في سياق هذا الكتاب يبدو من الملائم أكثر استعراض التطورات الدينية التي حدثت في عهد سيدات الأسرة الحاكمة (لمزيد من المعلومات انظر أشتون 2003أ: 115-142). عقب وفاة بطليموس الأول وبرنيكي الأولى أعطاهما ابنهما بطليموس الثاني صفة الآلهة. وتأسست عقيدتهما؛ عقيدة الآلهة المخلصة (سيوي سوتيريس) في الإسكندرية، لكنها كانت منفصلة عن عقيدة الإسكندر. في الواقع لم ترتبط عقيدة الآلهة المخلصة بعقيدة الإسكندر التي كانت العقيدة الرئيسية للأسرة الحاكمة إلا في عهد الإصلاحات التي أدخلها بطليموس الرابع (هولبل 2001: 169-170؛ فريزر 1972: المجلد الأول، 218)، عندما بني قبر جديد للإسكندر وبني هرم فوقه (لوكان
vii ، 692-699؛ فريزر 1972: المجلد الأول، 16؛ المجلد الثاني 35 رقم 83)، وكانت هذه العقيدة ذات طابع إغريقي. فكان كاهن الإسكندر والبطالمة فيما بعد، مع كاهنات الملكات المختلفات يستخدمون في جميع صيغ التأريخ الرسمية والقانونية. أما عقيدة الأسرة المصرية الحاكمة، التي تظهر في المعابد المصرية والسياقات الأخرى، فكانت ذات كيان مختلف تماما. يوضح نقش بارز في معبد حورس في إدفو تسلسل عقيدة أسرة البطالمة الحاكمة جيدا (شكل
6-1 ).
شكل 6-1: نقش بارز يظهر العقائد الملكية، معبد حورس في إدفو.
كانت أرسينوي الثانية أول سيدة بارزة في هذه الأسرة، فكانت أخت بطليموس الثاني وزوجته الثانية وحكمت مع أخيها منذ نحو عام 275 حتى 270 قبل الميلاد. وقد ظهرت عقيدة ثانية للحاكمين بطليموس الثاني وأرسينوي الثانية وهي الآلهة الإخوة (ثيوي أدلفوي) وارتبطت، على عكس عقيدة والديهما، بعقيدة الإسكندر الملكية السكندرية. أسس بطليموس الثاني عقب وفاة أخته عبادة خاصة بأرسينوي الثانية تمثلها كاهنة خاصة تدعى كانيفوروس وتحمل سلة، وقد انضمت إلى عقيدة الإسكندر الملكية. افتتحت معابد جديدة لأرسينوي في الإسكندرية والفيوم وأماكن أخرى في مصر. كذلك بنيت معابد أخرى لها في ممتلكات البطالمة خارج البلاد؛ فعلى سبيل المثال، خصص بطليموس الثاني معبدا مستديرا لأخته في جزيرة ساموثريس في اليونان. تظهر أرسينوي في الزخارف البارزة في معبد الإلهة المصرية إيزيس في فيلة (شكل
6-2 ) بصفتها عضوا مكتملا في أسرة الآلهة العظماء المصريين. تظهر واقفة خلف إيزيس وتتسلم القرابين من أخيها وزوجها بطليموس الثاني، وترتدي تاجها المميز وكتب اسمها باللغة الهيروغليفية داخل خرطوشة. تظهر الإشارات النصية أن معابد الملكة في الفيوم كانت مميزة عن معابد الآلهة الإخوة (كواجبر 1988: 43-44؛ فريزر 1972: المجلد الأول 228). وبالإضافة إلى المعابد الخاصة بهذه الآلهة الجديدة، شاركت تلك الآلهة في معابد الآلهة الأخرى. كان الإله المشارك في المعابد يظهر داخل المعابد المخصصة للآلهة الرئيسية الأخرى. كانت هذه وسيلة موفرة لتأسيس عقيدة جديدة بدلا من بناء معابد جديدة. هذا ويخصص كاهن لهذه العقيدة أو يشرف عليها الكهنة الموجودون بالفعل بدلا من بناء معابد جديدة على شرف الإله الجديد. كذلك كانت تسمى قرى على اسم هذه الآلهة الجديدة .
شكل 6-2: نقش بارز يظهر أرسينوي الثانية، معبد إيزيس في فيلة.
في صيغ التأريخ يشير بطليموس الثالث دوما إلى الآلهة الإخوة على أنهما والداه، رغم أن أرسينوي الأولى كانت والدته؛ فيمكننا رؤية تقبله السريع لهذه الملكة واستعداده للارتباط بها واضحا على البوابة الموجودة أمام معبد خونسو في الكرنك (شكل
6-3 )، التي يظهر عليها بطليموس الثالث وهو يقدم القرابين إلى والده بطليموس الثاني وعمته وزوجة أبيه أرسينوي الثانية. في القرن الثاني قبل الميلاد، عقب وفاة بطليموس السادس استمرت كليوباترا الثانية في الحكم مع بطليموس الثامن لكن الملك اتخذ زوجة ثانية، وهي كليوباترا الثالثة ابنة أخته كليوباترا الثانية. في عام 132 / 131 قبل الميلاد نظمت كليوباترا الثانية ثورة ضد أخيها ونصبت نفسها ملكة على مصر العليا، ومنحت نفسها ألقاب الملكة كليوباترا، الإلهة المحبة لوالدتها (فيلوميتور)، والمخلصة (سوتريا)؛ ومن ثم أعادت إحياء اللقب الذي استخدمته مع بطليموس السادس (وايتهورن 1994: 118).
شكل 6-3: نقش بارز من بوابة خونسو، الكرنك.
Page inconnue