Les Perles Lumineuses dans les Félicitations Sultaniques
اللآلئ السنية في التهاني السلطانية
Genres
وقبل انصراف عظمته من المدرسة جاء حضرة الشيخ عبد الوهاب خلاف من طلبة السنة الرابعة فاستأذن، وألقى بين يديه الكريمتين الخطاب التالي:
مولاي!
للبيت العلوي الكريم على العلم في مصر يد لا تطاول، ومنة لا ينسى ذكرها وشكرها فيه خرجت العقول المصرية من ظلمات الجهالة المذلة إلى نور العلم الذي أوضح للأمة طريق الرقي وأبان لها معالم الحياة، وكان واسطة هذا البيت ساكن الجنان إسماعيل باشا عليه من الله الرحمة والرضوان، فهو الذي تناول الغرس الذي وضعه جدكم العظيم الشأن محمد علي باشا فسقاه وأنماه وبذل جهده العالي في حراسته فلم يلبث أن أينعت زهرته وأثمر. ولقد كنتم له يا مولاي نعم العون الأمين والساعد المتين في نظارة المعارف العمومية.
كان تلاميذ المدارس تنتعش أنفسهم وترتاح أفئدتهم كلما رأوه أمامهم في امتحاناتهم، وكثيرا ما كان بذلك يسرهم، فأقبل أهل مصر على تلك المدارس متسابقين بعد أن كانوا يقادون إليها في عهد جدكم الكريم، لأنهم لم يكونوا بعد قد فقهوا غايتها وأدركوا سر عظمتها.
هذه الشجرة التي غرسها جدكم، وأقام بإتمامها ساكن الجنان والدكم، تبدو اليوم زاهية زاهرة بجلوس مولانا السلطان على عرش آبائه. واثقة أن ستكون في عصره الباهر طويلة الأغصان، وارفة الظلال يستظل بها جميع أبناء هذه الأمة ويجنون من ثمراتها ما يزيدهم في سعادة الحياة أملا. كيف لا وقد كان من أول ما اتجهت إليه إرادتكم السلطانية وعزيمتكم الحسينية تشريف معاهد العلم وإفاضة السرور على قلوب بنيها.
ولمدرسة القضاء الشرعي يا مولاي شرف السبق بهذه الحظوة ونعمة الفوز بهذه العناية، لذلك تعد هذا اليوم بدءا لحياة جديدة سامية، وروح مباركة نامية، تذكره في مستقبل الأيام وستعمل لتحقيق مقاصدكم العالية من خدمة الأمة والوطن، وشعارها الصدق في القول والإخلاص لعرشكم الثابت الأركان. أيد الله ملك عظمتكم بروح من عنده وجعل كلمتكم هي العليا، إنه نعم المولى ونعم النصير.
فالتفت عظمته إلى الحاضرين وقال:
أطلب منكم أن تقولوا آمين آمين وأن يتم الله السعادة للأمة المصرية.
وعلى أثر هذه الزيارة أرسل عظمته إلى فضيلة الأستاذ شيخ الجامع الأزهر ورئيس مجلس إدارة مدرسة القضاء الشرعي الأمر الكريم الآتي:
إن سعادة البلاد لا تتم إلا بالعلم، فيه يحصل التضامن في المنافع دينا ودنيا، فلا تنال الحقوق إلا بالعلم، ولا ينمو المال إلا بالعلم، ولا ترقى الصناعة إلا بالعلم. وبالجملة لا يعلو شأن الأمم في البلاد كلها إلا بالعلم. وحيث كان هذا أهم ما تتجه إليه أفكاري نحو بلادي وأهلها فجعلت وجهتي زيارة المعاهد العلمية حبا لها وحرصا على توسيع نطاقها، فبدأت بجامعنا الأزهر وثنيت بمدرسة القضاء الشرعي التي هي فلذة كبده، فكانت هذه المدرسة ضالتي التي أنشدها فقرت بها عيني وانشرح لها صدري ورجوت لها ومنها خيرا عظيما ونفعا عميما إذ ألغيتها سائرة على الطريق الذي يتوصل منه لسعادة البلاد إن شاء الله، فقد رأيت فيها العناية بالعلوم الدينية والهمة في طلب العلوم الدنيوية لا تمنع إحداهما الأخرى وهذا ما أتمناه لأبناء بلادي، فإنهم كلما تقدموا في العلم بأمور معاشهم ومعادهم انفسح لهم الأمل للتقدم في سبيل النجاح والفلاح. وإني لفي أمل عظيم للحصول على هذه الغاية المطلوبة من هذه المدرسة بهمة حضرات أساتذتها ومدبري شؤونها ومداومة الطلبة على ما شاهدته فيهم من الانقياد لأوامر القائمين بأمورهم فيها. فإن المحافظة على النظام هي نوع من أنواع التعاون على المقاصد الشريفة، وهي المميز بين المتعلم والجاهل.
Page inconnue