كيف تصبح عالما

Ragheb El-Sergany d. Unknown
93

كيف تصبح عالما

كيف تصبح عالما

Genres

أخلاق العلماء وصفاتهم أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فأهلًا ومرحبًا بكم في هذا اللقاء الطيب المبارك، وأسأل الله ﷿ أن يجعل هذا اللقاء في ميزان حسناتنا أجمعين. نستكمل بفضل الله ما كنا قد بدأناه من حديث حول أمة الإسلام بين علوم الشرع وعلوم الحياة، وفي عدد من المحاضرات السابقة ذكرنا الطريق الذي يجب أن يسير فيه من يريد أن يصبح عالمًا بعد ذلك، فكل من أراد أن يكون عالمًا له طريق محدد، وهناك قواعد ثابتة لابد أن يسير عليها ليصبح في النهاية من العلماء. وذكرنا شيئين في غاية الأهمية، وقلنا: إن هذين الشيئين مهمان جدًا لكي تكون عالمًا، سواء كنت مسلمًا أو غير مسلم، سواء كان هذا المسلم تقيًا أم فاجرًا، إذا أراد أن يكون عالمًا فلابد أن يقوم بشيئين: أولًا: يعلم قيمة العلم، يعلم قيمة الشيء الذي يكافح من أجل تحصيله، لو كان العلم في عين الإنسان حقيرًا لم يبذل فيه مجهودًا، وبالتالي لن يصل إلى علم ذي قيمة. وذكرنا أن العلماء غير المسلمين كانوا يؤمنون بقيمة العلم، وكانوا يبذلون الوقت والجهد لكي يحصلوا على نتيجة هذا الشيء الثمين الذي قدروه، وذكرنا الأمثلة من حياة أديسون وحياة كلاشنكوف وغيرهما من العلماء الذين أضافوا الاختراعات إلى الإنسانية. ثانيًا: أن من أراد أن يكون عالمًا لابد أن يعرف أنه لا يستطاع العلم براحة الجسم، لابد أن تعرف أن الطريق إلى العلم طريق صعب، وأن المجهود المطلوب مجهود كبير جدًا، وأوقات طويلة، وأعمار تنفق كلها في سبيل تحصيل هذه الغاية وهي أن تكون عالمًا. هذان الشيئان لابد أن يكونا معك من البداية، لكن من المؤكد أن هناك فرقًا ما بين العالم المسلم والعالم غير المسلم، فهناك صفات معينة لابد أن يتصف بها ويتحلى بها طالب العلم المسلم من البداية، حتى إذا أصبح عالمًا أصبح متصفًا ومتشربًا ومتشبعًا تمامًا بهذه الصفات، لابد أن تكون هناك صفات تفرق هذا العالم المسلم عن غيره من غير المسلمين، هناك ضوابط وأطر شرعية تحكم حياة العالم المسلم، هناك أخلاق يتحلى بها العالم المسلم حتى يقال عنه: هذا عالم رباني، هذا عالم تقي، هذا عالم يعرف الله ﷿، يعرف حقه ويعرف حق العباد، عالم يؤدي وظيفته التي أراد الله ﷿ له أن تكون في الأرض. هذه أخلاقيات هامة جدًا، وبدون هذه الأخلاقيات -للأسف الشديد- كل ما حصلناه من علم وإن أصبحنا علماء يصبح يوم القيامة هباء منثورًا، يصبح العلم وبالًا على الإنسان وحجة عليه. هناك صفات كثيرة جدًا، نحاول اليوم إن شاء الله أن نمر على بعض هذه الصفات، والمجال يحتاج إلى تفصيل، فلو قمنا بمجموعة كاملة من المحاضرات في أخلاقيات العلماء فلن يكفي؛ لأننا نتكلم عن كل أخلاقيات الإسلام الأساسية، فالعالم قدوة لابد أن يتصف بكل ما جاء في الإسلام من أخلاق حميدة، لكن هناك بعض الصفات لابد أن يتصف بها بوضوح، بحيث تصبح غالبة على تكوينه وعلى حياته. والسير في طريق العلم بدون هذه الأخلاق أو في أي طريق يصبح خطرًا شديدًا على الإنسان.

8 / 2