Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence

Groupe d'Auteurs d. Unknown
42

Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence

الموسوعة الفقهية الكويتية

Numéro d'édition

من ١٤٠٤

Année de publication

١٤٢٧ هـ

Genres

وَيَكْفِي لِوُجُوبِ الْعَمَل بِالْحَدِيثِ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِأَنَّهُ صَادِرٌ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقَدْ كَانَ ﷺ يَكْتَفِي بِإِبْلاَغِ دَعْوَتِهِ بِإِرْسَال وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، مِمَّا يَدُل عَلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ يَجِبُ الْعَمَل بِهِ. ثُمَّ نَسْأَل هَؤُلاَءِ: أَيْنَ هِيَ الآْيَاتُ الَّتِي تَدُل عَلَى كَيْفِيَّةِ الصَّلاَةِ، وَعَلَى أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةَ خَمْسٌ، وَعَلَى أَنْصِبَةِ الزَّكَاةِ، وَعَلَى أَعْمَال الْحَجِّ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الأَْحْكَامِ الَّتِي لاَ يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا إِلاَّ مِنْ السُّنَّةِ. وَهُنَاكَ فِرْقَةٌ أُخْرَى لاَ تَقِل خَطَرًا عَنْ هَذِهِ الْفِرْقَةِ تَقُول: إِنَّنَا نَقْبَل السُّنَّةَ كَمَصْدَرٍ تَشْرِيعِيٍّ فِيمَا يَتَّصِل بِالْعِبَادَاتِ، أَمَّا مَا يَتَّصِل بِأُمُورِ الدُّنْيَا مِنْ تَشْرِيعَاتٍ أَوْ سُلُوكٍ فَلَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عَلَيْنَا، وَيَتَعَلَّقُونَ بِشُبْهَةٍ وَاهِيَةٍ، وَهِيَ حَادِثَةُ تَأْبِيرِ النَّخْل، وَحَاصِلُهَا أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ حِينَمَا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَأَى أَهْلَهَا يُؤَبِّرُونَ النَّخْل أَيْ يُلَقِّحُونَ إِنَاثَ النَّخْل بِطَلْعِ ذُكُورِهَا، فَقَال لَهُمْ: لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلَحَ، فَتَرَكُوهُ فَشَاصَ؛ أَيْ فَسَدَ وَصَارَ حَمْلُهُ شِيصًا وَهُوَ رَدِيءُ التَّمْرِ فَمَرَّ بِهِمْ فَقَال: مَا لِنَخْلِكُمْ؟ قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قَال: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ (١) . هَذَا الْخَبَرُ إِنْ دَل عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّمَا يَدُل عَلَى أَنَّ الأُْمُورَ الدُّنْيَوِيَّةَ الَّتِي لاَ صِلَةَ لَهَا بِالتَّشْرِيعِ تَحْلِيلًا أَوْ تَحْرِيمًا أَوْ صِحَّةً أَوْ فَسَادًا، بَل هِيَ مِنْ الأُْمُورِ التَّجْرِيبِيَّةِ، لاَ تَدْخُل تَحْتَ مُهِمَّةِ الرَّسُول ﷺ كَمُبَلِّغٍ عَنْ رَبِّهِ، بَل هَذَا الْحَدِيثُ يَدُل عَلَى أَنَّ مِثْل هَذِهِ الأُْمُورِ خَاضِعَةٌ لِلتَّجْرِبَةِ، وَالرَّسُول ﷺ بِهَذَا كَانَ قُدْوَةً عَمَلِيَّةً لِحَثِّنَا عَلَى أَنَّ الأُْمُورَ الدُّنْيَوِيَّةَ الْبَحْتَةَ الَّتِي لاَ عَلاَقَةَ لَهَا بِالتَّشْرِيعِ يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نَبْذُل الْجَهْدَ فِي مَعْرِفَةِ مَا هُوَ الأَْصْلَحُ مِنْ غَيْرِهِ، وَشَتَّانَ بَيْنَ هَذِهِ

(١) رواه مسلم ببعض اختلاف في ألفاظ الروايات ومنها فقال رسول الله ﷺ: " ما أظن ذلك (يعني التلقيح) يغني شيئا ". قال فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله ﷺ بذلك فقال: " إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخ

1 / 45