في كتاب بلوتارخ «حياة أنطونيو» طوال الاستعداد للمعركة (60) تظهر كليوباترا بأنها لا تأخذ الأمور على محمل الجد، وفي الفصل 63 تلام على القرار المصيري بمحاربة أوكتافيان في البحر بدلا من البر؛ فقد تكون لدى أنطونيو قوة أكبر. لا تظهر كليوباترا فعليا في وصف المعركة، إلا في أواخر الفصل 66 عندما أدارت سفنها وتركت المعركة، ويشتهر أنطونيو بلحاقه بكليوباترا؛ ومن ثم هزم الزوجان على يد أوكتافيان والأسطول الروماني. وفقا لما يقوله بلوتارخ، بعد معركة أكتيوم وبعد فترة قصيرة من الاكتئاب (67 و69)، عاد الزوجان إلى الإسكندرية وإلى نمط حياتهما المستهتر. حلت رابطة «محبي الحياة المتفردين» وتكونت «رابطة الذين لا يفرقهم الموت»، وفي إشارة أخرى لتقبل كليوباترا للوضع القائم، يقول إنها بدأت في تجميع المخلوقات السامة واختبار سمها على المساجين (71).
يبدأ ديو (1) بوصف المعركة البحرية التي اندلعت في الثاني من سبتمبر. وعقب هروب أنطونيو وكليوباترا يقول إن أوكتافيان أرسل من يطاردهما لكنه عندما أدرك أنه لن يمسك بهذين الهاربين حول انتباهه إلى مؤيديهم والقوارب المتبقية، التي استسلمت دون قتال. في الفصل السادس لا يظهر أنطونيو وكليوباترا على أنهما رهينتان مكتئبتان وإنما يقال إنهما كانا يستعدان للحرب. ويظهر ديو أن خطتهما الاحتياطية كانت تتمثل في الإبحار إلى إسبانيا وتحريك ثورة فيها أو الذهاب إلى البحر الأحمر وشن حرب على روما من هناك. وتظهر كليوباترا أنها الأكثر خداعا. ويقول إنها أرسلت صولجانا وتاجا إلى أوكتافيان إشارة إلى أنها تقدم إليه مملكتها. يقول ديو إنها كانت تأمل أن يشفق عليها (على الأرجح لكونها امرأة). ثم يقول: إن أوكتافيان، بعد قبول الهدايا، عرض عليها صفقة بأنها إذا قتلت أنطونيو فسيعفو عنها ويتركها تحكم مصر.
يذكر ديو (7) قائمة بالحلفاء المزعومين الذين تخلوا عن أنطونيو وكليوباترا والذين استمر ولاؤهم لملوكهم. ويتحدث عن يأس كل من أنطونيو وكليوباترا في الفصل الثامن؛ إذ يقول إنهما أرسلا مبعوثين واحدا تلو الآخر يذكران أوكتافيان بصداقتهما معه ويعرضان عليه ثروة ضخمة. قبل أوكتافيان هدايا من ابن أنطونيو أنتيلوس لكنه لم يرسل إليه شيئا في المقابل. في حين يقول إنه في حالة كليوباترا «أرسل إليها كثيرا من التهديدات والوعود على حد سواء». يدعي ديو أن كليوباترا «جمعت كل ثروتها في قبرها، الذي كان يبنى على أراض ملكية، وهددت بإحراق نفسها معها كلها إذا فشلت في الحصول على أبسط مطالبها.» عندما أدرك أوكتافيان أنه لم يكن أفضل من يتفاوض مع الملكة، التي تظهر طبيعتها غير العقلانية في هذه الفقرة، أرسل أوكتافيان رجلا أعتق من الأسر اسمه ثيرسس ليتفاوض معها. يدعي ديو أيضا أن ثيرسس كان يفترض به أن يخبر الملكة أن «أوكتافيان يحبها» أملا في أن تترك أنطونيو لأنها «كانت تظن أنها تستحق أن يحبها كل البشر».
