بقى» في البيت لغة طائية، وذكر أن غير طيئ من العرب تكلمت بها، وأنشد قول المستوغر وهو سعدي:
هل ما بقى إلا كما قد فاتنا
يوم يجيء وليلة تحدونا
قلت: وقد جرى المتنبي على هذه اللغة أيضا في قوله:
رأيتك توسع الشعراء نيلا
حديثهم المولد والقديما
فتعطي من بقى مالا جسيما
وتعطى من مضى شرفا عظيما
هكذا خرجه العكبري في شرحه على «الديوان»، وتكلم على هذه اللغة بما لا يخرج عما ذكرناه، واستشهد عليها بقول زيد الخيل:
لعمرك ما أخشى التصعلك ما بقى
على الأرض قيسي يسوق الأباعرا
وزيد الخيل هذا طائي، وقدم على النبي - عليه الصلاة والسلام - في وفد طيئ، سنة تسع، فسماه: «زيد الخير» وهو القائل من هذه القصيدة:
أفي كل عام مأتم تبعثونه
على محمر عود أثيب وما رضا
5
تجدون خمشا بعد خمش كأنما
على سيد من خير قومكم نعى
ومنها:
فلولا زهير أن أكدر نعمة
لقاذعت كعبا ما بقيت وما بقى
والوجه: ما رضي ونعي، وما بقيت وما بقي، ولكنه جاء بها على لغته، على أنه يجوز حمل «ما بقي» في بيت المتنبي على أنه أراد: ما بقي بكسر القاف على اللغة المشهورة، وأسكن الياء تخفيفا لإقامة الوزن، وهي لغة مشهورة ذكرها الإمام ابن مالك في «شواهد التوضيح لمشكلات الجامع الصحيح»، وقال: إن منها قراءة الحسن: «وذروا ما بقى من الربا»، وقراءة الأعمش: «فنسى ولم نجد له عزما»، وإن منها أيضا ما روي عن أبي عمرو من إجازة: «ثاني اثنين» - بالسكون - على ما ذكره ابن جني في «المحتسب». وأما بيت المستوغر الذي أنشده الأشنانداني فالمفهوم من سياق الاستشهاد به أنها رواية مروية فيه.
هذا ما أذكر أنني وقفت عليه من الكلام على هذه اللغة، وبقي أنني رأيت بعض هذه الأفعال مرسوما بالألف في آخره، وبعضها مرسوما بالياء، بلا مراعاة لما كان واويا منها أو يائيا، بل ربما رأيت هذا الخلط في العبارة الواحدة، بل الفعل الواحد إذا تكرر ذكره فيها. والصواب عندي أن يرسم بالألف ما كان واويا، وبالياء ما كان يائيا، على القاعدة المشهورة في الرسم، وهي التي جريت عليها في رسم ما مر من تلك الأفعال.
وقولهم عن طيئ: «إنهم يفتحون ما قبل الياء فتنقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها»، ليس المراد منه انقلابها ألفا في الخط، وإنما المراد في اللفظ، كما قالوا: بانقلاب الياء ألفا في مثل «رمى» لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ لأن أصله «رمى» بفتح الآخر، وهم ما زالوا يرسمونها بالياء.
فإن قيل: ربما كان مراد من يرسمها بالألف مطلقا منع الالتباس؛ لأن ما لا يدل وزن الشعر أو القافية على أنه من تلك اللغة يلتبس باللغة المشهورة ما لم يقيد بالحركات، قلنا: هذا يصح لو أنهم طردوه في جميع الأفعال وقرروا الاصطلاح عليه، أما والحال ما ذكرنا لك، فلا.
وفي «الكشاف»، ج2، ص318: لغة طيئ في «بقي» - من الطبعة الثانية ببولاق التي في ثلاثة أجزاء.
وفي «عبث الوليد» ظهر ص40 شيء من لغة طيئ في مثل «رضا»، وأعاد الكلام في ص52؛ لأن الناسخ أعاد وخلط في الترتيب.
وظهر ص93 منه: استعمال البحتري «بقي» وهو أشبه به في أن يكون استعمل لغة طيئ.
وفي مادة «ورى» من «المصباح»: التوراة: قيل: من التورية، وقلبت الياء ألفا على لغة طيئ. وفيه نظر؛ لأنها غير عربية.
وفي «طبقات الشعراء» للجمحي ص11: «بقى» لغة طيئ، وقد تكلمت بها العرب إلا أنها في طيئ أكثر.
وفي مادة «س ن د» ص205 س18: «والسند مثقل: سنود القوم في الجبل.» وفي حديث أحد: «رأيت النساء يسندن في الجبل»؛ أي يصعدن، ويروى بالشين المعجمة، والمراد بالمثقل: المشدد كما لا يخفى، وليس في لفظ «السند» حرف مشدد إلا بالسين، وهي لا تكون إلا مشددة متى سبقتها أداة التعريف؛ لأنها من الحروف الشمسية، وحكمها معلوم، ولا نرى أحدا يعنى بالنص على مثلها بل أحر بأن يكون النص هنا مدعاة للاضطراب في ضبط الكلمة، إذ قد يتبادر أن التشديد في غير هذا الحرف فيقع الإشكال.
وفي «السيرافي على سيبويه»، ج1، ص71، كون بعض العرب تغلب على جماعة غيرهم لمجاورتهم لهم.
وفي ص218 كون العرب يأخذ بعضهم عن بعض. وفي «خزانة البغدادي»، ج2، ص134: مذحج: قبيلة كبيرة، وذكر ما تفرع منها من القبائل ومنها طيئ، وبنو الحرث بن كعب، قد يتكلم الحجازي بلغة تميم والتميمي بلغة الحجاز، وكلام في ذلك .
وفي «سعود الطالع»، ج1، ص75-76: «لغات في القرآن للقبائل، منها المد الكامل والمد الجائز وفي قصر ألف العلة في أواخر الكلمات بالياء حتى تأخذ طريقها بفتح الياء عند طيئ فتنقلب ألفا، وانقلاب الياء ألفا في لغات الحجاز الذين يتكلمون بلغة تميم لتحركها وانفتاح ما قبلها، وفي قلب الألف ياء كما في لفظ التوراة فينطق بها: التورية، وفيها نظر خاص دون تقييد في الحركات، وكذلك بقلب الألف في الاستفهام هاء، كما جاء في:
أأنتم أشد خلقا
فينطق بها أهنتم ... إلخ. كما استدل على ذلك من المراجع الخاصة بلغات القبائل آنفا.»
Page inconnue