96

كن صحابيا

كن صحابيا

Genres

التزام عمر بن الخطاب بأفعال النبي مع عدم ظهور الحكمة له منها من أمثلة ذلك: ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عمر بن الخطاب ﵁: (أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله، فقال: والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي ﷺ يقبلك ما قبلتك)، هذه الجملة من الفاروق تنفع دستور حياة ومنهج حياة. فالرسول ﷺ إذا عمل عملًا ينبغي للمسلم أن يعمله، حتى ولو لم يفهم الحكمة من ذلك، وكذلك الأمر إذا منع النبي ﷺ شيئًا أو كرهه، ولذا كانت الحياة سهلة عند الصحابة، ومواطن الحيرة كانت عندهم قليلة جدًا، فيصبح كل الهم هو البحث عن فعل الرسول أو قول الرسول ﷺ، فإذا عرفوا رأيه في أي مسألة من المسائل زال الإشكال، وتصير الرؤية واضحة. مثال آخر: ما رواه البخاري عن عمر ﵁ أنه قال: فما لنا وللرمل؟ فما لنا وللرمل؟ إنما كنا راءينا به المشركين، وقد أهلكهم الله، والرمل هو: الإسراع مع تقارب الخطى، وهو من مناسك الحج، وفي رواية يقول: فيم الرمل والكشف عن المناكب، أي: عن الأكتاف، وأول ما كان هذا في عمرة القضاء، في السنة السابعة، وذلك أن الرسول ﷺ كان يريد أن يري الكفار قوة المسلمين، فأمر الصحابة بالكشف عن الأكتاف، والجري الخفيف الذي هو كالجرية العسكرية؛ وذلك حتى يخوف المشركين من قوة المسلمين، لكن بعد ذلك ظن عمر أن الشرك قد انتهى، وأنه لا يوجد مشركون، وكل الجزيرة قد أسلمت، وكل الحجاج مسلمون، وعليه فلا فائدة من الرمل والكشف عن المناكب، فهذا كان ظن عمر في بداية الأمر، ثم رجع لنفسه فقال: شيء صنعه النبي ﷺ فلا نحب أن نتركه. أي: شيء عمله النبي ﷺ فلا بد أن نعمله، حتى ولو كان العقل يقول غير ذلك، فالمهم أن أعمل ما عمله النبي ﷺ.

9 / 13