بعد فاصل قصير عن تحركات أنطونيو، عاد ديو إلى الحديث عن كليوباترا وأوكتافيان، وذكر استيلاء أوكتافيان على مدينة الفرما، التي سقطت «ظاهريا بسبب اجتياح الجنود لها، لكن السبب الفعلي في سقوطها كان خيانة كليوباترا». ويقول: إن السبب الرئيسي في ترك الملكة لهذه المدينة هو أنها كانت تعتقد أن أوكتافيان يحبها. ويواصل ديو حديثه قائلا إنه عند دخول أوكتافيان الإسكندرية منعت الملكة أهالي الإسكندرية من مهاجمته؛ لأنها «لم تتوقع الحصول على عفوه والسيادة على المصريين فحسب، وإنما على الإمبراطورية الرومانية بأكملها».
من ناحية أخرى، يذكر أن مارك أنطونيو (10) حاول منع أوكتافيان من الاستيلاء على الإسكندرية بالقوة والرشوة، عن طريق قذف منشورات على مخيم أوكتافيان يعرض فيها على جنود الأخير مكافآت إذا تركوا جيشه. هزم أنطونيو على البر وفي مساعيه لرشوة رجال أوكتافيان؛ لذا عاد إلى أسطوله، كما يرد، عازما على الاستعداد إما لمعركة بحرية أخرى أو الهروب إلى إسبانيا. ويقال إن رد فعل كليوباترا تمثل في حل الأسطول؛ مما يشير إلى عدم اتفاق بين الحبيبين. في ذلك الوقت حبست كليوباترا نفسها في ضريحها. كان تفسير ديو لترك كليوباترا لأنطونيو أنها كانت تأمل أن ينضم إليها. وفي تحليل نفسي لتصرف كليوباترا يقول ديو إنها كانت تأمل أن ينهي أنطونيو حياته عند سماعه لخبر وفاتها.
يقول ديو (15) إن أوكتافيان عفا عن أهالي الإسكندرية والمصريين الذين أيدوا كليوباترا. يواصل ديو حديثه فيذكر بعد الاستيلاء على مصر:
لم تمطر السماء ماء فقط في مكان لم تكن تسقط فيه قطرة ماء من قبل، وإنما أمطرت دماء، وظهرت ومضات من الدروع في السحب التي أمطرت هذه الدماء. وفي الأماكن الأخرى كان يدوي صوت قرع الطبول والصنج وموسيقى المزامير والأبواق، ثم ظهرت لهم فجأة أفعى هائلة الحجم وأصدرت صوت فحيح يصم الآذان. في الوقت نفسه شوهدت مذنبات وظهرت أشباح رجال أموات، وعبست التماثيل، وخار أبيس منتحبا وانخرط في البكاء. (ترجمة ثاير، طبعة لوب)
يقال إن كليوباترا أخذت كل القرابين حتى من «الأضرحة المقدسة»، وقد ذكر يوسيفوس هذه الفكرة أيضا.
يحتوي كتاب يوسيفوس «الحرب اليهودية» 20. 1. 389-391، و22. 3. 440 على إشارات إلى كليوباترا عقب حرب أكتيوم؛ ففي 20. 1 يقول: إن هيرودس قال:
عندما لم أعد حليفا مفيدا (عقب معركة أكتيوم)، أصبحت أقرب مستشار له [مارك أنطونيو]، وأخبرته أن الحل الوحيد لمشكلاته هو موت كليوباترا. ووعدت بإعطائه المال، وتوفير مكان لحمايته وجيش وأن أقف بجواره كرفيقه في ساحة المعركة ضدك يا أوكتافيان، شريطة أن يقتلها فحسب. لكن يبدو أن شيئا من هذا لم يدخل أذنيه بسبب افتتانه بكليوباترا وبتدبير من الرب الذي منحك السيادة. (ترجمة ثاير، طبعة لوب)
Page inconnue