أو غير ذلك.
وقد كان للقواد نصيب وافر من الخلع، فالمعروف مثلا أن العزيز بالله ركب لرؤية الجند الذين أعدهم بقيادة منجوتكين التركي للسير سنة (381ه/1991م) إلى حلب لإخضاع ابن سعد الدولة، ثم عاد فخلع على منجوتكين، وحمل إليه عشرة أحمال مال، فيها مائة ألف دينار، ومائة قطعة من الثياب الملونة على أيدي خمسة وعشرين غلاما، وعشر قباب بأغشية ومناطق مثقلة وأهلة وفروش وخمسين بندا.
32
وكانت الكسوات التي تخلع على وجوه الدولة ترفق ببراءات أو رقعات من ديوان الإنشاء، وقد حفظ لنا المقريزي صورة رقعة من هذه الرقعات كتبها ابن الصيرفي،
33
مقترنة بكسوة عيد الفطر من سنة (535) هجرية، وهذا نصها: «ولم يزل أمير المؤمنين منعما بالرغائب، موليا إحسانه كل حاضر من أوليائه وغائب، مجزلا حظه من منائحه ومواهبه، موصلا إليهم من الحياء ما يقصر شكرهم عن حقه وواجبه. وإنك أيها الأمير لأولاهم من ذلك بجسيمه، وأحراهم باستنشاق نسيمه، وأخلقهم بالجزء الأوفى منه عند فضه وتقسيمه؛ إذ كنت في سماء المسابقة بدرا، وفي موائد المناصحة صدرا، وممن أخلص في الطاعة سرا وجهرا، وحظي في خدمة أمير المؤمنين بما عطر له وصفا، وسير له ذكرا، ولما أقبل هذا العيد السعيد، والعادة فيه أن يحسن الناس هيئتهم، ويأخذوا عند كل مسجد زينتهم، ومن وظائف كرم أمير المؤمنين تشريف أوليائه وخدمه فيه، وفي المواسم التي تجاريه، بكسوات على حسب منازلهم، تجمع بين الشرف والجمال، ولا يبقى بعدها مطمح للآمال، وكنت من أخص الأمراء المقدمين ...»
34
وقد نقل المقريزي عن كتاب الذخائر أن بعضهم قدر المنسوجات النفيسة التي أخرجت من خزائن القصر في سني الشدة أيام المستنصر، بما يزيد على خمسين ألف قطعة من الديباج الخسرواني
35
الفاخر، وكان أكثرها مذهبا. وقيل: إن أبا سعيد النهاوندي دون غيره من الدلالين الذين وكل إليهم بيع التحف أمام أبواب القصر، باع في مدة قصيرة أكثر من عشرين ألف قطعة من الخسرواني. كما نقل المقريزي أيضا أن ناصر الدولة زعيم الجند التركية أرسل يطالب المستنصر بما بقي لغلمانه، فذكر الخليفة أنه لم يبق عنده شيء إلا ملابسه، فأخرج ثمانمائة بدلة من ثيابه بجميع آلاتها كاملة، فقدرت قيمتها وحملت إلى الأمير المذكور.
Page inconnue