وأنفذ مما في الجفون عزائمه
24
كما أن بعض كتب التاريخ تروي حكاية ظريفة عن الخليفة الفاطمي العزيز بالله. فالمعروف أنه استوزر عيسى بن نسطورس، واستعمل على الشام منشا اليهودي، ويقال: إن عيسى ومنشا اشتهرا بمحاباة اليهود والنصارى، وتعيينهم في مناصب الدولة، وإقصاء المسلمين عنها، فتذمر الأخيرون واحتجوا على تلك المحاباة. ويذكر أبو الفدا (2 / 138) في هذه المناسبة أن «أهل مصر عمدوا إلى قراطيس، فعلوهما على صورة امرأة ومعها قصة، وجعلوها في طريق العزيز، فأخذها العزيز، وفيها مكتوب: «بالذي أعز اليهود بمنشا، والنصارى بعيسى بن نسطورس، وأذل المسلمين بك، ألا كشفت عنا»؛ ولكن غيره من المؤرخين يذكرون أن هذه المظلمة كانت تحملها امرأة رغبها الشاكون بالمال لتعترض الخليفة. ويذكر ابن إياس أن بعض الناس عمد إلى مبخرة من حديد وألبسها ثياب النساء، وزينها بإزار وشعرية، وجعل في يدها قصة على جريدة، وكتب فيها «بالذي أعز النصارى ... إلخ.»
25
ويروي المقريزي أن الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله بنى في بركة الحبش منظرة من خشب مدهون، وصور لها فيها شعراؤه، ثم طلب من كل واحد منهم قطعة من الشعر في المدح، كتبت بجوار صورته، وجعل إلى جانب كل صورة رف لطيف مذهب، فلما دخل الآمر وقرأ الأشعار، طلب أن توضع على كل رف صرة مختومة فيها خمسون دينارا، وأن يدخل كل شاعر فيأخذ صرته بيده. ففعلوا ذلك .
26
بيد أن النماذج التي وصلت إلينا من صناعات النقش والتصوير والحفر نادرة جدا، ولعل أهمها الآن النقوش المرسومة على الجص، والتي وجدت على جدران الحمام الفاطمي،
27
الذي عثرت عليه دار الآثار العربية سنة (1932) في الحفائر التي تقوم بها للتنقيب عن الآثار بجوار أبي السعود في جنوبي القاهرة،
28
Page inconnue